غزة / سما / ... وفي إطار الحملة الظالمة التي تشنها فضائية الجزيرة على منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية، استغلت ما يعانيه شعبنا الفلسطيني من جراء الحصار الذي أقدمت عليه الدولة العبرية، خاصة بعد الانقسام وإثر سيطرة حركة حماس، لكي تفتح ملف المعابر في ظل "كشف المستور" مستخرجة بعض النصوص والمقتطفات من وثائقها، لتشير الى أن الحكومة الفلسطينية برئاسة رئيس الوزراء سلام فياض، تصدت لفتح المعابر من قبل اسرائيل، وأوحت الجزيرة من خلال هذه الوثائق المزعومة، إن اسرائيل ليس لها يد في هذا الحصار، وانما الامر يعود الى الحكومة الفلسطينية، وخرج الاحتلال بريئاً من جرائمه بما فيها الحصار الذي فرضه على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة.المقتطفات التي أذاعتها الجزيرة بهذا الخصوص، كانت من اكثر ما أقنع المشاهدين، من ان هناك تلاعباً في سرد مضمون الوثائق، واقتباساتها المختارة لتأييد وجهات نظرها كانت اكثر دلالة وهي تتناول هذا الامر الحيوي، ذلك ان الجمهور الفلسطيني خاصة في قطاع غزة، تابع مسألة المعابر لحظة بلحظة، كونه يخضع تحت ضغوط الحصار، لذلك، فإنه كان يعلم حقيقة ما يجري من مفاوضات واتصالات، قادتها القيادة الفلسطينية مع كافة الاطراف ذات العلاقة، اسرائيل والاتحاد الاوروبي على وجه الخصوص، كما كان على اطلاع وادراك بمواقف مختلف الاطراف من هذا المحور الاساسي الذي يتعلق بلقمة العيش للمواطن الفلسطيني في قطاع غزة.لذلك، فإن هذا المحور كان من اكثر المحاور التي عجزت الجزيرة، من خلال وثائقها المزعومة، عصية على التصديق والاقناع، بل كان هذا المحور، احد اهم اخفاقاتها في أن تقنع الجمهور بوثائقها، وسجل اهم اخفاقاتها على صعيد تسويق مزاعمها وفضحت عقلية المؤامرة التي انتهجتها مستغلة شغف الجمهور للاطلاع على ما هو مخفي ومستور وحالة الاستقطاب الداخلي الفلسطيني وفشل المفاوضات، وتوجه القيادة الفلسطينية الى مجلس الامن بهدف عزل اسرائيل وأدائها برنامجها الاستيطاني، فضحت هذه العقلية الاهداف الدنيئة لنشر وثائق تعاملت معها القناة بتحريف متعمد لخدمة رؤيتها وسياستها.لقد تعاملت السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومتها بمسؤولية عالية تجاه شعبها في قطاع غزة، اذ رغم الحصار الاسرائيلي، والانقسام السياسي، فبذلت كل جهد مع كافة الاطراف في محاولة منها لوقف الحصار، وجندت كافة وسائلها السياسية، واتصالاتها وحواراتها لهذا الهدف، في الوقت الذي أمدت فيه قطاع غزة، بكل ما أمكن، سواء باستمرار دفع رواتب موظفيها، او دعم القطاع الخاص، ودفع مستحقات أهالي الشهداء والجرحى والشؤون الاجتماعية وتزويد المستشفيات بالأدوية والاجهزة، ودفع فروق تكاليف الكهرباء الباهظة، وأكثر من ذلك بكثير، كونها – السلطة الوطنية وحكومتها – مسؤولة عن شعبها الذي يقع تحت ولايتها وهي تقوم بذلك، ليس منّة منها، بقدر احساسها بالواجب والمسؤولية، وما كان بالإمكان التخلي عن هذا الواجب وهذه المسؤولية في الوقت الذي يعاني الجمهور الفلسطيني من جراء الحصار الظالم والانقسام السياسي.ولعل شهادتي شخصيتين بارزتين، من قطاع غزة، د. إياد السراج، ورجل الأعمال مأمون ابو شهلا، والتي نشرت على الملأ، ليس فقط رداً على تحريفات قناة الجزيرة، بل ايضاً لإمداد المواطن الفلسطيني بتفاصيل الجهد الذي بذلته حكومة فياض لكسر الحصار، وأكثر من ذلك، كي يعلم الجميع في الداخل والخارج ان اسرائيل التي قررت حصار قطاع غزة، باعتبارها "اقليماً معادياً" هي التي تتحمل مسؤولية إخفاق هذه الجهود، وحالت دون كسر الحصار بالكامل، فقد كشفا عن المشروع الذي تقدم به د. سلام فياض لإعادة فتح المعابر قبل نحو عامين، وانه، رئيس الحكومة، تحدث بهذا الشأن مع اللجنة الرباعية عبر ممثلها توني بلير، ومع كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الاميركية في الادارة السابقة، وانه حصل على موافقتهما على المشروع الذي كانت حركة حماس على علم به، والتي ايضاً لم تعارضه علناً، لتفويت الفرصة على اسرائيل التي رفضت هذا المشروع الذي كان يقضي بتشكيل ادارة جديدة للإشراف على المعابر في قطاع غزة لها صفة استقلالية، وكشركة خاصة كتلك التي تشرف على معابر ومنافذ وموانئ مطارات عديدة في العالم.في هذه الشهادة ما يشير، الى ان حركة حماس وافقت على تفاصيل هذا المشروع الذي تم تأكيده من قبل كل من هولندا والنرويج، وبموجب ذلك، وافقت حركة حماس على الانسحاب الى خط شارع صلاح الدين، من أجل فتح المعابر بإشراف هذه الجهة المستقلة، لكن الرفض جاء كما في كل مرة من قبل اسرائيل.ما اشارت اليه وثائق الجزيرة، هو ان سلام فياض، كان عائقاً أمام فتح المعابر، ما يخلي المسؤولية الاسرائيلية عن فشل الجهود لفتحها وانهاء الحصار وعلى ضوء هذه الصورة، فعلى الأرجح ان الوثائق المشار اليها تضمنت رفض فياض فتح المعابر في ظل عدم وجود للسلطة، او عدم القبول بشركة مستقلة تشرف عليها وتديرها، ولو اكتملت صورة الوثيقة المحددة بالكامل، لكان بالامكان الاطلاع على حقيقة الموقف الفلسطيني، الا ان اجتزاء سطر من هنا، وفقرة من هناك، يجعل الحقيقة غائبة لصالح رؤية سياسية تهدف الى فتنة اضافية وتشجع الاطراف المعيقة للمصالحة الفلسطينية تتخذها مبرراً لاستمرار رفضها لإنجاز هذه المصالحة.واذا ما تحدثنا عن مصلحة السلطة الوطنية الفلسطينية في انهاء حالة الحصار، فيمكن الاشارة الى ان استمرارها، يجعل المواطن الفلسطيني في قطاع غزة، منهمكاً في البحث عن ما يسد حاجته من كافة ما ينقصه من مواد نتيجة للحصار، على حساب اهتماماته النضالية والوطنية، وفي الطليعة منها، انهاء حالة الانقسام، ومواجهة الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة، ناهيك ان استمرار حالة الحصار هذه، يزيد من ضعف السلطة الوطنية، سواء لجهة العملية التفاوضية، او لجهة برنامج التنمية وبناء البنية التحتية للدولة الفلسطينية المرتقبة، اذ ان هناك نجاحات واضحة في الضفة الغربية على هذا الصعيد، الا ان الحصار يمنع حكومة فياض من ترجمة هذا البرنامج في قطاع غزة.www.hanihabib.nethanihabib272@hotmail.com هاني حبيب