نعتقد أن النقطة الأهم في لقاء الرئيس الفلسطيني بالرئيس المصري اليوم أو غداً يجب أن تكون التهمة التي أطلقها السيد حبيب العادلي وزير الداخلية بجمهورية مصر العربية حول تورط ما يسمى بجيش الإسلام المتواجد في غزة بجريمة التفجير الدامية قرب كنيسة القديسين بالإسكندرية وراح ضحيتها عدد من القتلى والجرحى من المسيحيين والمسلمين.إن وضع هذه النقطة على رأس أجندة لقاء الأخ محمود عباس مع الرئيس المصري يأتي نتيجة الخطورة الشديدة التي تتسم بها تصريحات الوزير المصري والتي أكد فيها امتلاك أجهزته أدلة دامغة على ضلوع هؤلاء في الجريمة التي رفضها الشعب الفلسطيني وأدانها بشدة.جيش الإسلام يتبع القاعدة ويأتمر بأوامرها،، هكذا قالت التصريحات والبيانات التي سربت للإعلام، وهذا يعني أن تنظيم القاعدة يتواجد في قطاع غزة وله امتدادات هناك الأمر الذي يجعل قطاع غزة هدفاً لكثير من الدول التي تزعم مكافحة ما يسمى بالإرهاب بقيادة أمريكا.طاهر النونو الناطق باسم حركة حماس وحكومتها في غزة نفى التهمة عن غزة وأبدى استعداد حكومته للتعاون في الكشف عن مرتكبي الجريمة وتقديمهم للعدالة، وإلى هنا فالموقف الفلسطيني الصادر من غزة سليم ولا غبار عليه.نعود للقاء بين الرئيسين كما ذكرنا ولماذا يجب أن يتناول رئيس السلطة الفلسطينية هذا الموضوع مع المصريين باعتباره الأهم، الأمر يتعلق بكل السياسة التي تعتمدها الحكومة المصرية في التعاطي مع الشأن الفلسطيني والتي يجب أن تتغير باتجاه الأفضل سواء ما يتعلق منها بالشأن الأمني أو ما يرتبط بالدور المصري تجاه إرباكات الوضع الفلسطيني الداخلي.الرئيس عباس عليه أن يشرح بعمق وشفافية أوجاع شعبنا تجاه هذه السياسة، كما المديح والشكر الذي تتلقاه الحكومة المصرية من الجانب الفلسطيني على أبسط التسهيلات التي تقدمها له.الموضوع هنا ليس اشتباك على الحدود يمكن أن تتهم فيه جهات فلسطينية بقتل جندي مصري أو ما شابه، ويجري التحريض من خلاله على أهلنا في قطاع غزة وليس على حركة حماس فقط، بل المسألة أكبر من ذلك بكثير وستكون لها تبعات خطيرة على العلاقات بين مصر وغزة بالإضافة إلى التعقيد والإرباك الذي ستتسبب فيه هذه التهمة على الصعيد الفلسطيني الداخلي.هذا من زاوية النظر لعقابيل الموضوع بالمعنى العربي، لكن التهمة ستستدرج تدخلاً أجنبياً ربما يتأخر قليلاً لكنه سيحدث بهذه الطريقة أو تلك تحت عنوان "مكافحة الإرهاب" وضرورة تنظيف قطاع غزة من الإرهابيين الذين يلبسون ثوب الدين حسب التعبيرات الدارجة.إن المطلوب من الإخوة في جمهورية مصر العربية أن لا يجري تناول هذه المسألة وشبيهاتها بالشكل العلني طالما احتوت على اتهامات لجهة من قطاع غزة في ظروف التحضير الاسرائيلي للعدوان عليه ومنح الطرف المعادي والمتربص بنا المبرر أو أحد مبررات عدوانه المرتقب.كان من الأفضل لو احتفظ وزير الداخلية المصري بما قاله في المؤتمر الصحفي إلى أن ينتهي التحقيق ويجري القبض على الفاعل أو المحرض ومن ثم يخرج على الناس وهو يمسك بكل تفاصيل الجريمة والمنفذين، ففي هذه الحالة لا تتسع الدائرة فتطول كل غزة المنهكة والمحاصرة.الرئيس الفلسطيني لابد أن يوضح لرئيس الشقيقة مصر التي يحبها الشعب الفلسطيني ويحفظ لشعبها كل مشاعر الأخوة، ولشهدائها كل التقدير والاحترام، يوضح له أن هذه الطريقة وهذا الأسلوب لا يسيء فقط لعلاقة الشعبين ببعضهما (وهو هدف البعض على ما يبدو) بل ويضع غزة في النار، ولا يخدم الأمن المصري على الإطلاق.ومن جانب الفلسطينيين وقيادتهم المنقسمة ولا ترغب في المصالحة فمن الحكمة (إن بقي شيئاً منها لديهم) أن يسارعوا لعقد اجتماعات على أعلى مستوى لمناقشة الأمر والاتفاق على أسلوب وخطة واحدة لمعالجة الأمر في غزة وفي أي مكان يظهر فيه التطرف الديني.على أكتاف قضيتنا ترزح أحمال كبيرة من مختلف العيارات والألوان السياسية والعقائدية وغيرها، وليس معقولاً أن نضيف لها حملاً ثقيلاً كهذا.إن إنهاء مظاهر التطرف الديني في غزة والضفة هو واجب وطني والأهم إنهاء كل حالة تنظيمية ترعى هذا التطرف وتنميه، وطبعاً بالقانون وبطريقة سلمية تستهدف اقتلاعه من أرضنا بالكلمة الحسنة والتثقيف الذي بات ضرورياً لمواجهة حالات محدودة موجودة الآن ليس من بينها القاعدة. إن ثقتي بعدم وجود تنظيم القاعدة في غزة لا يعود للاستنتاجات أو من خلال المعلومات المتوفرة لدي، بل إلى كوني زرت غزة قبل أقل من شهرين واستطلعت الأمر وسألت وكانت النتيجة عدم وجود القاعدة، ورفض شعبنا القاطع لهذا الوجود.غزة ليست حدود الأمن القومي المصري بل تقع في نطاقه ومن هنا فإن الحفاظ على غزة يعني الحفاظ على أمن مصر القومي.