خبر : عربة فيروز وعربة البوعزيز .. د. محمد صالح المسفر

الثلاثاء 18 يناير 2011 06:20 ص / بتوقيت القدس +2GMT
عربة فيروز وعربة البوعزيز .. د. محمد صالح المسفر



(1) عندما تناقلت وسائل الإعلام مأساة الشاب محمد البوعزيز إلى إحراق نفسه احتجاجا على الظلم والقهر والحرمان الذي سببه لحياته وأسرته والشعب التونسي بوجه عام النظام الظالم بقيادة زين العابدين بن علي غضب الشعب التونسي العظيم وراح يثأر للبوعزيز أدركت إن لكل ظالم نهاية بائسة. لقد أراد الطاغية بن علي أن يوهم العالم كله بأن هناك مؤامرة تستهدف نظامه الديمقراطي وان الإرهابيين أنشبوا أظفارهم في المجتمع التونسي وان الإسلاميين يشكلون خطرا على الديمقراطية التونسية، لكن لحسن الحظ لم يصدقه أحد. ما حدث لعربة البوعزيز التي كانت تحمل عليها خضارا يتكسب من ما يبيع من تلك الخضرة ليعيش أسرته ليكفيهم عيب التسول، لكن قوى الأمن التونسي صادرت العربية وما عليها، تذكرت مسرحية فيروز الغنائية الشهيرة ’الشخص’ والتي تظهر فيها فيروز وهي تجر عربة الخضار التي تتنقل بها من زاوية إلى أخرى في الشارع ومفتشي البلدية يلاحقونها ويمنعونها من البيع في سوق الخضار، رأيت فيروز في تلك المسرحية ودموعها تتساقط على خديها وهي ترجو رئيس البلدية ومفتشيها أن يتركوها لحالها لتبيع ما تملك من خضار في ذلك الصباح لكي تعيش أسرتها إلا أن مفتش البلدية صادر العربة وما عليها وبقيت فيروز تندب حظها ولا سائل عنها ولا مغيث، لكن فيروز لم تقدم على إحراق نفسها احتجاجا على ظلم وقهر واستبداد النظام السياسي لان الحال كان أفضل من حالنا اليوم ولا وجود لوسائل الإعلام الحر في ذلك الزمان لتفضح قهر الإنسان من النظم السياسية في عالمنا العربي.( 2 ) شعب تونس العظيم الذي يأبى الذل والمهانة، شعب تضامني وطني ثأر لمحمد البوعزيز من كل الطغاة في تونس وأخرجهم من مكاتبهم ومنازلهم وجحورهم، في خلسة وبعيدا عن الأبصار انسل ’شاه’ تونس زين العابدين بن علي ومعه كل ما خف وزنه وغلا ثمنه من أموال الشعب التونسي إلى خارج الحدود تحرسه مع الأسف الشديد قوات عسكرية من دولة عربية ليصل إلى دولة عربية أخرى كنت أتمنى ألا يجد له مكانا في تلك الدولة، كانت قبلة طاغية تونس فرنسا أولا ولكنها رفضته وترفض بقاء من ينتسب إليه أو إلى حاشيته في الفضاء الفرنسي، ولم تقبله ايطاليا ولا حتى أمريكا انه يذكرنا بما آل إليه شاه إيران عام 1979 الذي ظل هائما في المياه الدولية على ظهر يخت بلا مأوى إلى أن وافته المنية.اعلم حق العلم الأسباب التي دفعت بالمملكة السعودية لاستقبال زين العابدين المخلوع. انها أمور كثيرة وعندهم سلوك أخلاقي ’ارحموا عزيز قوم ذل’ والحق أن زين العابدين ليس عزيز قوم، فمن الناحية الأخلاقية والإنسانية والشرعية كنت أتمنى أن لا يجد له مكانا في ارض قبلة المسلمين لأنه كان فاجرا في حق شعب تونس العظيم كان طاغية والأرض الحرام أخرجت الفجار والطغاة حتى من كان منهم من أهلها. لقد تناقلت وسائل الإعلام العربية والدولية أن بن علي الهارب من غضب شعبة خطط مبكرا قبل الهروب وشكل مليشيات سرية بالتعاون مع قوى خارجية لإحداث اضطرابات وفوضى في تونس إذا حدث له ولأسرته أمر يؤثر على مكانه ومكانته، وما يفعله الحرس الرئاسي من قنص وإثارة الرعب بين الناس وتحدي سلطات الجيش الذي لم يقبل أن يكون إلى جانب الطغاة يؤكد توجيهات بن علي لأنصاره الجيش السري كي لا يستتب الأمر فيكون الترحم على الطاغية امرا مقبولا، لكنهم سيفشلون. ( 3 ) تحية إجلال وتقدير للشعب التونسي على ما فعله بالطغاة، وجعلهم كالقطيع حافلين من غضب الشعب التونسي عبر البراري والقفار يبحثون لهم عن مأوى لكن غضب الشعب سيظل يطاردهم في منافيهم أينما كانوا. والتحية موصولة للجيش التونسي العظيم الذي امتنع عن قهر الشعب وإطلاق النار على مسيرات وتجمعاته بموجب أوامر زين العابدين أو أي من حاشيته المتنفذين. هذا الجيش الوطني بكل ما تعني الكلمة له ولقياداته التحية والتقدير والشعب العربي من محيطه إلى خليجه يقدر موقف هذا الجيش الذي لم يقفز إلى قمة هرم السلطة مستغلا فترة الفوضى التي عمت المدن التونسية بعد هروب الطاغية بن علي من البلاد. هذا الجيش الوطني الذي كان عونا للمواطن وحاميا له ولممتلكاته في كل مراحل احتجاجاته ضرب أروع الأمثال لجيوش الحكام العرب، بمعنى يا جيوشنا كونوا لحماية الشعب من كل الطغاة في الداخل والاعداء من الخارج.آخر القول: إنها رسالة الشعب التونسي إلى الشعب العربي في كل أقطاره اطلبوا الموت توهب لكم الحياة، ورسالة من الجيش التونسي إلى كل الجيوش العربية كونوا حماة الوطن والمواطن لا حماة الطغاة والفجار واعداء البلاد.