لدينا أثنتان وعشرون جوازا عربيا بأشكال وشعارات وألوان مختلفه ، تحمل كلها جنسية الدولة التى تمثلها دون ان يكون فيها اى ذكر لما يؤكد على عروبية صاحبها ، وتتفاوت قيمة ووزن هذه الجوازات من دولة الى اخرى ، وتسمح لصاحبها أذن الدخول للدولة العربية ألخرى أستنادا الى المعاملة بالمثل ، وبعض هذه الجوازات لها سلطة وصلاحية الجوازات الدبلوماسية بما تتيح لأصحابها من الدخول ، والتجوال أكثر من اى دولة أخرى وهنا يدخل عنصر القوة كأحد أهم المعايير للوزن الى تتمتع به هذه الجوازات . .أقل هذه الجوازات صلاحية الجواز الفلسطينيى ، الذى لا قيمة له ألا أنه يمنح صاحبه ألسم والهوية ، فهو جواز هوية أكثر منه جوازا يعبر عن دولة وسيدتها . فهذا الجواز لا يعطى لصاحبه أى حق بالدخول لبعض الدول ، بل إن عدم الدخول يصل أحيانا ألى حد المنع التام ،لا لسبب واحد ن بل لأن من يحمل هذا الجواز فلسطينى ، وليس مهما أن يكون عربيا . وهذه الجوازات بجنسياتها ألأحادية وبحدوده المكانية تؤكد على وحانية كل دولة عربية ، وتؤصل لقطريتها ، وشخصيتها الوطنية التى تجب أى شخصية أخرى ز ولا يعلو عليها أى شخصية أخرى حتى لو كانت الشخصية الضارية أو التاريخية أو الثقافية التى تجمع بينه جميعا فى أطار قومى واحد . فالدول العربية وعلى الرغمة من قطرية جوازاتها ، تنتنمى كلها لأمة واحده بحكم اللغة ، والمكان المشترك الذى تقع فيه كلها ، وبحكم التهديدات المشتركة التى تواجهها جميعا . وقد تبدو فكرة الجواز الموحد مجرد فكرة طوبائية بعيدة المنال والتحقيق في ظل هذه القطرية القوية ، وفى ظل ثقافات التفرقة وألنطواء الذاتى , لكن لا بد منطرحها من جديد. ففكرة الجواز الموحد لا تلغى ما هو قائم ، ولا تعنى ألغتائا للقطرية وتجاوزها ن ولكنها قد تخلق شعورا قويا بألأنتماء ن بل هى ترجمة للركائز ووألسس النظرية التى تعلمناها وعلمناها ، والتى مازالت تحملها بعض المناهج الدراسية على حياء ، فلا يكفى أن نقول ونردد اننا امة واحده ، وتربطنا عرى وروابط مشتركة لا تتوفر في دول نجحت في تجسيد وحدتها وتكاملها رغم عدم توفر عوامل التوحد بينها ن ودائما المثال الحاضر نجاح الدول الأوربية في بلورة مفهوم أوربا في كيانسياسى وأقتصادى ومؤسسات تكامل وأندماج قامت على فكرة التوحد في ظل التنوع ن وحكمتها فكرة المصلحة المشتركة ، وألستجابة الواعية لمتطلبات التطور العالمى ن وواجهة توغل العولمة بكل أشكالها ، العرب وقفوا عند مرحلة الفكر فقط ، ومرحلة بعض ألغانى الوطنية التى غنت امجاد يأعرب أمجاد ن وعند حدود بعض الخطب والشعارات القومية الت ظل ـاثيرها محدوا بمكانها وزمانها ، وبقيت فكرة الوحده والقومية العربية مجرد فكرة ، وكهوية عامة سرعان نا ترجعت امام الفكر الدينى الذى بدأ يحكم فكر المواطن العربى ، والفكر الليبرالى الهش . ففكرة القومية العربية لم تترجم نفسها في سلوكيات ملموسة ، فلا يكفى أن اقول انا عربى ، وانتمى لهذه ألمة ، ومستعد للتضحية من اجلها ن دون إن تكون هذه ألمة مجسده في واقع سياسى واقتصادى واجتماعى وثاقفى يلمسه ويتعايش معه المواطن العادى ، وهنا عندما نقول أمة عربية ،يقابلها مشاريع أقتصادية مشتركة ، وتعاون مشترك على مستوى الجامعات ، وسوق عمل مفتوحة ، ووتنقل حر بين هذه العواصم العربية ، فكيف لي أن أؤومن بهذه ألمة وأنا أقف أمام أحد مطارات العاصم العربية ويقال لي انت في حاجة إلى فيزة دخول ن وف الوقت ذاته أرى أصحاب الجنسيات ألخرى يسم لهم بالدخول لأنهم ليسوا عراب ، ولكنهم يحملون جنسيات أخرى ن ةانا الذى أشدو أمجاد ياعرب لا يسنح لي إن اخل لنى عربى . فلا شك سياسات القطرية هذه من شانها أن تقتل مفهوم ألمة العربية بداخلى وداخل اى عربى آخر لا يسمح لها ، اما من يسمح لهم ممن يحملون جوازات سفر القطرية ، فمن شأن ذلك إن يعزز فكرة القطرية . القومية العربية تحتاج إلى تجسيد لها ، وقد يكون من بين هذه الصور التى تجسد مفهوم ألأمة العربية إن يكون لدينا جواز عربى واحد يشعر معه المواطن العربى أنه فعلا ينتمى لأمة واحد ن وأنه يجد نفسه في أى مكان وأى عاصمة عربية يحل بها ضيفا أو زائرا أو عاملا ، فا،ا عربى في المغرب وعربى في المشرق. هذا هو المفهوم الحقيقى الذى تفتقد ألمة العربية . وصحيح أننا نجحنا في المحافظة على بناء الجامعة العربية ، ومازال هذا البناء قائما لكنه محكوما بالقطرية التى تجعل تأثير وحدود هذا البناء لا تتعدى حدود ما يتخذ من قرارات مرهونألأوربية بنت نفسها أولا من الداخل ثم عملت على البناء المشترك بينها وبني بقية الدول ، والعرب اليوم هم في حاجة ألى أعادة بناء أنفسهم أولا من الداخل على اسس من التوصل والشراكة مع غيرهم من الدول العربية ، وعلى أساس بناء المواطنة العربية ، وانظمة الحكم الديموقراطية ، وبعدها سيسهل بناء مؤسسات هذه ألمة ، أو تنفيذها بإرادة الدول ذاتها ، فالمواطن العربى يشعر انه قطرى أكثر من كونه مواطنا عربيا . فالدول العربية وبعد أكثر من خمس وستين عاما على قيام الجامعة العربية ، وبعد اكثر من قرن على قيامها ما زالت بعيده عن التوحد والتكامل وألندماج ، وبدلا من ألأتجاه في طريق التوحد تسير معظمها في طريق التفرق ، ,ألبتعاد عن فكرة الومية العربية ن والتى فقط وظيفتها إن توفر اطارا عاما للهوية وألأنتماء ، وألحتماء بها وقت ما تتعرض نعه هذه القطرية للخطر. ولعل المشكلة التى وقعت فيها فكرة ألمة العربية وفكرة الوحده العربية اننا تعاملنا معها كمشروع فكرى وتريخى ، دون الساس المادى والمؤسسة الذى تبنى عليه ، وهذا هو الفارق بين التجربة ألوربية والتجربة العربية . والفارق الثانى إن الدول العربية بنت نفسها على حساب ابناء العربى الكلى . والعرب في حاجة أولا إلى بناء أنفسه ودولهم أولا على أساس من المواطنة العربية الواحده ، وعلى أساس أعادة بناء مؤسساتهم السياسية وألأقتصادية التى تسمح بإعادة البناء العربى ، أو على أقل تقدير العمل في سبيل تطوير وتفعيل دور الجامعة العربية . تملك هذه ألمة العربية بدولها كل مقومات القوة التى تؤهلها لتصبح قوة أاقليمية عالمية ، وعليها أن تدرك إن هناك تحولات أقليمية في موازين القوى ليس فق دوليا وإنما من قبل القوى ألأقليمية المجاورة التى تستهدف هذه ألأمة بقدراتها ومواردها ، ومواجهة هذه القوى ، وهذا ألستهداف الأقليمى والدولى ، لن يكون بالقطرية ، ولكن بالعمل العربى المشترك . واخيار قد يبد أن فكرة الجواز العربى الموحد مجرد حلم كأى حلم عربى ، لكن في النهاية ألحلام ستجد من يحولها لاى واقع ملموس عندما يدرك الجميه إن مصيرهم مرتبط بقوة هذه ألمة وليس في أضعافها ، ويبقى أن نشير أن الدول الأخرى تبنى قوتها من خلال دعم هويتها القومية ن فأين نحن من بناء هويتنا القومية . |أستاذ العلوم اسياسية غزةdrnagish@gmail.com