لقد عودتنا غزة أن تكون عنواناً هاماً يتصدر الأخبار والتقارير الصحفية ، هذه البقعة الصغيرة التي يعيش فيها ما يقارب المليون ونصف إنسان ، جغرافيتها محدودة وشوارعها معدودة على أصابع اليد ، وكُل ما فيها غريب حتى قصة التاكسي الذي يعمل بالأجرة . فعندما تسير في شوارع غزة بمحافظاتها الخمس لا يمكن لك أن تتجاوز السرعة التي تُمكنك من بلوغ هدفك بسهولة ويٌسر نتيجة الإزدحامات المرورية الخانقة ، هذه الإزدحامات الناتجة عن وجود مئات الآلاف من السيارات الخاصة والعامة التي تسير في الشوارع ، والتي أصبحت بفعل الفوضى تنتشر ليكون المواطن ضحية تعكير المزاج نتيجة تحول العام للخاص والخاص للعام حيث أصبحت السيارات الخاصة تعمل بالأجرة والسيارات العامة تملأ المواقف المخصصة للسيارات والتي بالمناسبة أصبح عددها يساوي عدد مواقف السيارات في أكبر المُدن في العالم فأينما تسير تجد موقف للسيارات العمومي . لقد عانت غزة في السابق من سوء الإدارة مع بدايات إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية نتيجة قيام أحد المسئولين في السلطة بترخيص عشرات الآلاف من السيارات الغير قانونية والتي كانت تُهرب من المستوطنات إلى داخل غزة ، مما أحدث خرق واضح وجريمة كبرى في حق القانون والنظام وأصبحت أمراً واقعاً سنبقى ندفع ثمنه عشرات السنوات لكون هذه السيارات أضرت بالإقتصاد الوطني الفلسطيني وأصبحت تنافس السيارات الرسمية التي تقوم بدفع الضرائب والرسوم القانونية . واليوم فإن غزة تدفع الثمن الباهظ من جديد ولكن بإختلاف الصورة والطريقة والهدف ، ففي السابق كان الهدف مادي واليوم الهدف عدم قطع أرزاق المواطنين الذين أصبحوا يأخذون مهنة العمل على التاكسي مهنة للهروب من حالة البطالة والفقر ، ولكن ؟ . إن المشهد اليوم في غزة يدعونا للتساؤل ، ألا يجب تنقيه هذه المهنة من الشوائب حيث نجد الكثير من السلبيات في هذه المهنة ، فبعض أصحاب السوابق أصبح يعمل على سيارة التاكسي الملاكي ، وخريجي السجون ومدمني المخدرات ، وبعض أصحاب الملفات الأخلاقية السيئة وآخرين ممكن يستغلون هذه المهنة لكي يساهموا في نشر السلبية في المجتمع . نحن لسنا ضد أرزاق البشر ، ولكن من المهم أن يتم ضبط الأمور وفق حاجة السوق والمجتمع ، فلا يعقل أن تكون غزة بجغرافيتها البسيطة مليئة بعشرات الآلاف من السيارات وكلها تعمل بالأجرة على الخط ، ولا يعقل أن يدفع صاحب السيارة الأجرة الضرائب والتراخيص وهناك من ينافسه من سيارات ملاكي لا تقوم بدفع أي مبالغ سوى القليل .إن السكوت على الفوضى يجعلها قانون في المستقبل يصعب معالجتها ، فالكثير من القضايا السلبية والفوضوية تم غض البصر عنها إلا أن أصبحت واقعاً مؤلماً بحاجة لسنوات طويلة للمعالجة ، وإن وجود البطالة والحصار لا يمكن أن يكون مبرراً لإرتكاب المخالفات أو الجرائم بحجة أن فرص العمل غير متوفرة وبالتالي يمكن لأي أحد أن يعمل في أي مهنة حتى لو كانت غير قانونية أو ممنوعة أحياناً .صحفي وكاتب فلسطينيrm_sh76@hotmail.com