تلقيت على هاتفي الخليوي رسالة عاجلة من وكالتي معاً وسما الإخباريتين، وكان مضمون الرسالتين هو تكريم دولة رئيس الوزراء في حكومة غزة إسماعيل هنية للوفد البرلماني العربي الذي يزور قطاع غزة، تضامناً مع المحاصرين والضحايا. وجاء إعلان الإفراج عن عشرين من نشطاء حركة فتح المعتقلين لدى حكومة غزة كتكريم من قبل رئيس الوزراء في حكومة غزة للوفد الضيف. ومن نافلة القول أن سماع خبر خروج إنسان إلى الحرية أمر يثلج الصدر ويبث بهجة في النفس، خاصة عندما يكون الاحتجاز وتقييد الحرية على خلفية سياسية أو حرية رأي وتعبير، ولكنه في الوقت نفسه يثير مشاعر مغايرة حيث أنه يمثل اعترافاً صريحاً باستمرار ظاهرة الاعتقال السياسي في غزة كما هي في الضفة وبعيداً عن المحاججة في الأعداد والخلفيات فالكيف هو الأهم من الكم هنا. بمعنى أن رفض انتهاك القانون وتقييد الحريات هو المبدأ الذي يجب أن يصان من قبل كل حكومة تدعي بأنها تسعى إلى تطبيق القانون وضمان احترامه، وليس تطبيق رغبات حزب أوفئة أو شخص وتحقيق مصالحه على حساب مصلحة المجتمع. إنها مفارقة إيجابية أن تعلن حكومة غزة الإفراج عن عشرين فتحاوي بعد أيام قلائل من محاكمة تسعة من الصحافيين المحسوبين على حركة حماس في الضفة الغربية بأحكام تراوحت بين خمس سنوات وسنة ونصف بتهم إرهاب الدولة وحيازة سلاح ومناهضة السلطة. كما أن المفارقة أن الاعتقال السياسي يبرر لدى الحكومتين على أنه اعتقال على خلفية أمنية، وعندما تبحث في التفاصيل تجد أن ادعاء الأمن عار عن الصحة فبمجرد انتماء صحفي لحركة حماس أو عمله في مؤسسة تابعة لها أو مساندته لمواقفها فهذا يشكل تهديد جدي لسلطة رام الله، والشييئ نفسه في غزة فمجرد اتصال فتحاوي من غزة بمسئول في الضفة فهو اتصال بجهة معادية وحبسه مبرر على أنه أمني. لقد شكل التكريم وبادرة حسن النية، في أكثر من مناسبة، سبباً لإطلاق سراح معتقلين سياسيين في الضفة والقطاع حيث أفرجت حكومة رام الله مرات عدة عن معتقلين من حركة حماس كبادرة حسن نية وكانت قبلها بقليل تغلظ القسم بأن لا معتقلين سياسيين لديها، وبعد أيام تفرج عن مجموعة منهم. وأعود للرسالة القصيرة على هاتفي الخليوي لقد تنازعني شعوران عند قراءة رسالة الإفراج تكريماً أو كرامةً، شعور الفرح الذي أسلفت وشعور بالغضب، وقفز إلى ذهني سؤال عنونت به هذا المقال لماذا لا نكرم فلسطين؟ لماذ لا نتجاوز خلافاتنا التافهة والصغيرة فنتوحد تكريماً لفلسطين؟ لماذا لا نقدس الحرية تكريماً لفلسطين التي دفع شعبها الغالي والنفيس من أجل حريتها؟ وأخيراً أليست فلسطين أكرم من الأشخاص مهما بلغوا فلماذا نتلكأ في تكريمها إن كنا جميعاً صادقين؟؟