في غزة أصبح كُل شيئ مستحيل ، وقد تراكمت الأوجاع لتصل كُل بيت فلسطيني ، فمن حالة الفقر والبطالة التي يعانيها المواطن الغزي إلى حالة الحصار التي زادت من معاناته ، إلى انقطاع الكهرباء المتواصل إلى انعدام الأمل بالمستقبل . ولو تأملنا كُل هذه المشاهد المؤلمة وإن حصل بعضها في بعض الدول لانهارت كُل الأنظمة والقوانين السياسية وأصبحت البلاد في حالة من اللاإدراك إلا أن المواطن في غزة مازال يبرر لنفسه حالة الصبر التي يعيشها لأنه مقتنع بأن الإحتلال هو سبب كُل ما نعيشه . ومع كُل هذه المشكلات والمعاناة نجد ما هو أكثر صعوبة ألا وهي قضية التعليم ، فقد أصبحت العملية التعليمية في غزة تعاني من حالة عدم التوازن ، وذلك لأكثر من سبب ومن أهم هذه الأسباب هو عدم وجود تناغم مابين المؤسسة التعليمية والمواطن مما دعا الأخير إلى إلقاء اللوم على الأول ، وحالة الإنقسام الفلسطيني التي أثرت على الجهاز التعليمي بشكل خاص إلى جانب تأثيرها على معظم مناحي القطاع الخدماتي في غزة . المهم هو أن المشهد اليوم في غزة تراه غريب جداً ، وبالمناسبة فهو مشهد قديم جديد ، لكن زادت صورته حيث أصبح يشكل حالة أساسية لدى العائلة الفلسطينية في غزة ألا وهي قضية الدروس الخصوصية . إن الدروس الخصوصية منذ أن تم اختراعها كانت بمثابة جزء تكميلي لما حصله الطالب في المدرسة ، وكان منتسبي هذه الدروس قلة قليلة من الطلبة الذين يعانون من مشاكل في التحصيل العلمي في المدارس أو عدم التركيز مما دعاهم للحصول على هذه الدروس ، أما أن تصبح الدروس الخصوصية بديلاً عن التعليم الأساسي فهنا تكمن المشكلة . لقد كانت هذه الدروس تقتصر على طلبة الثانوية العامة لكونهم بحاجة إلى فهم المواضيع الدراسية نظراً لكون الثانوية العامة بحاجة لبذل مزيد من الجهد ، أما أن تصبح الدروس الخصوصية للطلبة في المراحل الإبتدائية فأيضاً هذه جريمة كبرى يجب الوقوف عندها لبحث أسبابها ووضع الحلول المناسبة لها . لقد سمعنا بعض المبررات التي تقول أن المنهاج التعليمي صعب ونحن مع هذا المبرر ، لكن المطلوب من الأسرة التعليمية إيجاد الحلول لمثل هذه القضايا لا أن يتحمل أولياء الأمور نفقات الدروس الخصوصية التي تكلف ولي الأمر مبلغ 50 خمسون شيكلاً عن كُل مادة شهرياً ، ومعظم الطلبة بحاجة لدروس تقوية في اللغة الإنجليزية والعربية والرياضيات والعلوم وبالتالي يحتاج ولي الأمر إلى مبلغ 200 مائتي شيكل لكل ابن ومن المعروف أننا شعب مُنتج وهناك عائلات يزيد عددها عن 10 أفراد وكلهم في المراحل الدراسية . نحن بحاجة إلى الإنتباه لمثل هذه القضايا التي يُبنى عليها مستقبل شعبنا ، فما الفائدة من وجود المدارس والجامعات إذا وُجدت الدروس الخصوصية ، وكذلك فإننا بحاجة إلى طواقم تعليمية تخاف الله في أجيالنا فليس مهمة المُدرس أن يقف في الفصل الدراسي مكتوف اليدين وهناك أمانه لديه ، ونحن نشاهد بعضهم يعطي الدروس الخصوصية بأمانة وإخلاص لكونها تضاعف الدخل المادي له وهناك مراقبة عليه من أولياء الأمور . صحفي وكاتب فلسطينيrm_sh76@hotmail.com