خبر : رأين نحن من القمة العربية ؟ ...م. عماد عبد الحميد الفالوجي

السبت 13 فبراير 2010 11:57 م / بتوقيت القدس +2GMT
رأين نحن من القمة العربية ؟ ...م. عماد عبد الحميد الفالوجي



  منذ إنشاء الجامعة العربية كانت دائما وأبدا القضية الفلسطينية حاضرة بقوة كونها القضية المركزية للأمة العربية والقضية الأكثر تأثيرا وسخونة لدى الشارع العربي , وتدور المناقشات حول آخر مستجدات القضية قبل فترة من زمن انعقاد كل قمة عربية للتحضير لصياغة القرارات اللازمة بهذا الخصوص لإرضاء الجانب الفلسطيني من ناحية وإرضاء الشارع العربي من ناحية أخرى , واعتبار ذلك أقل ما يمكن تقديمه للفلسطينيين وهي القرارات ذات الطابع العام ويصدق عليهم قول الشاعر : لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم يسعد الحال , وهذا من باب أضعف الإيمان , وكان الحال قبل كل قمة يتم استعراض القضية الفلسطينية من جانب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ومخططاته فى ابتلاع الأرض الفلسطينية من خلال الاستيطان الذي لم يترك مكانا فى فلسطين وكذلك قضية القدس لمكانتها الدينية الخاصة لدى العرب والمسلمين وكيف يمكن إنقاذها – نظريا طبعا – ثم فى بعض الأحيان يتم مناقشة الدعم المالي والمعنوي لمنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني – المعترف بها بشكل رسمي عربيا – وهكذا فى كل قمة يخرج جميع الأطراف راضين ومتوافقين ومرتاحي الضمير باعتبار كل طرف قدم كل ما هو مطلوب منه , ثم يترك الباقي لأصحاب القضية لينظروا ما يفعلون .هذا كان يحدث فى كل القمم السابقة ولكن هذه القمة المقبلة – ولعله ما سبقها أيضا – لم تعد عمليا القضايا السابقة هي التى تحتل سلم الأولويات لدى العرب فيما يخص القضية الفلسطينية , ولكن القضية الأساس والمشكلة الكبرى المثارة اليوم ليس ما يحدث فى القدس أو الاستيطان أو الممارسات الإسرائيلية أو مبادرة السلام العربية وأين هي اليوم من المستجدات الخطيرة التى تجتاح المنطقة أو مستقبل العملية السياسية المتعطلة بسبب صعود اليمين المتطرف للحكم فى الكيان الإسرائيلي أو قضية الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة ومصير حوالي مليون ونصف المليون فلسطيني أو التهديدات الإسرائيلية المتواصلة بشت عدوان جديد على الشعب الفلسطيني أو جدار الفصل العنصري الذي يقضي على حلم قيام الدولة الفلسطينية الموعودة وغير ذلك من الممارسات الإسرائيلية لم تعد كل تلك القضايا هي الأهم أمام القمة العربية القادمة , ولكن الجميع منشغل بأن يكون على رأس جدول أعمالها قضية المصالحة الفلسطينية وكيف يمكن للقادة العرب فى هذا الاجتماع أن يلعبوا الدور المطلوب لإقناع طرفي الصراع الفلسطيني بتجاوز الخلافات بينهما أو كيف يمكن إقناع حركة حماس بأن توقع الورقة المصرية لتحقيق المصالحة , وتأخذ هذه القضية هذه الأيام كل الاهتمام فهناك من يقترح أن تستضيف الجماهيرية الليبية – رئيسة القمة القادمة – على هامش القمة العربية لقاءا بين الرئيس محمود عباس والأخ خالد مشعل بحضور بعض أو كل القادة العرب وتوقع حماس عندها الورقة المصرية بدون تعديلات وتقبل بالضمانة العربية , وهناك من يقترح أن تشكل لجنة عربية على مستوى القادة العرب لدعوة القائدين للقاء مشترك قبل أو بعد انعقاد القمة , وبعد تهديد الرئيس محمود عباس بمقاطعة القمة العربية فى حال تم دعوة الأخ خالد مشعل لحضور القمة أو تواجد على مقربة من اجتماعات القمة فقد بدأ التفكير بضرورة عقد ذلك اللقاء قبل انعقاد القمة , ويطرح البعض سؤالا مهما جدا ولابد من إيجاد إجابة شافية عليه وهو فى حال حدث اللقاء بين القائدين قبل القمة هل سيوافق الرئيس محمود عباس حضور خالد مشعل معه الى القمة ؟ , وهذا السؤال طبعا يحتاج عقد قمة مصغرة خاصة لمناقشته وأخذ قرارا بشأنه .وهكذا دخلنا نحن وأدخلنا معنا القمة العربية القادمة فى متاهة المصالحة الفلسطينية لتصبح بتفاصيلها الممسوخة عنوانا أهم من قضايانا المصيرية , وهناك بعض العرب الذين يشعرون بالراحة لهذا الوضع لأنه مخرج مهم للتنصل من مسؤولياته أمام شعبه من القضية الفلسطينية بسبب الانشغال بتحقيق المصالحة الفلسطينية , وهناك البعض الذي يريد تمرير هذه المرحلة حتى لا ينتبه عليه أحد وهو يسمح لأعداء الأمة من استباحة أرضه لضرب دول أخرى وهناك من لا يريد أساسا العمل على حل القضية الفلسطينية – حقدا دفينا سابقا – ليبقى المستفيد من هذا الوضع وبالتالي يعمل على تعقيد عملية المصالحة ويستغل ظروفها جيدا , وهكذا تتنوع المصالح والأهداف مما يحدث عندنا , أما نحن فأصبحنا المفعول بنا ولم نعد الفاعلين فيما يخص قضيتنا وسلمنا رقابنا لمن لا يرحمنا , وأصبحنا كالأيتام على موائد اللئام , كل ذلك بسبب المكابرة وحب الذات وخداع النفس الذي وقع فيه البعض بحسن أو سوء نية , وهذا المرض كان سببا فى هزائم أمم وذبح الشعوب وضياع الحقوق عندما تتقدم المصالح الصغيرة التافهة على المصالح الكبيرة للأمة .   رئيس  مركز آدم لحوار الحضاراتwww.imadfalouji.ps