يرفع واحدنا قُبعته ـ إن كانت له قُبّعة ـ احتراماً لجاكوب زوما، رئيس جمهورية جنوب فريقيا، الذي وقف قبل ثلاثة أيام، يعتذر بشجاعة، من عائلته، ومن شعب بلاده، ومن الأصدقاء الكُثر في أربع رياح الأرض، الذين أظهروا على مر السنين، احتراماً عميقاً لنضالات حزب المؤتمر الوطني الإفريقي. فقد أعلن زوما عن عميق ندمه، على تلك الرعونة الجنسية، التي انتجت طفلة لم يُنكرها أبوها، وتطيرت منها زوجاته الثلاث. ولئن كان معلوماً بأن الرجل الخمسيني، في شأنه الخاص، موصوف بولع طاغٍ بالأنثى؛ إلا أنه لا يتنصل من حق الرأي العام عليه، ولا من حق عائلته، ولا من حق مؤيدين لشعب جنوب إفريقيا في أيام الكفاح؛ بأن يلتزم جادة السلوك المحترم، وأن يتوسل المغفرة، إن حاد عن قويم الأخلاق! قال زوما: إنني أعرب عن ندمي العميق، على ما فعلت. لقد تسببت في ألم موجع لعائلتي، ولحزب المؤتمر الوطني الإفريقي وحلفائه، ولجنوب إفريقيا وأصدقائها بشكل عام. فمن الحق أن نتحمل المسؤولية عن أعمالنا الشخصية فلا نتهرب منها، وليس من الصواب تحميلها ثم دفعها بالتعليلات السياسية! * * * كانت غواية السمراء، التي اسمها سنونو Sonono الإبنة الوحيدة لمدير كرة القدم الجنوب إفريقي؛ هي التي أوقعت الرئيس في المحظور، ثم أنجبت له طفلته الأثيرة، التي تحمل الرقم 20 على قائمة أبناء الرئيس. وسنونو، فتاة مثيرة، منكوشة الشعر، كثيفته وعاليته، متينة البُنية (حتى أن اسم أمها متينة Matina) يحسبها الناظر من بعيد، مهاجماً من فريق أبيها في كرة القدم. وكان طبيعياً، بينما تتهيأ البلاد لأوليمبياد الكرة، أن تهفو النفوس الى مذاق النصر! قال زوما ما معناه: يتوجب على واحدنا، طالما أنه يتنطح للعمل الوطني العام؛ أن يلتزم الأعراف الاجتماعية، وأن يُطيع ما تأمر به التقاليد وتقتضيه ثقافة البلاد. فقبائل الزولو، التي منها الرجل التعددي الزيجات، ذرفت الدمع فور أخذها العلم بفعلة التزيد النكاحي، التي أقدم عيها واحد من أعز أبنائها الذين أوفاهم الله النعمة. دقت الطبول بإيقاع حزين، لعله الايقاع نفسه، الذي يسمعه قاطنو الأكواخ، إن لدغت الأفعى عزيز قوم فقتلته!وباعتذار الرئيس، جففت الزولو دمعها وسامحت، بل إن زعيمة المعارضة، المليحة البيضاء، هيلين زيلي، رئيسة التحالف الديمقراطي، ورئيسة بلدية كيب تاون السابقة؛ لم تتعسف مع زوما، ولم تقل بعد الاعتذار، سوى أن على الرئيس أن يستقيل، في حال عدم استعداده لأن يتقبل انتقادات الرأي العام! لهذا فإننا نرفع الطاقية ـ لو كانت لنا طاقية ـ احتراماً للرئيس جاكوب زوما، بل نضم اعتذارنا الى اعتذاره من كل الذين صدمتهم ترديات السلوك، في خواتيم أيام حركة إفريقية للتحرر الوطني، الهبت حماسة الناس وأججت خيالات الحالمين والمبدعين، في جهات الدنيا الأربع، وأطلقت عصافير الأحلام، قبل أن تحط وأن يغلبها النعاس، على فخذي السنونو!www.adlisadek.netwww.adlisadek.net