قضية زيارة شخصيات فتحاوية على مستويات قيادية مختلفة الى قطاع غزة أخذ يتحدث ويكتب عنها الكثيرين وأخذت بعدا جديا عمليا بعد نجاح زيارة الدكتور نبيل شعث ونجاحه فى كسر حواجز نفسية متعددة وليس أهمها هو لقائه بكل سهولة وبدون الكثير من التعقيدات وإجراء حسابات تنظيمية أو نفسية عند لقائه قادة حركة حماس وتناول طعام الغداء مع الأخ اسماعيل هنية فى منزله واعتبرها البعض تجاوز لصلاحيات الدكتور شعث واعتبرها آخرين شجاعة خاصة منه لكسر هذه العقدة النفسية من أجل هدف أسمى وأكبر وهي تحقيق المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني , ولاقت هذه الزيارة ترحيبا شعبيا كبيرا وأعطت دفعة أمل لأهل قطاع غزة كانوا بحاجة ماسة إليها بعد أن كادوا أن يفقدوا الأمل فى كل شيء , وأصبح التشاؤم هو سيد الموقف نتيجة الصعوبات والمشاكل الجمة التى تواجه المواطنين فى كافة المرافق الحياتية الأساسية , إضافة الى الأوضاع النفسية الصعبة التى نجمت عن الأخبار المتناقضة حول إمكانية تحقيق المصالحة وحول نجاح صفقة تبادل الأسرى وحول الوضع الأمني وما تخطط له إسرائيل لمستقبل القطاع خاصة ما يبثه الإعلام الإسرائيلي كجزء من الحملة النفسية ضد قطاع غزة , وفي ظل كل ذلك الوضع كانت زيارة الدكتور شعث لتعطي حراكا من نوع خاص وأعادت الى حد كبير الأمل لدى الكثيرين من المراقبين بأن فرص المصالحة لازالت كبيرة وإنهاء هذه الحالة المأساوية من حياة المواطنين أصبحت ممكنة . ولعل أيضا استقبال حماس بذلك الحماس للدكتور شعث أعطى إشارات كبيرة ومهمة ووجود استعداد أيضا حقيقي لبدء صفحة جديدة فى العلاقات الثنائية بالرغم من كل الذي مضى , واستجابت لكافة الشروط التى وضعها الدكتور شعث لإنجاح زيارته وبادلته ذات المشاعر وأبدت مواقف ووعود مهمة تتعلق بمكانة ونشاط حركة فتح فى قطاع غزة – حسب ما تسرب من وسائل الإعلام – وكذلك الموقف من المصالحة وضرورة سرعة إنجازها وإزالة كافة المعيقات أمامها وهذا أصبح فى متناول اليد , من خلال الأوراق التى حملها معه الدكتور شعث لمناقشتها مع القيادة الفلسطينية والمصرية , كل ذلك رفع مستوى نسبة التفاؤل وإشاعة الأجواء الإيجابية للقاءات وأكد نجاح الزيارة بشكل فاق توقعات منظموها . وبعيدا عن تفاصيل الزيارة بحد ذاتها ولنقترب أكثر من نتائجها اليوم , فقد حركت الزيارة بشكل كبير الماء الفتحاوي الراكد وأعطت لكافة قادة فتح أن يعودوا الى دورهم الأساسي وهو إعادة التفكير الجدي فى تغيير الواقع وبداية الهجوم السياسي على الساحة الداخلية , وكفى لسياسة التقوقع والتردد والحسابات الكثيرة الخاطئة , وليكونوا على مستوى التحدي الداخلي المطلوب , لأن الساحة الداخلية الفلسطينية بحاجة الى كل هذا الحراك – بعيدا عن الحسابات الضيقة – لقد أثبت أهل غزة أنهم ينتظرونكم لتكونوا الى جانبهم وكانوا دائما كراما ولم يبخلوا أبدا على أبنائهم , وأطلقت زيارة شعث صرخة لكل القادة الفتحاويين وغير الفتحاويين للقوم الى غزة والالتقاء مع شعبهم هنا ويستمعوا الى همومهم ويعطوهم انطباع صادق أنهم معهم بعد أن ساد لدى الكثيرين الانطباع بأن الشق الثاني من الوطن لم يعد يشعر بحقيقة مأساتهم ناهيك أن البعض يعتقد أنهم جزء من المأساة . إن تحقيق التواصل بين شقي الوطن – مناطق السلطة – سيكون له آثار إيجابية ستلقي بظلالها الإيجابية على طبيعة المرحلة القادمة , حتى ننجح فى رسم الخارطة الداخلية لمرحلة ما بعد التوقيع على وثيقة المصالحة , لأن المصالحة الحقيقية ليس فقط فى التوقيع على الوثيقة المصرية بل إن الامتحان الحقيقي هو فى قدرتنا على إعادة الاعتبار لعلاقاتنا الفصائلية الداخلية وترميم ما لحق بتلك العلاقات واستعادة نوع من الثقة المتبادلة المبنية على أسس صحيحة يغلب عليها المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني وقضيته . إن غزة اليوم تنتظر خطوات عملية من قادتنا جميعا للارتقاء فى علاقاتهم لمستوى التحدي الذي تمر به , لم يعد بإمكان أهل قطاع غزة الاحتمال أكثر مما احتملوه بعد أن لاقوا من الظلم الشيء الكثير على أيدي أبنائه وقادته , إن أطفال غزة يستصرخون قادتهم أن اصنعوا لنا الأمل فى مستقبل أفضل وكفاهم ما لاقوه من العدوان العسكري الإسرائيلي , وهم بانتظار عودتكم متحدين متحالفين وسيقذفونكم بالورود عندما تعودن ا إليهم لأنهم سيبقون فى انتظاركم . رئيس مركز آدم لحوار الحضاراتwww.imadfalouji.ps