بسم الله الرحمن الرحيم تريثت طويلا قبل أن اشرع في معاودة الكتابة عن مواضيع عامة وخاصة بالشأن الفتحاوي الفلسطيني.والواقع كنت أنأى عن الكتابة في الشأن الفتحاوي لحين ، لاعتقاد سادني ، لكنه تبدد ، بأن حال فتح بعد المؤتمر العام السادس وإفرازاته في المركزية والثوري ، قد يقوى على الشفافية والوضوح والجرأة والوثب نحو زمن آخر بناء ومثمر ويبعث على التفاؤل .وهذا ما كنا نتطلع إليه ، رغم حالات الإقصاء التي جرت . إن حركة فتح أحوج ما تكون في هذا الوقت إلى المصالحة مع نفسها ، قبل أن تفكر بالمصالحة مع أي تنظيم فلسطيني ، وذلك على اعتبار أنها تحملت عبئ وشرف صياغة وحماية المشروع الوطني الفلسطيني ، ودفعت من اجله العديد من التضحيات التي سجلها أحياؤها وأمواتها الذين نحتسبهم عند الله عز وجل شهداء .أما وأن يدار الظهر لمسجلي الوقائع الفلسطينية المشرفة ، فهذا مؤشر على التنكر والانتكاس والإقلاع نحو غايات تشكل في نظري إزاحة مقصوده تمهيدا لإحلال إرادات أخرى تخشى أن تستمرئ الموقع والمسمى القيادي على حساب الأداء الوطني الخالص لفلسطين .أقول إن فتح بأمس الحاجة إلى أن تتحسس مواقع أقدامها ومساجلاتها الراهنة ، وذلك بافتراض أن حالة الانقسام الفلسطيني لن تدوم ، وان اللحمة للوطن قادمة بلا ريب .والسؤال ، بل والأسئلة الهامة التي تملأ الصدر هي :1- لماذا جرى الانقسام الوطني ؟2- لماذا لم تستفد حركة فتح من حالة الانقسام الوطني ، كي تكون محصنة من أي انقسام في الداخل الفتحاوي ؟3- أتراهن قيادة حركة فتح على دعوتها باستثمار حجم الألم فقط الذي يعتصر قلوب أبنائها في قطاع غزة؟4- أتراهن حركة فتح على تماسك ووحدة أبنائها جراء ما تتخذ بحقهم من إجراءات في قطاع غزة ؟5- أليست حركة فتح معنية بان تعيد الوصل مع أبنائها في قطاع غزة توطئه للمصالحة الفلسطينية واستحقاقاتها ؟هذه ربما مجموعه من التساؤلات التي لا حصر لها عند الحديث عن الحالة الفتحاوية .أما الإجابة عليها ، فاني أجد نفسي مساهمأ في تعليلها والتعقيب عليها على هذا النحو :1 – حالة الانقسام تشكل وصمة في جبين كل فلسطيني غيور ، الأمر الذي يقتضي القفز على الحساسيات والحسابات والشخصنة ، وما خطوة الرئيس أبو مازن الجريئة صيف 2008 بفتح حوار حول الانقسام مع حركة حماس إلا خطوه في الاتجاه الصحيح ، لم تستثمر في ظني بشكل جيد لا من فتح ولا من حماس ، بل قرئت قراءة آثمة ، ولم يبنى عليها لتصبح خطوة بآليات عمل فلسطينيه قبل أن تكون عربيه وإقليميه .وفي ذات الوقت ، فاني أحمل المسؤولية لنفاخ الأوداج الذين يجدوا من موضوع الانقسام مادة للتحريض والإعلام والتشهير بهدف البروز والتربع الوثير في الصالونات وعلى الفضائيات المحلية وغيرها ، وغفلوا بان مصالحة فلسطينيه قادمة وان طالت بطعم فلسطيني أو غيره ، وغفلوا في ذات الوقت عن عواقب هذا النفخ والتحريض المفسد الذي سينتهي بمصافحات وقبل على حساب التعبئة التي أضرت بأبناء الوطن ككل طيلة سنوات الانقسام .2 – أما ولماذا لم تستفد حركة فتح من حالة الانقسام ، ففي ظني أن هناك إرادات وأجندات ، وربما اعتبارات لها علاقة بطبية المزاج المتعكر بفعل ضيق الصدر الذي نجم عن قلة الإضاءة وازدياد مساحة الظلام وقلة وانحسار الزبناء عن البعض .إن اخطر ما ستواجهه حركة فتح في المستقبل المنظور ، أن الكثير من أبنائها سيكتشفون ، إن لم يكتشفوا أصلا بأنهم كانوا مطية لصعود البعض على حساب صدق نواياهم وإخلاصهم ، وأستخدموا جسورأ ، وهذا سيشكل اخطر صحوة ستشهدها فتح في المدى المنظور .3 – أن تراهن فتح على حجم الألم لاستمرار ديمومتها بدون تواصل مع منتسبيها ، فهذه هرطقة وسطحيه وقراءة غير واعية لوعي البشر وإدراكاتهم إلى مستقبلهم في حركة النضال الفلسطيني عمومأ ، بل استخفاف بالتحولات الفكرية المتوقعة لأفراد المجتمع ، ففي التاريخ ، وحتى في المذاهب العقيدية أمثلة على التحول فيما هو مباح وغير مباح وفيما هو ملائم وغير ملائم لطبائع الشعوب وموروثاتها ( المثال هنا لفتاوى الإمام الشافعي في العراق ، ليست هي مثل فتاويه في مصر ) .4 – إذا كان أبناء فتح يتعرضون إلى مضايقات في قطاع غزة ، فاني احسب أن قلوبهم تعتصر ألمأ نتيجة حالات الإحباط التي تجتاحهم ، وذلك في ضوء ما كانوا يتطلعون إليه ويرجونه من قيادة فتحاويه ، صورت لهم بأنها القيادة الصقر ، والاختيار الأمثل والأقوى على التميز . لكن الذي تجلى لهم بأنهم دائما المطية أن ثقافة القطيع المعتبرة ، يجب أن تولي الأدبار ، وان تحل محلها ثقافة اليقين عوض الشك والوشاية ، وذلك بمشاركة أوسع لأبناء فتح في الرؤيا المجتمعية والوطنية والوظيفية ، وهذا ما يدفعني للتساؤل مرة أخرى : هل الخلل وظيفي أم بنيوي ؟أم هو لا هذا ولا ذاك ، بل هو فتحاوي لم يجعل الله له من قبل سميا ؟إن فلسفة الشك والوشاية مدمرة بكل الحسابات ، والتحري والتحقق أولى من اتخاذ القرار المستند إلى الإشاعة وتقارير الكيد مع التربص وتسقط الأخطاء .5 – يقيني بان النوازل التي تحل بشعب بالضرورة أن تدفع إلى اتخاذ سياسات وطنية رشيدة وحصيفة ، لكي لا يكون الوطن عرضة إلى من يتغولون عليه وعلى أهله الطيبين .إنني أتوجه إلى الرئيس أبو مازن بصفته ، بان يتحسس ممن يسيئون إلى قلمه وقراراته وتاريخه النظيف ، كما أثمن دعوته إلى قيادة فتح المنتخبة في المركزية والثوري بضرورة التوجه والتواجد بين إخوانهم في قطاع غزة ليشاركوهم حياتهم بحلوها ومرها ، وإلا ماذا يعني أن تكون القيادة المنتخبة في واد ، والشعب في واد وهو أحوج إلى رؤيتها بين ظهرانيه . لعمري ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أحلام الرجال تضيق