خبر : ممنوعون عن غزة/ بقلم:بقلم بهاء رحال

السبت 30 يناير 2010 08:54 م / بتوقيت القدس +2GMT
ممنوعون عن غزة/ بقلم:بقلم بهاء رحال



قرار الحكومة المقالة في غزة بضرورة تقديم طلبات للراغبين بدخول غزة من أبناء حركة فتح يعيد للذاكرة الصورة القاتمة لبعض البلدان العربية التي تتخذ من الحزب الواحد نظاماً وحيداً للحكم و دستوراً ينفي وجود الآخر ولا تعترف بالتعددية الحزبية والسياسية ولا تؤمن بالديمقراطية وحق الشعب بالاختيار وقد بنت أنظمتها على الاستبداد والقهر والتسلط ، قرارٌ يذكرنا بقرارات الإدارة المدنية التي كانت لا تتواني عن إصدار قرارات النفي المؤقت أو الكامل بحق المناضلين الذين لم يكونوا مسموح لهم بالإقامة في مدنهم وقراهم إلا إذا حصلوا على موافقة سلطات الاحتلال التي كانت تتعمد أن تجبرهم على ذلك كنوع من أنواع الإجراءات التعسفية التي مارستها خلال عقود طويلة من الزمن لأهداف سياساتهم التي تتنافى والأخلاقيات الإنسانية وكافة القوانين الدولية ومبادئ حقوق الإنسان ، فأي منطلق هذا الذي يجعل المواطن أسيراً في وطنه وممنوع من العيش في بيته ، لغة مارسها الاحتلال ويمارسها وهذا أمر قد يكون مستوعب بشكل ما لأنه احتلال ولأنه قوة طامعة تحكم بغير وجه حق ، ولكن الذي لا يمكن استيعابه هو أن تقوم فئة تحكم باسم الشعب الفلسطيني على اتخاذ مثل هذا الإجراء وتضع شروطاً وتعليمات للذين يريدون العودة الى بيوتهم ومدنهم ومخيماتهم في القطاع إذا سُمح لهم بذلك. جملة من التصريحات التي خرجت في الآونة الأخيرة على لسان أكثر من مسئول سواء كان في الحكومة المقالة أو في حركة حماس حول السماح لقيادة فتح العودة الى قطاع غزة هذا الأمر الذي له دلالات كثيرة أبرزها انه يدحض ادعاءات الحكومة المقالة بان حركة فتح تمارس مهامها بشكل طبيعي في القطاع ولا يوجد أي ممانعة على أعضاءها وان سكان قطاع غزة يعيشون في أفضل حالات الديمقراطية والرخاء السياسي الذي كثيراً ما تحدثوا عنه ، صورة جديدة من النفي وكأن قيادة فتح المتواجدة حالياً في رام الله تعيش شكلاً جديداً من الإبعاد ألقصري المفروض من قبل الحكومة المقالة وذلك من اجل تسهيل عملية إحكام السيطرة بالمفهوم الحزبي الضيق الذي يتخذ من حظر حركة فتح وسيلة للحكم وبسط الهيمنة الحزبية الواحدة ، كي لا تكون هناك قوى حزبية قادرة على المشاركة السياسية والوطنية في معركة التحرر التي أصبحت تتخذ في غزة شكلاً جديداً من خلال ما نسمعه من تصريحات وممارسات التهدئة المجانية من جانب واحد . إن هذا الإجراء الغير مسبوق فلسطينياً والذي لم نعرف صورته إلا من خلال قرارات سلطات الاحتلال الإسرائيلي وقد عانى الشعب الفلسطيني طويلاً من مثل هذه الإجراءات التي تعرض لها وقاومها وتحداها رغبة منه في العيش بحرية وكرامة وقد وضع أسس وقوانين مختلفة حتى عن بعض الأنظمة الرجعية التي كانت تمارسها بحق شعوبها وقرر منذ تشكيل السلطة الوطنية العمل بديمقراطية وفضل قوانين المحبة على قوانين النفي والإبعاد ، كخلاصة لتجربة تعرض لها الفلسطيني في شتى منافي اللجوء والشتات وحتى لا يعيش تلك التجربة اسقط كل مفاهيم الحزب الواحد والتسلط من أجندته الوطنية وقرر أن يبني وطناً لكل الفلسطينيين ، وطناً فيه التعددية السياسية والحزبية وحرية الفكر والعبادة وتطلع الى دولة فلسطين كدولة عصرية ترفض كل أفكار الاستبداد. خرجت التصريحات وأظهرت حقيقة الواقع الفلسطيني وما وصلت إليه الأمور وجملة الاعتراضات التي تصطدم بها كافة جهود المصالحة المنشودة لعودة اللحمة بين شطري الوطن وإنهاء حالة الانقسام الحاصل ، ولعلنا هنا نكتشف حجم الصعوبات المفروضة والمعاناة التي يعانيها من جراء هذه العقوبات المفروضة داخلياً على المواطنين بحجة انتماؤهم السياسي حتى صار أبناء فتح ، أو الرصاص وأول الثورة ، ممنوعين ممن يحكمون باسم الشعب الفلسطيني من العيش في بيوتهم وان أرادوا ذلك فعليهم اخذ إذنٌ مسبق وتأشيرة عبور من رام الله الى غزة .  لا شيء يفسر هذا الإجراء، وكأن أبناء فتح ليسوا فلسطينيين لهم الحق في العيش داخل وطنهم أينما شاءوا وأينما أرادوا في معادلة جديدة فرضت على الواقع الفلسطيني في زمن اغبر .