خبر : برلمانيين بين السياسة والتموين ..بقلم : محسن ابو رمضان

الإثنين 18 يناير 2010 12:34 ص / بتوقيت القدس +2GMT
برلمانيين بين السياسة والتموين ..بقلم : محسن ابو رمضان



لقد سررت كثيراً عندما تم ترتيب لقاء مع ممثلين  لقطاعات اجتماعية مختلفة من منظمات العمل الأهلي من جهة وبين خمسين عضواً برلمانياً أوروبياً قدموا إلى قطاع غزة  من جهة أخرى وذلك تعبيراً عن التضامن مع قضية شعبنا ومن أجل المساهمة في كسر الحصار ، وذلك بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للعدوان الوحشي الذي ارتكبت به إسرائيل جرائم حرب وانتهكت القانون الدولي الإنساني وتجاوزت وثيقة جنيف الرابعة ، كما وثق ذلك منظمات حقوق الإنسان ، وكما انعكس في تقرير غولدستون .هكذا فهمت من زيارة الوفد البرلماني الأوروبي إلى غزة ، وبالتالي هي رسالة تضامن ومساهمة في فضح ممارسات الاحتلال والعمل على كسر الحصار ، حيث ان معظم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية من فقر وبطالة وأزمات نفسية وتوجه الشباب نحو الهجرة وانعدام آفاق التنمية وتحويل المجتمع وقطاعاته الاجتماعية العريضة إلى الجانب الاغاثي والعديد من المشكلات ، ناتجة بالأساس عن سياسة الاحتلال والعدوان والحصار ، وذلك كما يعرف الجميع .وعليه فقد كان من الطبيعي قيام المتحدثين بإرسال رسائل ذات بعد سياسي وقانوني لهؤلاء البرلمانيين بوصفهم يعبرون عن صوت المواطن وعن الديمقراطية وبالتالي العمل باتجاه تحقيق العدالة وإنصاف الشعوب المضطهدة وضمان حقها في تقرير المصير عبر المساهمة بالتخلص من الاحتلال . لقد كانت المطالب الرئيسية من قبل ممثلي منظمات المجتمع المدني تتركز حول عدم الاستجابة للضغوطات اللوبي الصهيوني الذي يعمل على تغيير قوانين البلدان الأوروبية بخصوص محاكة مجرمي الحرب ،وذلك على خلفية القضية المرفوعة ضد وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة لفني في بريطانيا ، وكما تم في كل من اسبانيا وبلجيكا ، والعمل باتجاه تنشيط حملة التضامن الشعبي الدولي ، وتنفيذ آليات لمقاطعة دولة الاحتلال وفرض العقوبات عليها، ووقف الاستثمارات ، والعمل على إقناع الاتحاد الأوروبي  بفك الشراكة مع إسرائيل فيما يتعلق بكل من اتفاقية الشراكة واتفاقية التجارة الحرة معها ، حيث ان إسرائيل تخترق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والتي تعتبر شرطاً من شروط الاتفاقات الأوروبية معها .وعليه فإن تلك المطالب ذات البعد السياسي والقانوني كانت هي السياق الطبيعي لمثل هكذا لقاء مع برلمانيين ممثلين لأحزاب سياسية ولهم رسالة ذات مضمون حقوقي داخلياً وخارجياً .إلا أن السرور الذي كنت اشعر به في بداية اللقاء انقلب إلى تشاؤم وخيبة أمل في نهاية اللقاء ، عندما ركز رئيس الوفد الأوروبي على ضرورة تحديد أولويات واحتياجات القطاعات الاجتماعية المختلفة ( مرأة ، طفل ، زراعة ، شباب ، صحة ، تأهيل ... إلخ ) وذلك بهدف الضغط على حكومات أوروبا للقيام بالدعم المالي لتلك القطاعات .لقد شعرت أن هناك حالة من التكيف مع الأمر الواقع ومع ظروف استمرار الاحتلال والعدوان والحصار ، وأن ماكنة الدعاية الإسرائيلية أوصلت الرأي العام بما في ذلك البرلمانيين إلى قناعة مفادها ضرورة التأقلم مع الظرف القائم وبالتالي التركيز على المساعدات المالية والاغاثية والتنموية بدلاً من الضغط السياسي والقانوني من أجل التخلص من السبب الرئيسي جراء المشكلات والأزمات التي يحياها شعبنا في قطاع غزة وبالضفة الغربية أيضاً وذلك بدلاً من معالجة النتائج التي برزت جراء سياسة الاحتلال والحصار والمعازل ، مثل الفقر و البطالة والاحتياجات الإنسانية المختلفة .لقد ظننت أننا يجب أن نستثمر الفرصة من خلال وجود هؤلاء البرلمانين ولكنني اكتشفت ان هؤلاء أو بعض منهم يرغبون بإبقاء شعبنا واقفاً على طابور الإغاثة والمساعدات والتموين .