خبر : توظيف جديد للعنف وألأرهاب فى ألأعلام الغربى .. د. ناجى صادق شراب

الأحد 17 يناير 2010 01:04 ص / بتوقيت القدس +2GMT
توظيف جديد للعنف وألأرهاب فى ألأعلام الغربى .. د. ناجى صادق شراب



                             تأتى السياسات وألأجراءات ألأخيرة المتشدده  فى المطارات ألأمريكية والغربية على المسافرين وأمتعتهم فى سياق المرحلة الثانية لتوظيف العنف لتبرير القرارات والسياسات المتشده والتى تمس الحريات والحقوق التى يفترض ان يتمتع بها المواطن فى هذه الدول أستنادا الى ديموقراطية الحكم فيها ، والتى قد تتعارض مع ما تؤكده دساتير هذه الدول من حماية حقوق المواطن وعدم المساس  بها بعيدا عن الدستوروالمبادئ الديموقراطية ، . ولا شك أن هذه ألأجراءات تثير أحد أهم المعضلات الجدلية فى علاقة الديموقراطية بالعنف وألأرهاب ، من ناحية ، وتجاوز ما تحمله الديموقراطية من مبادئ وركائز تقوم على الحماية الشخصية للمواطن وعدم المساس بها. وأبتداء قد يذهب البعض للقول أن من حق هذه الدول أن تتخذ ما تراه مناسبا لحماية مواطنيها وأمنها حتى لو جاء ذلك على حساب تقييد هذه الحقوق والحريات . وأنا لآ أختلف مع هذا القول فى عمومياته، ولكن هناك ملاحظة أخرى ينبغى ألأشارة أليها وتأكيدها ولها علاقة مباشرة فى القرارات السياسية التى تتخذها هذه ألنظم ، مبررة قراراتها وسياساتها المتشدده وخصوصا ما يتخذ من قرارات الحرب والتى يتحمل ثمنها المواطن العادى ، ومن ذلك على سبيل المثال مثلا قرار الرئيس ألأمريكى أوباما أرسال قوات أضافية الى أفغانستان ، وتزايد عدد الضحايا من الجنود ألأمريكيين وغيرهم ، وما اشرنا اليه من أجراءات لم يتعود عليها المواطن فى أمريكا والغرب فى السفر والتنقل من مكان لآخر ، ومن مطار لآخر. وهذه الملاحظة تتعلق بطبيعة صنع القرارات  السياسية فى هذه الدول ، والتى تحكمها معايير ديموقراطية لا يمكن تجاوزها ، من ذلك المسؤولية فى أتخاذ هذه القرارات ، وتوفير الدعم الشعبى والمساندة لها ، وتحمل الفشل فى حال عدم تحقيقها ألأهداف المرجوة منها . فكما هو معروف ان القرارات السياسية فى الدول الديموقراطية نتاج ومحصلة مشاركة العديد من المؤسسات السياسية التمثيلية والحريصة على ضمان كسب الناخبين وتأييدهم فى أى أنتخابات قادمه ، الى جانب تاثير دور الرأى العام والصحافة وجماعات الضغط ، فهذه النظم من قبيل النظم المفتوحة ، والتى يتحمل فيها صانعى القرار مسؤولية مباشرة أمام مواطنيهم ، ناهيك ان مثل هذه القرارات تحتاج الى موازانات مالية كبيرة لتغطيتها ، والتى تخضع بدورها لتعقيدات وأجراءات وضغوطات سياسية بين الرئيس او السلطة التنفيذية وبين السلطة التشريعية التى تتحمل مسؤولية مباشرة ايضا أمام الناخبين الذين يتحملون العبئ ألأكبر ، استنادا الى مقولة لا ضريبة دون تمثيل . ، أو بعبارة أخرى لا ديموقراطية دون ضريبة . وتبريرا لهذه السياسات لا بد من توظيف جيد وجديد لقضية ألأرهاب والعنف التى تتعرض لها هذه الدول بسبب سياساتها وقراراتها فى العديد من الدول ألأخرى ، وهنا يأتى دور ألأعلام بكل وسائله ، ليوفر الدعم لكل القرارات والسياسات التى تتخذ . فلا يكفى القول أن هناك خطرا يتهدد أمن هذه الدول ، ، ولا يكفى تناول قضية ألأرهاب والعنف فى سياق خطب وشعارات ، بل لا بد من تحولها الى مكون يومى فى سلوك هؤلاء المواطنيين ، داخل بيوتهم وفى محال عملهم ، وفى سفرهم وتنقلهم من مكان ألى آخر ، ومن هنا تاتى هذه ألأجراءات المتشدده التى بات يعانى منها المواطن العادى ، والذى يصبح أمام خيارات ضيقة فإما ان يؤيد قرارات وسياسات حكومته وأما أن تتعرض حياته بإستمرار للتهديد ، وفى هذا السياق تبرر القرارات الكبيرة مثل أرسال جنود  وقرارات الحروب الكبيرة ، ولا شك ان وراء هذه القرارات تقف مصالح المؤسسات ألإقتصادية والعسكرية والسياسية الكبيرة ،  وهى التى تحكم فى الواقع فى هذه الدول .وتقف ورائها مصالح دول أخرى . وبهذا المعنى ومن خلال توظيف ألأعلام تتخلل حياة المواطن العادى قضية ألأرهاب ، والتى يمكن أن تحجب عنها الحقيقة ويبالغ فيها ،، لدرجة أن تخلق ثقافة الكراهية وعدم التسامح ، وثقافة أستخدام القوة ، وللأسف الشديد قد تعمق من ثقافة تصادم الحضارات وهنا تبرز الحضارة ألأسلامية المستهدفة وتسويقها عبر هذه ألوسائل ألأعلامية بان هذه الدول والشعوب المسماه العالم ألأسلامى هى منبع لهذا ألأرهاب ، والمتضرر ألأول فى هذا المقام هو ألأسلام ، والجاليات ألأسلامية التى تعيش فى هذه الدول وتستفيد من هامش الحريات والحقوق الذى توفره انظمة الحكم التى يعيشون فيها ويفتقدونها فى بلدانهم ، وبدلا من أن تتعمق دائرة وقوة هذه الجاليات تكون هى المستهدفة أولا من كل هذه السياسات والثقافات التى تسود فى تلك الدول ، وتصبح فى موقف المدافع عن نفسها ، وعليها أن تبرز كل الولاء وألأنتماء ، وأن تتصدى لمثل هذه العمليات التى قد يقوم بها أفراد غير مدركين تداعيات وسلبيات ما يقومون به على ألأسلام كدين ، وبهذه ألعمل نقدم صورة غير صحيحة ، وتضر بالصورة المشرقة للأسلام الذى يحمل من المبادئ والمعانى السامية فى ألأنسانية والتسامح ونبذ العنف  ما تفتقر اليه هذه الديموقراطيات العلمانية . وفى النهاية الخاسر الوحيد وألأكبر هو الدين ألأسلامى والشعوب ألأسلامية ومصالح دولها ,فعلى سبيل المثال المحاولة ألأخيرة التى حاول أن يقوم بها هذا المسلم النيجيرى ذوى الثقافة الغربية والذى يأتى من طبقة فوق المتوسطة ، فى محاولته لتفجير طائرة ركاب مدنية ، لا شك ان مثل هذا عمل مرفوض كلية وألأسلام يحاربه ويعارضه ، فالإسلام يساوى بين قتل هذه النفس كمن قتل الناس أجمعين .اننا أمام مواجهة خطيرة تستوجب من الدول ألأسلامية والجاليات ألأسلامية فى الخارج ، والدعاة ان يتصدوا لهذه الأعمال التى تأخذ ألأسلام بعيدا عن جوهره واهدافه السامية ، بتقديم النموذج الجدير أن يحتذى فى سلوكه وأفعاله ،وهذه السلوكيات ينبغى أن يلمسها المواطن العادى فى تلك الدول ، وهى الكفيلة فى النهاية أن تخلق لوبيات وقوى تأثير على أنظمة الحكم فيها ضد كل القرارات والسياسات التي تتخذ ضد اللدول العربية وألأسلامية ، وهذا يستلزم جهدا ورؤية واعية ، وتسخير الموارد وألأمكانات المادية التى من خلالها يمكن تحسين صورة ألأسلام والمسلمين ، وهذا هو اقصر الطرق لنشر ألأسلام ومبادئه السامية  وألأنسانية ،  هى حرب أفكار وأقلام ، وعلم ن وبيس حرب أفكار متشدده تعيش على العنف فى الجانبين ،ولعل من التداعيات الخطيرة لمثل تلك ألأعمال التى تحمل صفة العنف وألأرهاب أنها تؤثر بشكل مباشر على موقف حتى المعتدلين والمتعاطفين مع القضايا العربية وألأسلامية ، وتجعلهم فى موقف المؤيد لسياسات بلادهم ، وبذلك نخسر قوى كثيرة داعمه ومسانده ، وفى الوقت ذاته توفر كل المبررات لعودة المحافظون الجدد من جديد لتبرير مقولاتهم فى التأكيد على صحة مثلا مقولة صدام الحضارات وخصوصا الحضارة ألأسلامية التى تصور انها العدو الجديد ، وتبرر كل سياسات القوة والتوسع مع دول وشعوب من وجهة نظرهم لا ينفع  معهاألا القوة ، وتشجع على نشر نظريات القوة ونظريات الفوضى ، وغيرها من النظريات التى تجعل من المنطقة العربية وألأسلامية مختبرا لنظرياتهم .أكاديمى وكاتب عربى drnagish@hotmail.com