(1) أول هذه القضايا العربية الهيجان الإعلامي في مصر على اثر ما حدث في ميناء العريش مع المتطوعين الأوروبيين والأمريكان والأتراك والكنديين وغيرهم (قافلة شريان الحياة 3) الذين قطعوا آلاف الأميال ليصلوا إلى غزة عبر الأراضي المصرية (بحكم الجغرافيا) والذين يحملون معهم معونات إنسانية للشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة لأكثر من أربع سنوات، هؤلاء المتطوعون لاقوا معاملة سيئة من قبل السلطات الحاكمة في القاهرة لا تتناسب ومكانة شعب مصر العربي، لقد ضرب هؤلاء المتطوعون من قبل الشرطة ورجال الأمن السري حتى سالت دماؤهم واهين بعضهم.لقد تنكر رجال الأمن المصري كما تقول أوثق المصادر (الشرق القطرية 9/1) في ثياب مدنية وهم يحملون عصى كهربائية وقاموا بالاعتداء على أعضاء القافلة الإنسانية نتج عن ذلك قتل جندي مصري وإصابة 40 من أعضاء القافلة نقل منهم 11 مصابا بجروح شديدة إلى المستشفيات في العريش، إلى جانب ذلك تعرض الشباب الفلسطيني الذين كانوا في انتظار وصول ’قافلة شريان الحياة 3 ’ في الجانب الآخر من الحدود لعدوان رجال الأمن المصري الأمر الذي أدى إلى إصابة البعض منهم بجراح بليغة نقلوا على إثرها إلى المستشفيات في غزة وهم ما برحوا في حالة خطيرة نتيجة لجراحهم.لا بد أن نعبر عن حزننا العميق لهؤلاء الرجال والنساء الذين أتوا للتضامن وحمل المؤن لشعب فلسطين غزة المحاصرة ونقدم نحن العرب لهم الاعتذار لما أصابهم من الحكومة المصرية كما نتقدم بأحر التعازي لأسرة الجندي المصري الذي قضى بواسطة طلقتين أتته من الخلف ونحمل المسؤولية عن هذا الحادث الحكومة المصرية. يقول الدكتور طارق المحلاوي وكيل وزارة الصحة المصرية في شمال سيناء ’ أن الجندي المصري قتل برصاصتين في الضهر ويرجح أن الطلقات جاءت من الجانب المصري للحدود (سي .ان .ان + شبكة الإسلام اليوم). ما يثير استغرابنا لهذا الهيجان الإعلامي الذي انبرى بلا وعي يكيل الشتائم لكل من ناصر هذه القافلة، واستدعوا الحمية الوطنية لمقتل الجندي المصري، ونريد أن نذكر وزير خارجية مصر السيد أبو الغيط والناطق باسمه في الخارجية في القاهرة إننا لم نسمع هذه اللغة التهديدية والمتوعدة بالشر لسكان غزة عندما قتل الجيش الإسرائيلي 3 جنود مصريين على الحدود في سيناء في 18/1/ 2004، ولم نسمع من أبو الغيط ’ إن للصبر حدودا في 2/ 6 / 2006 ’نتيجة اغتيال إسرائيل مواطنين مصريين على الحدود، ولم نسمع احتجاجا واحدا على مقتل الطالبتين في معهد الخدمة الاجتماعية بمدينة نصر عندما كانتا في زيارة ميدانية في سيناء ’المحررة’ وطلب من أسرتيهما لملمة الموضوع. حزني على مصر الدولة التي امتصت النقمة الدولية على إسرائيل نتيجة حصارها وعدوانها على القطاع، حزني على شعب مصر العظيم الذي يقول بعض كتابه المرتزقة إن أهلنا في غزة اخطر على امن مصر من إسرائيل. (2) الخطر الداهم على امتنا العربية قادم من اليمن ولا أريد أن اقفز إلى النتائج التي ستنتج عن مؤتمر لندن المزمع انعقاده في أواخر هذا الشهر، لكني أركز على الأسباب. إن جوهر المشكل في اليمن هو التعسف غير المبرر من قبل القيادة السياسية في مواجهة مطالب الشعب اليمني بكل مكوناته، مطالب مشروعة محددة في إصلاح القضاء واستقلاله، تحريم الفساد بكل أنواعه وأشكاله، إعادة الحقوق إلى أصحابها دون عناء، المساواة بين المواطنين ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب على كل الصعد، ترسيخ قواعد الوحدة الوطنية للتراب اليمني، النهوض بالتعليم والصحة، الإسراع في عملية التنمية وأهمها طرق المواصلات والاتصالات البرية منها والجوية والبحرية، بمعنى آخر إحداث ثورة في البنية التحتية وإيجاد فرص عمل لكل مواطن. كل هذه المطالب مشروعة ولا تحتاج إلى معاناة أو مواجهة.إن مطالبة الرئيس علي عبدالله صالح للمجتمع الدولي بان يقف معه لمحاربة الإرهاب في اليمن دون تعريفه شيء خطير لان المعنى هنا يستهدف المعارضة السياسية المتصاعدة في اليمن. إن مطالبة الرئيس علي عبد الله صالح لقوى المعارضة بإلقاء السلاح يتطلب قبل ذلك طمأنة الناس على حياتهم وإعلان وقف الاعمال العسكرية ضد المعارضين لسياسته، وعفو عام وإعادة تشكيل حكومته طبقا لمطالب الشعب، وان لا يستعين بالقوى من خارج الحدود والا فان فخامة الرئيس سيكون في مرتبة كرزاي الأفغان تحميه قوات الناتو، أو كمحمود عباس تحميه قوات الجنرال دايتون والموساد أو كحاكم باكستان جعل وطنه مسرحا للخراب والدمار.آخر القول: على عقلاء العرب والزعماء العاقلين منهم عقلنة النظام المصري برفع الحصار عن غزة، واحذروا أن تحط قوات الناتو رحالها في اليمن، وإلا ستكونون أسرى إسرائيل في الشمال، وأمريكا في الشرق والناتو في اليمن وبذلك نكون جميعنا من الخاسرين.