خبر : في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية... ما زال الخلط قائما! .. باسل ناصر

الثلاثاء 05 يناير 2010 10:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية... ما زال الخلط قائما! .. باسل ناصر



  يحتفل الفلسطينيون وخاصة أبناء حركة فتح بذكرى الانطلاقة الخامسة والأربعين للثورة الفلسطينية المعاصرة وحركة فتح بالذات التي تبنى ذراعها المسلح في ذلك الوقت "قوات العاصفة" في الأول من يناير لعام 1965 عملية تفجير نفق عيلبون. وقد مرت حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية بعد ذلك بالعديد من نقاط التحول والمواقف والتحولات كان من أبرزها معركة الكرامة والصراع مع المملكة الأردنية الهاشمية، والانتقال إلى لبنان والصراع مع السوريين وبعض التيارات اللبنانية، والاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982 والذي تبعه الخروج من لبنان، وحقبة التسعينات الي تميزت بالولوج إلى مفاوضات مع إسرائيل وتوقيع إعلان المبادئ واتفاقية القاهرة وتأسيس السلطة الفلسطينية في قطاع غزة وأريحا، وما تلاها من مراحل تفاوضية انتهت بفشل الوصول لاتفاق في كامب ديفيد عام 2000 والذي على أثره نشبت الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وربما تكون هذه المرحلة الأكثر تعقيدا من حيث تحول حركة فتح من فصيل مقاتل إلى هيكل يجمع بين النضال والمفاوضات والإدارة، و في نفس الوقت تميزت هذه المرحلة بضعف دور منظمة التحرير الفلسطينية وتهميشها على حساب السلطة الوطنية ومؤسساتها. ولعل أسوأ ما مارسته حركة فتح أو ما وصلت إليه نتيجة عوامل مختلفة هو إذابة الفوارق بين كل من حركة فتح والسلطة ومنظمة التحرير. فقد طغى في تلك المرحلة ازدواجية في المهام والمسؤوليات، وفوضى في إدارة المال العام، وعدم وجود شفافية في التعيينات والترقيات. فكنت ترى الشخص نفسه عضوا في اللجنة التنفيذية للمنظمة ووزيرا ومسؤولا كبيرا في حركة فتح. وكانت التعيينات والترقيات في أغلبها مبنية على أسس المحسوبية والمعرفة الشخصية، وباستثناء وظائف التعليم والصحة نادرا ما كانت تقام مسابقات واختبارات للتعيين والتوظيف. أصبحت حركة فتح في خدمة السلطة وفي ذات الوقت تم تسخير امكانات السلطة لخدمة حركة فتح، ومنظمة التحرير أخذت تفقد قوة تأثيرها وحضورها لحساب حركة فتح والسلطة. حالة ترهل أصابت الحالة الوطنية الفلسطينية في ظل المواقف النفعية لبعض فصائل منظمة التحرير وسلبية فصائل أخرى، واستغلال تنظيمات الحركة الاسلامية لهذا التراجع والترهل الذي أصاب منظمة التحرير والسلطة، نتيجة هذا الخلط في الصلاحيات ودوائر اتخاذ القرارات. وقد نتج عن هذا فوز كاسح لحركة حماس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني الثاني في العام 2006. وبرزت ملامح صراع نفوذ وصلاحيات بين الرئيس محمود عباس والحكومة التي طالب كتلة حماس البرلمانية بتشكيلها، وقد انتهت حالة الصراع هذه بسيطرة حركة حماس بالقوة على قطاع غزة وتفرد حركة فتح بالحكم في الضفة الغربية. وقد توقع الكثير حدوث تطور في سبل إدارة المنطقتين الجغرافيتين من قبل كل من حركتي حماس وفتح، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك. وبالرغم من النجاحات التي يحققها سلام فياض في الضفة الغربية من ناحية الحكم والتنمية، فإن هذا لا يعتبر مؤشرا على نجاح حركة فتح، حيث أن العديد من قيادات حركة فتح تهاجم سلام فياض وحكومته في الأروقة المغلقة تارة وعلنا تارة أخرى. حركة فتح ما زالت تمارس خلطا بين مؤسسات الحركة والسلطة، حيث أن عدد من أعضاء اللجنة المركزية المنتخبين للحركة يمارسون أدوارا تنفيذية في مؤسسات السلطة وغيرها من المؤسسات الوطنية، بالرغم من الإعلان عن عدم جواز هذا الأمر قبيل عملية انتخاب أعضاء اللجنة المركزية. ما زالت مواقف حركة فتح تجاه المفاوضات والمقاومة غير واضحة، حيث لا يكفي الإعلان عن المواقف بل مطلوب تطبيق هذه المواقف عمليا. إجمال الموقف الفتحاوي الحالي يتسم بالتخبط تجاه الكثير من القضايا مثل المصالحة مع حركة حماس، والمفاوضات مع إسرائيل، والموقف من المقاومة، والتعامل مع حكومة سلام فياض، والعلاقة مع مؤسسات المنظمة، إلخ. هذه فرصة لحركة فتح لمراجعة موقفها من مجمل هذه القضايا، والنهوض بأوضاع الحركة والقضية الوطنية الفلسطينية، والارتقاء بالأوضاع الحياتية للناس. إن لحركة فتح دور مفصلي في إدارة مختلف الملفات الفلسطينية، وإن تراجع دور حركة فتح يقود لتراجع في إدارة هذه الملفات. وهنا مطلوب فصل حقيقي بين مؤسسات وومواقف كل من حركة فتح والسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وهو ما يمكنه أن يساهم في تطوير الأداء الفلسطيني بشكل عام. إن نهوض حركة فتح وتطوير أدائها سوف يؤدي لتصحيح جميع أوضاع الشعب الفلسطيني. فهذه الحركة الكبرى والتي قادت النضال الوطني الفلسطيني لعقود طويلة وأرست معالم الدولة الفلسطينية الموعودة وجندت الدعم السياسي والمالي العربي والدولي للقضية الفلسطينية لابد وأن تخرج من حالتها الراهنة بحيث تساعد الشعب الفلسطيني ومنظومته السياسية والإدارية في تحقيق قفزات نوعية على صعيد الفعل السياسي المقاوم وتعزيز سبل الوحدة الفلسطينية ورفع مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأبناء الشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة والشتات. وقد تمثل ذكرى الانطلاقة فرصة مناسبة لقيادة حركة فتح للمراجعة والتقويم والتطوير.