ما زال السلام أحد أهم الخيارات التى تواجه إسرائيل ، فبعد مرور أكثر من ستين عاما على قيام إسرائيل ما زال الصراع العربى الإسرائيلى والفلسطينى حصوصا قائما ، وتتسع دائرته مع عدم حله دائرة العنف والصدام الدموى ، وتتنامى معه الإتجاهات المتشدده ، وثقافة الرفض والعنف والكراهية وعدم القبول ، وكل هذا يؤكد أن القوة العسكرية لم تعد هى الخيار الذى يمكن أن يحسم هذا الصراع ، وعلى الرغم من هذه القناعة المتزايده على مستوى الشعبين الفلسطينى وألإسرائيلى ، إلا أن خيار السلام بقى بعيدا ويفتقر إلى القيادات السياسية القادرة على صنع السلام ، ولعل السؤال المهم الذى يمكن أن نثيره هنا : هل من مصلحة فى إستمرار الصراع ؟ ولمصلحة من ؟ وكان من المفترض ان تكون إسرائيل هى اكثر من تحتاج إلى البحث عن خيار السلام ، لما قد يوفره لها من أسس بقاء وأمن أكثر ديمومة من الخيار العسكرى .وإذا كان خيار السلام مستبعدا من وجهة نظر إسرائيل ، فما هى الخيارات المتاحة أمامها . ؟ويبدو من قراءة السياسة إلإسرائيلية وتطورها أنها أمام هذه الخيارات : خيار طرد وترحيل السكان الفلسطينيين سواء فى الضفة الغربية وغزه وفى داخل إسرائيل :وهو خيار مستبعد وغير ممكن على ألإطلاق ، فى المحددات البيئية ألإقليمية والدولية ، ولا حتى الإعتبارات ألأخلاقية تسمح بذلك . أضف إلى ذلك العامل السكانى ، فلا يمكن تصور أن بمقدور إسرائيل طرد وترحيل أكثر من ستة ملايين نسمه ، وحتى مع التسليم بذلك من هى الدولة التى يمكن أن تسمح بإستيعابهم وإستقبالهم . إذن هذا الخيار يتجاوز ليس فقط قدرة إسرائيل بل قدرة أى دولة أخرى ، فما حدث فى عام 1948 لا يمكن أن يتكرر فى الوقت الحاضر وحتى مع توافر كل العوامل التى يمكن أن تشجع إسرائيل على ذلك هناك عامل الرفض القوى لدى الفلسطيينيين برفض هذا الخيار مهما كان ثمن هذا الرفض . خيار إستمرار الإحتلال الخيار الثانى أمام إسرائيل إستمرارها إلى ما لا نهاية فى إحتلالها للأراضى الفلسطينية . وهذا الخيار مثل الخيار ألأول غير ممكن وغير محتمل لأسباب كثيره ، من ناحية إرتفاع تكلفة ألإحتلال فى ظل المقاومة الفلسطينية المتزايده والمتناميه مع زيادة عدد السكان وتنامى ثقافة القوة والعنف وثقافة الفعل ورد الفعل أضف إلى ذلك لم تعد توجد دولة فى العالم تحمل صفة الإحتلال إلا إسرائيل وهى صفة تتعارض مع زعم إسرائيل بديموقراطيتها وانها إمتداد للحضارة الغربية وأنها صاحبة رسالة أخلاقيه . وهذا الخيار يعنى إمكانية تحوله إلى حرب دائمه وهو أمر لا يمكن تصورة لأى دولة فى العالم ، كيف يمكن الجمع بين ألأمن والبقاء وخيار الحرب الدائمه ؟ هذا إلى جانب أن خيار الإحتلال يفرض على إسرائيل وفقا للقانون الدولى الإنسانى وإتفاقيات جنيف والمواثيق الدولية يفرض عليها مسؤوليات سلطة ألإحتلال إزاء هذا العدد الكبير من السكان من حيث تقديم كافة الخدمات ألإنسانية لهم حتى مع التحكم فى كل الموارد المتاحة ، وأخيرا أن هذا الخيار يعنى هيمنة دور المؤسسة ألأمنية والعسكرية ومن شأن ذلك أن يسلب إسرائيل إسرائيل كل مظاهر سياستها المدنية لصالح المؤسسة العسكرية . خيار ضم ألأراضى الفلسطينيةالخيار الثالث أما م إسرائيل أن تقوم بضم كل ألأراضى الفلسطينية وخصوصا الضفة الغربية من فلسطين ، وهذا الخيار أيضا غير ممكن ويتعارض تماما مع ما تسعى إليه إسرائيل من إعتراف بيهوديتها ، وسوف يضيف مشاكل كبيره أمامها فيما يتعلق بمشاكل ألتكامل والإندماج التى تعانى منها ألأن ، وهذا الخيار سوف يفضى إلى حل دولة واحده ثنائية القومية ن ويتنكر هذا الخيار لكل حقوق الشعب الفلسطينى التى أقرتها لها الشرائع الدولية وقرارات الشرعية الدولية التى أكدت على عدم شرعية ألإحتلال وبطلان كل الإجراءات التى إتخذتها إسرائيل فى ألأراضى الفلسطينية وفى مقدمتها ضم ألأراضى الفلسطينية ، وكان هذا واضحا فى ديباجة قرار مجلس ألمن رقم 242الذى لا يجيز ضم أراضى الغير بالقوة .وهذا الخيار يضع إسرائيل أمام إختيارين ، إما إنكار للحقوق الفلسطينية وهو ما سيؤكد صفة العنصرية لإسرائيل ، أو أن تعترف بنفس الحقوق للسكان الفلسطينيين . خيار حل الدولتين وحل السلام وإنهاء الصراعويبقى هذا الخيار هو الخيار العملى للرد على الخيارات السابقة , ومن خلال هذا الخيار يمكن تحقيق كل ألأهداف التى عجزت الحرب عن تحقيقها ، وقد يفضى هذا الخيار إلى شكل من أشكال التعاون الإقتصادى والرفاهية لجميع الشعوب ، وسيرسى لإحلال ثقافة التسامح ونبذ العنف والتطرف والتشدد ، وثقافة القبول والتعاون وتبادل المنافع والمصالح ‘ وقد يعمق من العلاقات على مستوى الشعبين ، ومن شانه أن يفتح آفاقا جديده للتعاون بدلا من الصراع والصدام . فبديل الحرب السلام . أستاذ العلوم السياسية /غزه DRNAGISH@HOTMAIL.COM