خبر : وماذا بعد الاحتفالات بالانطلاقات المجيدة ؟ ...عماد عبد الحميد الفالوجي

الخميس 17 ديسمبر 2009 02:34 م / بتوقيت القدس +2GMT
وماذا بعد الاحتفالات بالانطلاقات المجيدة ؟ ...عماد عبد الحميد الفالوجي



سؤال يكره سماعه الكثير من القيادات الحزبية التى لا تعرف سوى لغة الخطابات العامة والكبيرة وتحصر نجاحها فى قدرتها على دغدغة مشاعر الجماهير التى نجح كل فريق فى جمعه واعتبار هذا الحجم هو مؤشر نجاح أو فشل الاحتفال بانطلاقته , بل ويعتبره هذا البعض هو المقياس الوحيد والحقيقي لنجاح أو فشل الحزب , ولكن عندما يسمع السؤال المطروح منذ زمن بعيد , وماذا بعد ؟ , تجده مستفزا ولا يملك جوابا واضحا ومحددا , بعد أن تم له ما أراد ونجح فى امتحان قدرته على الجمع المهيب , حضر الجميع ثم انصرف الجميع , هل انتهت المهمة , وهل حققنا الأهداف التى من أجلها انطلقنا ؟ سؤال يبحث عن إجابة مقنعة . رأينا الأحزاب الكبيرة فى الدول التى تحترم عقول أبناءها  كيف تحتفل بذكرى انطلاقتها , ليس بكل هذا الضجيج المفتعل وهدر كل تلك الأموال , ولكن من خلال جمع عدد كبير من المثقفين والأكاديميين والمسئولين فى قاعة محترمة توحي بجدية وأهمية الحدث واللقاء , ويتم طرح مسيرة الحزب وتقديم انجازاته على الأرض وطرح خططه المستقبلية ورؤيته الشاملة لكل ما تتعرض له الدولة والمنطقة المحيطة , إذا كان هذا الحزب هو الحزب الحاكم فيدافع عن فترة حكمه ويطرح انجازاته العظيمة وطبيعة حكمه وقراراته وغيرها من القضايا الهامة , وإذا كان الحزب خارج الحكومة يطرح برنامجه الخاص لتحسين أوضاع الدولة وتطوير حياة المواطنين وينتقد أداء حزب السلطة ويقدم رؤيته البديلة حول كافة القضايا ويقدم نفسه من خلال احتفاله بانطلاقته بصورة جديدة للشعب فى محاولة لكسب ثقته فى أي انتخابات قادمة وحرصه على التصالح مع نفسه ومع شعبه من خلال حوار جدي ومسئول , كل ذلك يتم طرحه أمام تلك الشريحة المثقفة والمسئولة للنقاش والنقد , ومن خلال ذلك يكتشف كل حزب مواطن الضعف والقوة لديه من خلال استطلاع حقيقي لرؤية حقيقية من أهم شريحة مجتمعية مؤثرة وهم شريحة المثقفين والأكاديميين . ولقد تميز شهر ديسمبر وما قبله وما بعده بمرور  ذكري انطلاق الكثير من الفصائل الأساسية فقبله بقليل كانت ذكرى الجهاد الإسلامي فى فلسطين , وفيه ذكرى انطلاقة الانتفاضة الكبرى عام 1987 , ثم ذكرى  انطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين , ثم ذكرى انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية " حماس " , وفى آخره ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح " , وهكذا تمر الذكريات ويراقب شعبنا كل عام كيف تمر هذه المناسبات , فلا نكاد نجد سوى الاحتفالات الشكلية العامة من رفع الرايات الخاصة بتلك الفصائل بشكل مبالغ فيه كثيرا ثم عقد مهرجانا شعبيا يسعى المنظمون دائما أن يضم أكبر عدد ممكن – وهذا مقياس نجاح أو فشل الاحتفال – ثم يتم طرح خطابات عامة لدغدغة العواطف , وبالتأكيد الجالس فى بيته يسمعها بشكل أوضح بكثير من المتواجد على ساحة المهرجان لأن الغالبية العظمى لا تأتي لتسمع أو تعي ما سيقال أو ما سيطرح من أفكار جديدة قد تستحق الاهتمام , وإنما الغالبية قادمة فقط لأداء مهمة الاستعراض المطلوب دون الاهتمام لأي شيء آخر لأنه لا يهمه كثيرا وليس مطلوبا منه أن يفهم ولن يراجعه أحد أو يناقشه فيما سمع لمعرفة رأيه – إذا كان لديه رأي – أو مسموح أن يكون له رأي فى الأساس , لأن ثقافتنا الحزبية لازالت لا تسمح ولم تتطور لدرجة أن يكون لأحد الأعضاء رأيا مخالفا أو الحق فى إبداء ملاحظة فى قضية لم يقتنع بها فهو إن فعل أصبح فورا وتلقائيا فى دائرة المشكوك بولائه للحزب , وهكذا تنتهي الذكرى ونعود من جديد لحالنا السابق بانتظار أي حدث جديد أو الإعداد للانطلاقة القادمة لتكون أكثر حجما وقوة وحضورا من الانطلاقة الحالية , دون أن نجد فعالية هادئة لسماع رأي الطبقة المثقفة فى ممارسة هذا الحزب لكي يسمع بوضوح رأي الشارع فى أدائه سواء بالنقد الإيجابي أو السلبي , والاستماع الى آراء ومقترحات قد تحقق مصلحة وطنية عليا مطلوب من الحزب أن يقوم بها . وبعيدا عن الانفعالات العاطفية التى تصاحب هذه الذكريات وبعيدا عن التركيز فى الخطابات التى تعبر عن مواقف تلك الفصائل , وبعد أن تحقق تلك الفصائل انجاز إثبات الذات , سيبقى السؤال يلاحقهم , وماذا بعد ؟ وهل أصبحت المهمة الرئيسية هو إثبات الذات وقوة الحضور , وهل هناك من يشكك بوجود الفصائل أصلا حتى يتم بذل كل تلك الجهود , وإهدار كل تلك الأموال لتحقيق هدف لا يحتاج الى إثبات ؟ وهل انتبهت فصائلنا الى الحالة النفسية لدى شريحة واسعة من فقراء شعبنا وأصحاب الحاجة وإحساسهم بأنهم أولى بتلك الأموال أو بجزء منها , وكان يمكن أن تحقق تلك الفصائل حضورا أقوى وحقيقيا فى قلوب هؤلاء أهم بكثير من تحقيق صور وهمية مختلف فى حجمها وعددها وينتهي تأثيرها بانتهاء ساعتها . ويبقى السؤال يطارد كل القيادات الحزبية , بالرغم من هذا الالتفاف الشعبي حول الأحزاب والفصائل – كما يحلو للبعض وصفه – هل نقترب أم نبتعد من تحقيق حلم شعبنا وقضيتنا فى تحقيق الوحدة والاستقلال ؟ , وما فائدة كل تلك الفعاليات الشعبية والجماهيرية إذا لم تصب فى صالح القضية الأساس وهي إنهاء الاحتلال وتحقيق الكرامة وحفظ المقدسات ؟ أليس من المخجل الحديث عن انتصارات وانجازات داخلية وهمية - على بعضنا البعض - , بينما يواصل عدونا تنفيذ مخططاته على الأرض ولم نعد قادرين على فعل شيء حقيقي على الأرض سوى العويل ولعن الذات وجلد أنفسنا والاستنجاد بمن لا يملكون أصلا نجدة أنفسهم وأصبحنا ألعوبة فى أيدي سماسرة لا يعرفون سوى مصالحهم الذاتية , ولازال الحصار يحاصرنا والقدس تستصرخ ضمائرنا ودم الشهداء ينادينا وآهات الأسرى تطاردنا وآلام الجرحى تدمي قلوبنا , وأصبحنا نهرب من حقيقة واقعنا لنصنع واقعا وهميا مرسوما بأذهاننا والمصيبة أن البعض اعتبره حقيقة على الأرض فتعامل معها , ولذلك يعتقد دائما أنه المنتصر , والحقيقة غير ذلك تماما .  رئيس مركز آدم لحوار الحضاراتwww.imadfalouji.ps