التحديات والمعوقات التى تنتظر المفاوضات الفلسطينية –ألأسرائيلية كثيرة ومترابطة ومتداخله مما يجعل التعامل معها يشكل صعوبة كبيرة ، وخصوصا من جانب المفاوض الفلسطينى ، وهذا ما أدى ألى وصول المفاوضات ألى طريق مسدود لا يصلح معه ألا خيار الرزمة الكلية . وفى مقدمة هذه التحديات والصعاب التى كانت سببا فى فشل المفاوضات حتى ألأن ، وعدم أستئنافها حتى هذه اللحظة قضية ألأستيطان ألأسرائيلى فى ألأراضى الفلسطينية . وبداية لا بد من توضيح الفهم الحقيقى للمستوطنات من المنظور ألأسرائيلى ، فنحن لسنا أمام نموذج عادى للأستيطان ، بل نحن أمام نموذج يجسد مفهوم أسرائيل كدولة ، ويجسد ويلخص كل عناصر ألأيدولوجية الصهيونية . ومن هنا عقدة هذه القضية وعدم قدرة أى حكومة أسرائيلية على معالجتها وأتخاذ قرار بشأنها وهذا ليس تبريرا للموقف ألأسرائيلى بقدر ما هو فهم حقيقة هذه القضية ، فالعملية ألأستيطانية ألأسرائيلية تقوم بثلاث وظائف رئيسية ، ألأولى وظيفة نشأة أسرائيل كدولة ، وفى هذا السياق لعبت المستوطنات قبل قيام أسرائيل دورا هاما فى التمهيد لقيام أسرائيل كدولة ، والوظيفة الثانية تثبيت وجود اسرائيل من خلال جلب المزيد من المستوطنيين واليهود من شتى أنحاء العالم ، وبهذا المعنى رسخت فكرة ألأستطان أسطورة أرض الميعاد ، وأرض الآباء وألأجداد الى غير ذلك . وثالثا تقوم المستوطنات بوظيفة التوسع وألأمتداد الأقليمى ، فالمسألة ليست مجرد عملية بناء ، بقدر ما هى مرتبطة بوظيفة كدولة وتحولها من دولة منفى الى دولة قومية مسيطرة ، . هذه الوظائف للمستوطنات ينبغى أن تكون معلومة ومفهومة لدى المفاوض الفلسطينى . ، وذلك عند التفاوض بشأنها والخيارات المتاحة أمامه . وترجع الصعوبة فى أعتقادى ألى أستبعاد بديل المفاوضات الحقيقة ولو فى المرحلة الحالية ، ومن ثم لا بد من ألأستمرار فى العملية التفاوضية ولكن من موقف المؤثر والقادر على تحريكها وتوظيف كل العوامل المساعده والداعمه نحو نتائج مرضية , وفى حال أن وصل المفاوض الفلسطينى ألى قناعة نهائية يصبح معها الخيار التفاوضى غير مجدى على ألأطلاق عندها يمكن التفكير ومن ألأن فى الخيار البديل الواقعى والقابل للتطبيق ، قبل أن تلتهم المستوطنات ما تبقى من ألأرض الفلسطينية التى يمكن ان تشكل مستقبلا أى أمكانية لأى حل سياسى . وألفرضية ألأساسية فى العملية التفاوضية من منظور التسوية و هى قيام الدولة الفلسطينية كأساس لأى حل تفاوضى ، وهنا التعارض وعدم التقابل بين معادلة الدولة ومعادلة المفاوضات ، ومعادلة ألأستيطان ، ونحن هنا لا نتحدث عن بقية القضايا التفاوضية ألأخرى كاللاجئيين ، وغيرها . وعليه تشكل قضية ألأستيطان بؤرة التفاوض الجوهرية التى لا يمكن أبداء أى مرونة بشأنها ، وألا فقدت العملية التفاوضية منذ البداية مغزاها ومضمونها السياسى الحقيقى ، وذلك لأرتباط ألأستيطان بعنصرى الصراع الرئيسسيين ، وهما عنصر السكان ، وعنصر ألأرض ، وهما العنصران اللذان سيشكلان مستقبل الصراع ، ومستقبل أى عملية تفاوضية .أذن هى قضية ومنذ البداية تمس الوجود المادى والهوية الفلسطينية ، وتمس بشكل مباشر مظاهر ممارسة السيادة السياسية للسلطة الفلسطينية على أرضها ، فوجود المستوطنات وصورتها القائمة عامل تفكيك وتشتيت لعناصر الدولة كلها ، عنصر ألأقليم الذى سيفقد وحدته ألتكاملية والأقليمية ومن ثم يفقد وحدته الجغرافية ، وعنصر السكان الذى ستحوله المستوطنات ألى كتل بشرية متباعده وغير متواصله مما قد يشجع فى المستقبل من أمكانات الأنفصال ، واما عنصر السيادة فستفقد أهم خاصياتها وهى خاصية السلطة المطلقة العليا على كل أقليمها . والسؤال الذى يطرح هنا وبكل وضوح والذى بدونه سنفقد مقدما ما نريده من مفاوضات : هل يمكن التوفيق بين ألأهداف السياسية للمفاوضات والمتمثلة أساسا فى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ، وأهداف ووظائف الأستيطان ؟ والسؤال بصيغة اخرى هل بمقدور المفاوض الفلسطينى والمفاوض ألأسرائيلى التوفيق والوصول ألى صيغة مقبوله تجمع بين عنصرى المعادلتين ؟ وألأجابة السريعة والتى لا يختلف عليها أى مراقب ومتابع للمفاوضات أنه لا يمكن الجمع بين اهداف المفاوضات الهادفة التى تسوية متوازنه تحقق ولو الحد ألأدنى من الحقوق الفلسطينية بما فيها الدولة الفلسطينية ، وألأهداف التى تسعى أسرائيل الى تحقيقها من عملية ألأستيطان التى تقوم بها ، والتى تشكل عملية مستمره لم تتوقف على مدار مختلف الصراع العربى ألأسرائيلى . ولذلك توقف ألأستيطان من منظور أسرائيل هو توقف لأهداف أسرائيل الكبرى . بل أن الهدفين يتعارضان ولا يلتقيان ، أما عن ألأجابة ألأخرى والتى تستند على ما هو قائم وعدم القدرة على تغييره والقائم على موازين القوى القائمة والتى أذا لم يتم البحث عن صيغ سياسية للتوفيق ووقفها فأن عناصر الصراع هى التى ستحكم مستقبل الصراع أكثر من عناصر التعايش والبحث عن حلول سياسية، فمن منظور المعادلة ألأستيطانية فعنصر ألأرض كما أشرنا يشكل جوهر الحركة الصهيونية ، وهو أن عنصر ألأرض أساس مفهوم السلام ألأسرائيلى ، والمسألة تبدو أكثر صعوبة أذا ما أخذنا فى ألأعتبار عاملى المساحة والخصائص الجغرافية والطبوغرافية للأرض الفلسطينية . ومن منظور المعادلة التفاوضية الفلسطينية يشكل عنصر ألأرض أساس وجوهر أى تسوية سياسية حقيقية ، وكيف يمكن تصور قيام الدولة الفلسطينية فى ظل أستمرار ألأستيطان الذى يقوم على ألأرض المفترض أن تقوم عليها هذه ألأرض . وبالتالى عنصر ألأرض جوهر عملية السلام التى تقوم على مبدا ألأرض مقابل ألسلام ،وحتى نقترب من هذا المبدأ أو هذه المعادلة فلا بد من ألأخذ فى الحسبان ألأستجابة الشرعية والقانونية والسياسية لمبدأ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى فى أقامة دولته المستقلة وممارسة سيادته وسلطاته عليها .ومن هنا يتكشف البعد ألأول فى المعادلة التفاوضية ألأستيطانية وهو أنه بقدر ألأنسحاب من ألأراضى الفلسطينية بقدر الوصول وألأقتراب أكثر من المعادلة التفاوضية والعكس صحيح . أما البعد الثانى الذى يرتبط بطرفى المعادلة فهو الممارسة السيادية الفعلية على ألأرض حتى يتمكن الفلسطينيون من أقامة دولة حقيقية وقادرة على أداء مهامها ووظائفها كبقية الدول ألأخرى من أمن وأستقرار ورفاهية لشعبها ن والمساهمة الفعلية فى ألأستقلال بقرارها وأداء دورها كعامل أضافى فى الحفاظ على أمن وأستقرار المنطقة . /أكاديمى وكاتب عربى drnagish@hotmail.com