تتواصل الانتقادات الإسرائيلية للعدوان على قطاع غزة المحاصر للعام 17 على التوالي، مؤكدة أن بنيامين نتنياهو الذي يرأس حكومة الاحتلال اليمينية بحث عن إنجاز شكلي، في الوقت الذي تتصاعد فيه الأزمات الإسرائيلية الداخلية.
وبدأ العدوان الإسرائيلي الساعة الثانية فجرا من يوم الثلاثاء 9 أيار/ مايو الجاري، واستمر خمسة أيام حتى الساعة العاشرة من مساء السبت الـ15 من ذات الشهر، وقامت طائرات الاحتلال الإسرائيلي بشن غارات عنيفة استخدمت فيها قنابل أمريكية شديدة الانفجار وذات قدرات تدميرية كبيرة.
وأوضحت صحيفة "هآرتس" في تقرير من إعداد نحاميا شترسلر، أن عملية "درع ورمح" العسكرية التي شنتها "إسرائيل" على قطاع غزة، أثبتت صحة ما قاله هنري كيسنجر ذات مرة، أنه "لا يوجد لإسرائيل سياسة خارجية، بل فقط سياسة داخلية".
وقالت: "بعد يوم على تصفية ثلاثة من قادة الجهاد الإسلامي، قام نتنياهو بتجنيد كل مواهبه في اللعب وظهر في التلفاز كبطل لا يخاف، قام بتصفية الأعداء بضربة كبيرة واحدة، تحدث عن قصص بطولة مثيرة للانطباع، وقال نتنياهو "لقد أنزلنا على الجهاد الضربة الأقسى في تاريخه"، لكننا نتذكر هذه الجملة من الماضي، بعد ذلك صرح بشكل احتفالي "لقد خلقنا معادلة جديدة"، لكن حركة الجهاد لم تتأثر واستمرت في إطلاق 1500 صاروخ وقذيفة، بما في ذلك على تل أبيب و"رحوفوت" وعسقلان و"بيت شيمش" وجبال القدس".
ورأت أن "الحقيقة هي أن الحديث يدور عن منظمة صغيرة وعملية جزئية، لا توجد معادلة جديدة أو أي شيء آخر، العملية لم تغير أي شيء في الواقع الاستراتيجي، هكذا، بعد بضعة أشهر سنجد أنفسنا أمام عدوان جديد، ومن المضحك أيضا التفاخر بـ "انتصار عسكري مثير للانطباع" عندما توجد لنا ميزانية ضخمة وطائرات قتالية متطورة ودبابات حديثة ومدافع ضخمة وسلاح بحرية يقصف من الغرب، وهم لا يوجد لهم أي شيء؛ لديهم فقط كمية محدودة من الصواريخ، جزء منها يتم تهريبه والباقي يصنع في ورشات صغيرة ومخارط قديمة، والصاروخ الذي أصاب البيت في "رحوفوت" وقتل مستوطنة، هو أحد هذه الصواريخ محلية الصنع، مداه 70 كم ويمكن أن يحمل 20 كغم من المواد المتفجرة البدائية، لكن الطائرة القتالية "أف-35" التي نمتلكها تحمل عدة قنابل ذكية بوزن نصف طن لكل قنبلة".
ونوهت الصحيفة أنه "كان يجب علينا ضرب "الجهاد الإسلامي"، ولا توجد حكومة كانت ستصمد أمام الضغط الذي استخدم عليها من قبل اليمين المتطرف وسكان المنطقة الجنوبية الذين تحولت حياتهم إلى جهنم، لكن التفاخر بإنجاز عسكري، هو إهانة للعقل، كان من المضحك سماع الدعوات المثيرة للمحللين العسكريين، وكان من المخجل الاستماع لكبار قادة الجيش الإسرائيلي السابقين مثل اليعيزر مارون (تشيني) الذي تحدث بانفعال عن "عملية بطولية ظهرت فيها قدرات هائلة، وكشفت تفوق الجيش، لقد قمنا بتعريتهم"".
ونبهت أنه "لا توجد حدود للغطرسة، ففي نهاية المطاف الحديث يدور عن عدوان نحن فيه نمثل الفيل، حيث نسدد ضربات شديدة، لكن الطرف الآخر نجح في شل نصف الدولة خمسة أيام، لو أننا على سبيل المثال كنا نضرب إيران بهذه الصورة كنا سنفهم هذه الدعوات الانفعالية، لأنه يوجد لدى إيران جيش حقيقي وهي خطيرة".
ولفتت "هآرتس" إلى أن "ما دفع نتنياهو لشن العملية العسكرية، هو سياسة داخلية؛ الهبوط الشديد في الاستطلاعات، لذلك من الجدير تسمية العملية بـ"درع واستطلاع" وليس "درع ورمح"، نتنياهو قام بشن عملية تضعه كزعيم قوي، لأن هذه هي الصفة الأكثر أهمية بالنسبة للناخب الإسرائيلي".
وأفادت أن "نتنياهو يكره المخاطرة بشكل بارز، وهذا هو السبب في أنه أراد إنهاء العملية بسرعة، بعد يوم على بدئها، عندما أصبح في جعبته إنجاز يتمثل في تصفية ثلاثة من قادة العدو، ولكن الطرف الآخر رفض، وبحث عن الانتقام، ونتنياهو هو شخص جبان – تأجيلي، لا يريد أن يصدم الجميع".
وأكدت الصحيفة أن "رئيسا يعرف أنه لا يوجد حل عسكري لقطاع غزة والضفة الغربية، لكنه مع ذلك يرفض التحدث مع السلطة الفلسطينية عن حل سياسي، لذلك، الصواريخ من غزة ستعود قريبا، هذا ضد الزعامة، التي هدفها الوحيد هو مواصلة البقاء في الحكم".
وتسبب العدوان الإسرائيلي على غزة في ارتقاء 33 شهيدا وإصابة 190 آخرين بجراح مختلفة، وفي أضرار كبيرة في ممتلكات المواطنين، حيث بلغ عدد الوحدات السكنية التي طالها الهدم الكلي 93 وحدة سكنية، و128 وحدة أصيبت بأضرار جزئية ولم تعد صالحة للسكن، إضافة إلى 1820 وحدة سكنية أصيبت بأضرار جزئية وهي صالحة للسكن، ليصل إجمالي عدد الوحدات السكنية المتضررة جزئيا إلى 1948.