خبر : الانقسام هو الانقسام ..م. عماد عبد الحميد الفالوجي

الثلاثاء 17 نوفمبر 2009 12:26 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الانقسام هو الانقسام ..م. عماد عبد الحميد الفالوجي



لا يمكن تعريف الانقسام سوى بكلمة واحدة تشرح نفسها بنفسها هو الانقسام , ولا يوجد له مدلولات أخرى ولا يمكن تجميله أو التقليل من مخاطره مهما حاول ذلك المفسرون , ولا يوجد انقسام راسخ وآخر غير راسخ , ولا يوجد انقسام شرعي وآخر غير شرعي , لذلك لا معنى للمقولة التى تتكرر كثيرا هذه الأيام على لسان الكثير من القادة والناطقين الرسميين لهذا الفصيل أو ذاك " إن هذا يرسخ الانقسام " كلما كان الحديث عن خطوة أو فكرة من شأنها – كما يجتهد أصحابها – أنها قد تكون مخرج للحالة الفلسطينية الراهنة , لسبب واضح وبسيط أن الانقسام عمليا وعلى أرض الواقع راسخ ولا يحتاج الى دليل أو سبب لتأكيد ترسيخه على الأرض , ويجب الاعتراف بهذه الحقيقة مهما كانت صعبة ومؤلمة والابتعاد قدر الإمكان عن الوهم الذي يسكن الكثيرين بأن الحديث عن الانقسام كواقع يزيد من حالة الإحباط الذي يعاني منه شعبنا , ولكن التهرب من الإقرار بالواقع والحقيقة لا يمكن أن يساهم فى حل المشكلة القائمة . ومن هنا وبكل مسئولية وطنية يجب الوقوف طويلا أمام الواقع الصعب الذي تمر به قضيتنا الفلسطينية , والوقوف أمام الحقائق كما هي بدون تجميل أو تقزيم أو تهويل لوضع النقاط على الحروف والتفكير بجدية تامة في الخيارات المتاحة أمامنا والبحث عن الحلول الإبداعية الخلاقة الكفيلة بإنهاء الحالة الفلسطينية الحالية لأنه لا يمكن الحديث عن أي فعل فلسطيني جاد ومسئول وخاصة فى الجانب السياسي أو النضالي فى مواجهة التعنت والصلف الإسرائيلي بدون استعادة الوحدة الداخلية الفلسطينية بحدها الأدنى والمتمثلة بإنهاء حالة الانقسام , وهذا لا يكون بالتهرب من استحقاقات هذا الهدف وأولها الاتفاق على إجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية قبل أن نغرق فى بدائل كارثية قد لا يحتمل نتائجها الوضع الفلسطيني بشكل عام , ولن تقتصر نتائج تلك البدائل على جهة بعينها بل ستشمل الكارثة الشعب والقضية ولن نجد من يقف معنا يساندنا , بل سنعطي أعداء شعبنا الغطاء – كما فعلنا سابقا – لإثبات أن شعبنا غير قادر على قيادة قضيته وهو بحاجة الى الوصاية من أطراف أخرى – بغض النظر عن هويتها أو جنسيتها - , وليس الحل كذلك بالتهرب من تحمل المسئولية حتى النهاية ومن هنا فإن قرار الرئيس محمود عباس بعدم رغبته فى ترشيح نفسه لولاية جديدة كان يمكن النظر إليها بأنها قرار شخصي شجاع يدل على أننا أمام صنف جديد من القادة الذين لم تتعود العقلية العربية على أمثالهم لزهدهم بالمناصب لأن ثقافتنا العربية لازالت فقيرة فى هذا الجانب , ولكن توقيت هذا الإعلان فى وضع يشبه الوضع الفلسطيني لا يعني الزهد فى المنصب بل يتعدى ذلك ليصبح تهربا من استكمال المسيرة فى أصعب أوقاتها , وبالتالي لن يكون ذلك حلا مساعدا لنا كشعب فلسطيني بل كانت المطالبة المخلصة أولا هو الخروج من هذا المأزق الذي وصلنا إليه وثانيا نجاحنا فى قيام دولتنا الفلسطينية المستقلة وبعدها يمكن اتخاذ المواقف حسب رغبة أصحابها , ومن هنا لابد أن ينصب الجهد فى ضرورة إنجاح الجهد المصري وضرورة توقيع وثيقة المصالحة الفلسطينية للانتقال بعدها الى مرحلة التنفيذ والتى لن تكون سهلة بل أيضا ستحتاج الى جهد كبير من نوع آخر لتحقيق وحدة الشعب والوطن . إن الحديث اليوم عن ضرورة التوجه الى مجلس الأمن لاستصدار قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 عبر لجنة المتابعة العربية المنبثقة عن الجامعة العربية هو خطوة متقدمة ولكنها ليست جديدة بل سبق وتم طرحها فى مايو 1999 ذلك التاريخ الذي انتهت بموجبه المرحلة الانتقالية للانتقال لمرحلة الدولة حسب اتفاقيات أوسلو , وناقشت القيادة الفلسطينية فى حينها خيار إعلان الدولة من طرف واحد والتوجه الى الجمعية العامة ومجلس الأمن , ولكن التردد والخوف من الإجراءات الإسرائيلية والاستجابة لنصائح بعض الأصدقاء بعدم القيام بهذه الخطوة دفعنا للتراجع عنها – بالرغم من وجود شبه إجماع فلسطيني عليها -  وكان القرار التوجه لاستكمال المفاوضات لعلنا نتوصل الى ذلك الاتفاق عبر المفاوضات واعتراف المجتمع الدولي بالدولة الفلسطينية وأن لا يكون الإعلان من طرف واحد , واليوم وقد وصل هذا الخيار الى طريق مسدود كان لابد من العودة الى خيار الدولة ولكن المشكلة اليوم بعكس ما كانت بالأمس تتمركز فينا نحن الفلسطينيون ومدى جاهزيتنا لهذا القرار فى ظل الانقسام الواقع والضعف الذي يحيط بنا , وفى كل الأحوال فإن أي خيار سنتخذه سيصطدم بواقع الانقسام ولا يمكن تجاهل هذه الحقيقة , وسيبقى الانقسام سيفا مسلطا فوق رؤوسنا ولكنه يلعن من يقفون وراءه .    رئيس مركز آدم لحوار الحضاراتwww.imadfalouji.ps