خبر : ما العلاقة بين منظمة جي ستربت وتقرير غولدستون؟..ماجد عزام

السبت 14 نوفمبر 2009 11:22 ص / بتوقيت القدس +2GMT
ما العلاقة بين منظمة جي ستربت وتقرير غولدستون؟..ماجد عزام



في الظاهر ليس من علاقة مباشرة بين منظمة جي ستريت في الولايات المتحدة , وتقرير القاضي الجنوب الأفريقي ريتشارد غولدستون , غير أن نظرة أكثر عمقاً وتحليلاً تؤكد أن ثمة قاسم مشترك بين الأمرين، صورة إسرائيل كدولة تستطيع أن تفعل ما يحلو لها , تتجاوز القوانين والمواثيق الدولية دون أي محاسبة أو مساءلة , تاكلت و باتت الدولة العبرية بحاجة إلى صديق ينقذها من نفسها، حسب التعبير الشهير للسياسي الاسرائيلى يوسى بيلين .  تعبر منظمة جي ستريت-اللوبى اليهودى الجديد فى الولايات المتحدة كما تقرير غولدستون عن سيرورة طويلة وستمرة تبدو أشد وضوحاً في أوروبا عنها فى الولايات المتحدة. بدأت تلك السيرورة زمنيا مع احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة، وعدم اعتراف معظم دول العالم بالاحتلال وتجلياته المستوطنات مثلاً، وتسارعت مع الانتفاضة الأولى , وبداية لعب الصورة دور كبير ومؤثر في صياغة الرأي العام العالمي، وبات مشهد الطفل فارس عودة فى مواجهة الدبابة رمزاً للمظلومية الفلسطينية , كما الجبروت والاحتلال الإسرائيلي،  هدات الوتيرة  نسبيا خلال حقبة التسعينات بعد توقيع اتفاق أوسلو،  ثم استؤنفت بزخم كبير مع اندلاع الانتفاضة الثانية و استشهاد الطفل محمد الدرّة حيث بات المشهد عنوانا للانتفاضة كما للوجة البشع والبغيض للاحتلال , واستمرت متسارعة مع جرائم الاغتيال الاسرائيلية اثناء الانتفاضة الثانية مثل جريمة اغتيال صلاح شحادة حيث القيت قنبلة وزنها طن على بناية سكنية فلسطينية، وهدم البيوت او حلاقتها حسب التعبير العسكرى الاسرائيلى خاصة على الحدود الفلسطينية المصرية قبل تنفيذ خطة فك الارتباط خريف العام 2005 ، ومعها انطلقت فكرة تجريم إسرائيل أمام المحاكم الدولية والغربية اساسا , عديد من الزعماء والقادة واليهود وفي الولايات المتحدة استوعبوا المعطيات السابقة, كما استشعروا مدى الاستياء من إسرائيل , وتوجيه الاتهامات لها جراء ما تفعله ضد الفلسطينيين أو ما ترتكبه ضدهم من جرائم، وفيما توارى اليسار  او اندثر بالاحرى في اسرائيل ,  خرج اليسار اليهودى في امريكا من أجل إنقاذ إسرائيل من نفسها , متبنيا نفس مصطلحات اليسار الاسرائيلى المندثر, ورد مثلا في وثائق المؤتمر التأسيسى لمنظمة جي ستريت,  نهتم بشدة بتغيير الأحداث في الشرق الأوسط، أمن و مستقيل الوطن اليهودي الديمقراطي في خطر, من دون إنهاء النزاع وإنهاء احتلال الشعب الفلسطيني، إنهاء النزاع العربي الإسرائيلي دبلوماسياً و سلمياً من أهداف المنظمة، وكذلك تغيير الطريقة غير البنّاءة التي  تقارب بها هذه القضية فى السياسية الامريكية، و والسعى الى تعديل الديناميكية غير الصحيحة التي برزت داخل المجتمع اليهودي الأمريكي فيما يتعلق بإسرائيل. إذن فهمت منظمة جي ستريت ما جرى يجري , وفهمت أن سياسة الهروب المنهجي الى الامام التي تتبعها إسرائيل سترتد بكارثة على مستقبل وأمن الدولة العبرية , وهي فهمت أن سياسة التأييد الأعمى  لاسرائيل فى الولايات المتحدة , لن تؤدي أيضاً إلى نتيجة إيجابية، وهي تتابع ما يجري في العالم وفي الولايات المتحدة، ولم يكن ممكنا تصور صدور الدراسة الشهيرة عن اللوبى الصهيونى واختطاف السياسة الخارجية  لصالح اسرائيل , قبل عشر سنوات مثلاً ,  وأن صديق إسرائيل هو من صدقها وليس من صدقها وهي هنا تلتقي مع الرئيس باراك أوباما ومع عديد من رموز اليسار الحزب الديمقراطي، حل الصراع سلمياً هو ضرورة لمستقبل إسرائيل وأمنها ولانقاذها من نفسها. إذا كان سيرورة تأكل صورة إسرائيل كدولة , تستطيع أن تفعل ما يحلو لها دون محاسبة او عقاب تسير ببطىء في الولايات المتحدة، بدليل أن منظمة جي ستريت عقدت مؤتمرها التأسيسى الأول, وسط مقاطعة رسمية من الحكومة الإسرائيلية منذ ايام فقط ، فانها تمضى بوتيرة أسرع في العالم- وخاصة لأوروبا-، الذي سئم من الاحتلال ومن الممارسات الإسرائيلية بشكل عام، يجب تذكر أن 59% من الرأى العام الأوروبي اعتبر إسرائيل التهديد الأول على السلم والاستقرار العالميين، فى استطلاع اجرى عام 2002 قبل اغتيال صلاح شحادة وقبل حرب غزة أيضاً التى  ادت الى طفح الكيل ووصول السيل الزبى , ما تجلى فى سيادة مفهوم تجريم اسرائيل ومحاسبتها المفهوم الذى ترجم عبر تفشى سياسة المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية  والسياسية للدولة العبرية , يمكن في هذا المجال الإشارة إلى عدة معطيات , رفض مشاركة مستوطنة أرييل في مسابقة للطاقة الشمسية تشرف عليها اسبانيا برعاية مباشرة من الاتحاد الأوروبي، كما رفضت العاصمة الفرنسية باريس استضافة شركة إسرائيلية في مهرجان أو مسابقة للخمور لوجود مقرها في منطقة محتملة، إضافة إلى المقاطعة الاكاديمية والعمالية فى بريطانيا والنرويج ، التى صوتت اكبر جامعاتها على مقاطعة شاملة لنظيراتها فى اسرائيل ليس على سنوي اتحادات الأساتذة فقطوانما فيما يتعلق بالتعاون الاكاديمى والتعليمى العام , الأمر مماثل يمكن ملاحظته ايضا فى عدة مدن و عواصم أوروبية. لا يمكن فصل ما سبق عن سياقه التاريخي والسياسى العام , انطلاق منظمة جي ستريت وتقرير غولدستون بجوهره واستنتاجه المركزى , غياب العقاب والمساءلة، لا يؤدي الى السلام  والاستقرار بل على العكس تماما , شيوع ظاهرة المقاطعة صورة تتأكل امام الرأي العام العالمي الذى سئم الاحتلال وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، هذه الأجواء تمثل فرصة مؤاتية للفلسطينيين ليس فقط من أجل حل الدولتين الذى هو ميت اكلينيكيا وانما من أجل الانتقال نحو حل الدولة الواحدة، الذى يتفهمه العالم ولن تجد الدولة العبرية سبيلا لرفضه في ظل الوقائع  التى فرضتها , وجعلت حل الدولتين مثاليا وخياليا و غير قابل للتطبيق على أرض الواقع. * مدير مركز شرق المتوسط للاعلام