قال المعلق في صحيفة “الغارديان” بيتر بيومنت بتقرير له معلقا على الكشف عن تجسس السلطات الإسرائيلية على ستة ناشطين فلسطينيين قبل تصنيف منظماتهم الحقوقية ككيانات إرهابية، إن هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها إسرائيل للتجسس الإلكتروني، فالكشف عن استخدام برنامج بيغاسوس الذي تنتجه “أن أس أو غروب” الإسرائيلية هو الحادث الأخير في سلسلة طويلة.
وأضاف أن استهداف الناشطين ببرنامج بيغاسوس لن يثير دهشة طرفين هما: الفلسطينيون من المدافعين عن حقوق الإنسان والجيش الإسرائيلي وعملاؤه في مجال القرصنة الإلكترونية والذين استهدفوا الفلسطينيين بالتجسس. ورغم عدم وضوح الصورة حول الهجوم الأخير، لكن ما هو معروف وموثق هو الدور الذي تلعبه وحدة الحرب الإلكترونية 8200 في الجيش الإسرائيلي والمعروفة بالعبرية بـ “يهديا شومنه ماتايم” في التجسس على المجتمع الفلسطيني.
وفي عام 2014 وصف عدد من عناصر الجيش الإسرائيلي الذين رفضوا التجسس على المجتمع الفلسطيني، للغارديان وعدد من المنظمات الإعلامية مستوى الرقابة الممارسة على الفلسطينيين، فوحدة 8200 وهي كبرى الأجهزة في الجيش الإسرائيلي تنصتت على الاتصالات الإلكترونية- بريد إلكتروني، مكالمات هاتفية والاتصال عبر المنصات الاجتماعية، بالإضافة لإدمان على مراقبة خط التواصل بين المؤسسات العسكرية والدبلوماسية.
وقال الرافضون للخدمة الذين خرجوا عن صمتهم إن وحدة الجمع الاستخباراتي “الشاملة” جمعت معلومات معظمها تتعلق بأبرياء واستخدمت لتمزيق المجتمع الفلسطيني. وفي رسالة وصفوا سبب رفضهم للتجسس والذي قالوا إنه غير مبرر. وكتبوا قائلين إن “السكان الفلسطينيين تحت الحكم العسكري الإسرائيلي هم عرضة وبشكل كامل للتجسس ومراقبة المخابرات الإسرائيلية. وتستخدم المعلومات للمحاكمات السياسية وبذر الانقسام في المجتمع الفلسطيني وتجنيد العملاء ووضع المجتمع في مواجهة نفسه. وفي الكثير من الحالات، منعت المخابرات المدافعين من الحصول على محاكمة عادلة في المحاكم العسكرية، ولرفضها الكشف عن الأدلة المستخدمة ضدهم”.
وقال جنود الاحتياط الرافضون لمواصلة الرقابة إن الأوامر صدرت إليهم بالاحتفاظ بأي معلومات مضرة بالفلسطينيين يعثرون عليها، ومن الأفضل لو كانت معلومات جنسية وخيانات زوجية ومشاكل مالية أو مرض في العائلة حيث يتم استخدام هذه المعلومات للابتزاز وتحويل الشخص أو الأشخاص إلى عملاء.
والأكثر خطورة هو أن المعلومات التي جمعت كما يقول أعضاء الوحدة السابقون لم تجمع لخدمة الدولة بل ولأجندات تخدم ساسة إسرائيليين. وفي ذلك الوقت أنكرت وزارة الدفاع الإسرائيلية هذه المزاعم وقالت إنه ليس “لديها سجل بشأن انتهاكات محددة حدثت”. ورغم عدم وجود أدلة في حالة ناشطي حقوق الإنسان الفلسطينيين إلا أن هناك أمورا واضحة. فقد كانت منظمة الحق والضمير والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين ومركز بيسان للتنمية والبحث واتحاد لجان المرأة الفلسطينية واتحاد لجان العمل الزراعي، مستهدفة بشكل دائم من الحكومة الإسرائيلية والمخابرات بشأن نشاطاتها وعلاقاتها التي أدت بالحكومة لاتهامها بروابط إرهابية.
وأكد مسؤول أمني- إسرائيلي في تصريحات للصحافيين يوم الإثنين أن التحقيق في المنظمات أدى إلى “ملف جيد” من الأدلة يربطها بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وأكدت أن أس أو غروب أن الحكومة الإسرائيلية هي من تمنح رخص البيع وأنهما تحققان في أي إساءة استخدام للفيروس، مما يعطي فكرة أن الحكومة كانت تعرف من منحت إليه رخصة استخدام البرنامج ولأي هدف. وقد استخدم لملاحقة منظمات وأفراد تهتم به دولة إسرائيل.
وأضاف أنه في سياق مراقبة إسرائيل للمجتمع الفلسطيني، وحسبما كشفت واشنطن بوست ومؤسسات إخبارية أخرى هو روتين ولكنه يتوسع مجالا وقوة في الأدوات المستخدمة. وبحسب تقارير جاء أن إسرائيل استخدمت في العامين الماضيين مبادرة مراقبة تقوم على استخدام تكنولوجيا هواتف ذكية تعرف باسم الذئب الأزرق. وتقوم بالتقاط صور الفلسطينيين والتعرف على هويتهم باستخدام الذكاء الاصطناعي وربطه بقاعدة البيانات المتوفرة لديها أو ما عرف باسم “فيسبوك الفلسطينيين”. وبتطبيق يعطي الجنود إشارة عن الشخص الواجب اعتقاله، احتجازه أو تركه. كل هذا يطرح أسئلة خطيرة لحقوق الإنسان بشأن حالة المراقبة التي تدور بدون ضوابط في منطقة واقعة تحت الاحتلال العسكري، والذي يقدم خدماته لدول أخرى.