هآرتس: هكذا يغرس غانتس إصبعه في عين اليسار حفاظاً على ائتلافه الحكومي

الجمعة 05 نوفمبر 2021 09:03 م / بتوقيت القدس +2GMT
هآرتس: هكذا يغرس غانتس إصبعه في عين اليسار حفاظاً على ائتلافه الحكومي



القدس المحتلة /سما/

هآرتس - بقلم: تسفي برئيل                       "حلت السكينة في هذا الأسبوع على وزير الدفاع بني غانتس، وقرر عدم الدفع قدماً بمبادرة تمكن المواطنين اليهود شراء أراض في “المناطق” [الضفة الغربية]. وأوضح مصدر أمني للصحيفة بأن “السماح بشراء الأراضي لكل مواطن سيؤدي إلى عمليات شراء من قبل يهود بصورة غير مسؤولة، وهذا سيكون مثابة إصبع في عين السلطة الفلسطينية” (“هآرتس”، 1/11).

يتوقف القلب عن النبض إزاء بادرة حسن النية المحسوبة هذه، وإزاء عمق الرؤية والحكمة السياسية. قرار غانتس هو رد وزارة الدفاع على التماس حركة “رغافيم” ضد القانون القائم، “قانون عنصري موجود فقط في مكان واحد في العالم- إسرائيل”، حسب مدير عام الحركة، مئير دويتش. “القانون العنصري” الذي قصده يسمح للفلسطينيين والأردنيين أو الأجانب من أصل عربي فقط بشراء أرض بصورة خاصة. ماذا نسمي ذلك إذا لم يكن أبرتهايد ضد اليهود؟ ولكن قبل لحظة من سقوط السماء وامتلاء القلب بالفخر بسبب قرار جريء للوزير، يجدر أن نتذكر بأن هذا القانون أيضاً، الذي يدافع غانتس عنه باستماتة، غير قانوني بشكل واضح. فهو يعارض القانون الدولي الذي يمنع تصدير سكان دولة محتلة إلى الأراضي التي تم احتلالها وتغيير تركيبتها الديمغرافية، وهو لا يوقف “مشروع الاستيطان”، الذي تم في إطاره تبييض وسيتم تبييض بؤر استيطانية ومزارع معزولة كثيرة. على سبيل الاستعارة، يعارض غانتس التنمر الخاص، أما التنمر الذي تسيطر عليه الحكومة فهو تنمر قانوني.

تراجع غانتس لأن “غرس إصبع” في عين السلطة الفلسطينية يعدّ أمراً زائداً، وهو أيضاً مثل الخوف الذي أظهره الرائد تسفي مينتس الذي كان رئيس قسم الأراضي في مكتب المستشار القانوني في الجيش الإسرائيلي في الضفة، “الذي يعتبر التعديل بحسبه (أي السماح للمواطنين اليهود العاديين بشراء الأراضي بصفتهم الشخصية) خرقاً لقوانين الاحتلال العسكري، وسيؤدي إلى انتقاد دولي كبير”. لأن ما هو صحيح بخصوص شراء مواطنين بشكل شخصي هو صحيح أيضاً من ناحية القانون الدولي في حالة الشراء عن طريق شركات. كان يكفي سماع الانتقاد اللاذع الذي وجهه وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، والمتحدث بلسان البيت الأبيض حول نية الدفع قدماً ببناء أكثر من 3 آلاف وحدة سكنية في الضفة الغربية، لنفهم أنه ليس في نظرهم أو في نظر المجتمع الدولي أي فرق بين الاستيطان الوحشي الذي تنظمه الحكومة والجريمة التي ارتكبها مواطن عادي. الاثنان جريمة. بالمناسبة، لا يهم السلطة الفلسطينية من غرس الإصبع في عينها، سواء كان مجرماً عادياً أم شركة مسجلة أو حكومة.

انتهاك القانون الدولي وتجاهل الانتقادات الدولية وطأطأة الرأس أمام اللصوص الذين يجلسون على أراض تمت سرقتها، كل ذلك هو جزء من ثقافة سياسية استمرت لسنوات كثيرة. ولكن عندما يكون وجود الحكومة، التي هي ثمرة الأترج الذهبية التي لا يجب المس بها، يستند إلى قرار محفور في الصخور ويقول بأنه يجب عدم اتخاذ خطوات تثير خلافات سياسية كي لا تتهتك خيوط العنكبوت التي تلف شرنقة هذه الوحدة بصورة لينة، فما هو معنى البناء الجديد في المستوطنات. في المقابل، كان على الأحزاب التي تسمى يساراً أن ترفع صوتها وتغرس إصبعاً متهمة في عين وزير الدفاع والتهديد بإسقاط الحكومة. لأن الاتفاق في نهاية المطاف تم على أنه ليس هناك “إمكانية سياسية” لمفاوضات سياسية، وبالأحرى، لحل النزاع.

يبدو أن اليساريين في حكومة اليمين لا يميزون التناقض الموجود بين توسيع المستوطنات وغياب إمكانية سياسية، بل يقدمون لأنفسهم ولأصدقائهم أيضاً “إمكانية سياسية” لتخليد انعدام “الإمكانية السياسية”. ربما أغمضت عيونهم للحظة، لكن عندما تراجع غانتس عن تعديل القانون، فليس صحة عيون السلطة الفلسطينية هو ما كان يقف أمام ناظريه، بل صحة عيون أصدقائه في الحكومة. بجرة قلم، منح للقانون القائم شرعية حاول اليسار تخريبها أثناء سنوات نشاطه، وغطى نفسه أيضاً بعباءة الصدّيق الذي يمكنه الآن أن يغسل يديه من ذلك.