أعلنت جمعيات حقوقية عن معارضتها الشديدة لقرار الحكومة الإسرائيلية، بالزج بجهاز الأمن العام ("الشاباك") وقوات الجيش الإسرائيلي في البلدات العربية، بحجة مكافحة الجريمة والعنف، وذلك ضمن مخطط حكومي يقوم على النسيق "بين الشرطة والشاباك ومجلس الأمن القومي والمستشار القضائي للحكومة وسلطة الضرائب وسلطة تبييض الأموال".
طالب مركز "عدالة" الحقوقي، اليوم الأحد، رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، ووزير الأمن، بيني غانتس، والمفتش العام للشرطة الإسرائيلية، يعقوب شبتاي، بالعدول عن قرار الزج بجهاز الأمن العام ("الشاباك") وقوات الجيش الإسرائيلي، في البلدات العربية بذريعة كبح الجريمة والعنف.
يأتي توجه عدالة على إثر تصريح رئيس الحكومة، في وقت سابق، اليوم، حول قرار لجنة الوزراء لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي، إدخال الشاباك والجيش، فور انتهاء الجلسة الوزارية التي عقدت اليوم، للبت في تفشي العنف والجريمة في البلدات العربية.
وأكد مركز "عدالة" في توجهه المرسل بواسطة المحامي حسن جبارين، أن "القرار يشير إلى موقف أمني وعدائي وغير متساوي من قبل السلطات الإسرائيلية تجاه العرب، وهو قرار عنصري يقع ضمن خانة التنميط العرقي ويخلق نظامين لتطبيق القانون، واحد في البلدات العربية وتجاه المواطنين العرب، وآخر في سائر البلدات كما ويعامل المواطنين العرب كأعداء".
وأضاف أن "إدخال الشاباك إلى الحيز المدني ليس من ضمن صلاحياته القانونية، خصيصًا بعد تحديد المحكمة العليا من صلاحيات الشاباك"؛ كما شدد مركز "عدالة" على أن "آليات الشاباك سرية ويعمل دون إشراف وشفافية لذلك لا يمكن تكليفه بأمور مدنية حتى عندما يتعلق الأمر بظاهرة جريمة جنائية خطيرة حيث يترتب على إقحامه في الحيز المدني، انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والمواطن الأساسية".
وأشار مركز عدالة في رسالته الطارئة التي وجهها إلى بينيت وغانتس وشبتاي، إلى أن "الجيش كذلك الأمر لا يملك أي صلاحية للعمل في داخل البلدات".
وأوضح المركز الحقوقي أن "قرار الحكومة عبارة عن خطوة خطيرة تُفسر نوايا السياسة الإسرائيلية بالتعامل مع المواطنين العرب كأعداء، وهي سياسة مستمرة منذ أيام الحكم العسكري في البلاد".
وأضاف "خلافًا لتصريحات الحكومة الإسرائيلية، الشاباك والجيش لا يملكان صلاحيات تنفيذ مهام سلطات تطبيق القانون. وأن أساس هذه الخطة، هو تنفيذ نشاط سري لا نعرف ماهيته وخطورته". وشدد المركز على أنه "سيستمر بالنضال من أجل إبطال هذا القرار التعسفي بجميع الوسائل القضائية والقانونية الممكنة".
من جانبها، اعتبرت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل أنه "من الواضح أن قرار تفويض جهاز الشاباك بالتصرف والعمل في ما يتعلق بقضية الجريمة في المجتمع العربي وجرائم السلاح غير قانون، هو قرار غير قانونيّ".
ولفتت الجمعية إلى أنه "وفق قانون الشاباك فإن الجهاز نفسه ممنوع من سلطة التصرف في قضايا المخالفات والجرائم التي لا علاقة لها بأمن الدولة أو بالنظام الديمقراطي"، وشددت الجمعية على أن القرار "خرق غير مسبوق وخطير لحدود التفويض القانوني ومنح السلطة لجهاز الشاباك".
وذكرت الجمعية الحقوقية أن "جهاز الأمن العام هو منظمة وقائية أعطيت أدوات ووسائل متطرفة للعمل في سياق أمن الدولة فقط، بدون إشراف ورقابة تقريبًا، ومنحه السلطة لاستخدام هذه الأدوات داخل الدولة ضد المواطنين يجب أن ييقض مضاجعنا جميعًا".
وتابعت "منح السلطة هذا هو مثال مقلق على المنحدر الزلق فيما يتعلق باستخدام جهاز الأمن العام للأغراض المدنية، وهو ما حذرنا منه أثناء مكافحة فيروس كورونا".
وأوضحت الجمعية أن "تصنيف الجريمة في المجتمع العربي كقضية أمنية، يعتبر باطلًا في حد ذاته، لأن الجريمة تطورت في ظل سنوات عديدة من الإهمال والاقصاء، والقضاء عليها يتطلب عملًا جديًا يدمج الرفاه والتعليم والتوظيف، جنبًا إلى جنب مع تنجيع عمل الشرطة أمام التهديد الذي تشكله الجريمة، دون الحياد عن إطار القانون وقيم الديمقراطية".
وقررت الحكومة الإسرائيلية في جلستها التي عقدت اليوم، تنفيذ "مواجهة مركزة في قضية السلاح غير القانوني في المجتمع العربي، بمشاركة الجيش الإسرائيلي"، إضافة إلى سن مجموعة قوانين بمبادرة وزارة القضاء "توفر أدوات من أجل مواجهة هذه الظاهرة، مثل قانون الحد الاقصى من العقوبة وحيازة السلاح والتجارة به".
ونقل موقع "واللا" الإلكتروني عن مصدر أمني قوله إن "وزير الأمن وممثلي الجيش الإسرائيلي لم يشاركوا في اجتماع اللجنة الوزارية الذي على ما يبدو أنه تقرر فيه مشاركة الجيش الإسرائيلي بجمع السلاح غير الشرعي في البلدات العربية. وليس لدينا أدنى فكرة عما يدور الحديث وسنقوم بفحص ذلك الآن".
وعلى صلة، كشف تقرير صحافي أورده الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" (واينت)، أن الجيش اطلع على قرار الحكومة بإشراكه في جمع السلاح غير القانوني في البلدات العربية، عبر وسائل الإعلام، إذ لم يشارك في الجلسة الحكومية، كما أنه لم يتم التنسيق مع المسؤولين في الوزارة عبر القنوات المباشرة.