عبد الستار قاسم ..د.احمد يوسف

الثلاثاء 02 فبراير 2021 07:55 ص / بتوقيت القدس +2GMT
عبد الستار قاسم ..د.احمد يوسف




منذ عرفتك يا أبا محمد في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، ونحن طلابٌ بجامعة ميزوري- كولمبيا الأمريكية، حيث كنا نلتقي في المركز الإسلامي بعد صلاة العصر أو المغرب لنتداول الحديث عن الوطن وعن الاحتلال والمشهد المطلوب للمقاومة. كم كنت أجد فيك صلابة الفلسطيني الواثق بقدرات شعبه على مغالبة الكيان الإسرائيلي الغاصب، وكم كنت أشعر بما تمتلكه من قوة الشخصية ورجولة المواقف والصدقية الوطنيته.. ظلت علاقاتنا قائمة بعد ذلك، حيث كنتُ أحرص على دعوته لمؤتمرات جاليتنا الفلسطينية في مدينة شيكاغو، وقد أجريت معه حواراً مطولاً لمجلة المجتمع الكويتية حول الانتفاضة الفلسطينية.
وعندما عدنا لأرض الوطن، جمعتنا الكثير من النقاشات واللقاءات عبر الهاتف وعلى شاشات التلفزة. كان أبو محمد دائماً صاحب المواقف ورجل الوقفات، الذي لا يخشى في الله لومة لائم، فكان صوتاً للحق والحرية، وصوتاً داعماً لحركة حماس والمقاومة الفلسطينية.
كان كتابه "التجربة الاعتقالية" من أول الكتب التي قرأتها عن تجربة السجون وأنا في أمريكا، فكان أول من وثَّق ما  يحدث من تحقيقات داخل المعتقلات الإسرائيلية، وأول من فضح ظاهرة العملاء (العصافير)، الذين يدَّعون أنهم سجناء على خلفية انتمائهم للعمل المقاوم، وهم في الحقيقة مجرد جواسيس مدرَّبون على أساليب أمنية لإسقاط رجال المقاومة، وكشف شبكاتهم التنظيمية وعملياتهم العسكرية .
لم يجبن د. عبد الستار عن انتقاد ممارسات السلطة الخاطئة وتفرد الرئيس بالقرار وعمليات التنسيق الأمني مع الاحتلال، مما عرَّضه للاعتقال أكثر من مرة لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ولكنَّ هذا لم يفتّ في عضده ولم يكسر شوكته، فلم تلن له قناة وظل يصدع بكلمة الحق وبقوة، فأحبه الناس واحترمه الجميع، وعندما ترشح كمستقل عن قائمة وطن، استبشرنا خيراً، وتشجعنا أن نكتب بقوة دعماً للمستقلين.
اليوم فُجعنا بخبر وفاته، حيث فقدنا أخاً عزيزاً وشخصية كان الكثير من أحرار هذا الوطن يراهن على تاريخها النضالي ووطنيتها الصادقة. كنا نطمع أن يكون المنافس القوي وصوت المستضعفين في الانتخابات القادمة.
رحمك الله يا أبا محمد.. كم كنت عزيزاً على قلبي منذ عرفتك، واليوم بحسرة وأسى نفتقدك.
ليس سهلاً علينا غيابك، ولكنك ستبقى من علَّمنا أن نجهر بكلمات الحق، وأن نقول للطغاة والملأ من حولهم لا.
اللهم ارحمه وأسكنه فسيح جناتك، والحقنا به في الصالحين من عبادك.
يا أبا محمد.. طبت حيَّاً وطبت ميتاً، وإنَّا لله وإنَّا أليه راجعون.