هآرتس - بقلم: زهافا غلئون "جلس نتنياهو في الأسبوع الماضي أمام عدسات واشنطن وبشرنا بأنه يمسك بيديه “مسودة اتفاق السلام التاريخي بين إسرائيل والإمارات”. وحتى لو بقي عقداً آخر في الحكم، فلن يستطيع رئيس الحكومة تقديم لحظة نقية أخرى تجسد هذا النوع من القادة: يجلس في واشنطن، ويلوح باتفاقات سرية، ويمدح، في الوقت الذي تستعد فيه الدولة التي تركها وراءه لإغلاق ثان، وفيها نحو 4 آلاف مصاب جديد يومياً والمستشفيات تقترب بسرعة من نهاية قدرتها على الاحتمال، ونسبة بطالة بمقاييس دولة عالم ثالث".
كثيرون اعتبروا الاتفاقات (فيك بيس) مع الإمارات والبحرين “إرثاً لنتنياهو”، وليس هناك تعريف أكثر دقة من ذلك. تلك اتفاقات لم تُكشف أمام الجمهور أو الكنيست، وجرى التوقيع عليها من وراء ظهر وزير الخارجية ووزير الدفاع، اتفاقات ملأت جيوب حفنة من أرباب المال وتجار السلام، وتم الاحتفال بها على العشب الأخضر في ساحة البيت الأبيض، بدون كمامات بالطبع، وبعد ذلك تم عزل قصير للمقربين، وحتى هذا العزل تم خرقه. كل ذلك في الوقت الذي تمتلئ إسرائيل بلافتات “للإيجار” ومستشفيات بدأت تستعد للكارثة المتوقعة عند حلول الشتاء.
شدة انفصال غير مسبوقة. الأمر الوحيد الذي ينافسها هو انفصال عدد من مراسلي الاستهلاك الذين احتفلوا بالطيران إلى الإمارات. رحلات طيران التي يمكن للجمهور أن يحلموا بها. لم يسافر نتنياهو إلى واشنطن، بل هرب إلى هناك، ويحاول أن يقدم للجمهور إنجازاً معيناً بدلاً من إخفاقاته الكثيرة المدوية، التي يمكن مشاهدتها في كل شارع في إسرائيل، وعلى وجه كل شخص بالغ يجلس منذ نصف سنة في البيت، وعلى وجه كل ممرضة متعبة في أحد أقسام كورونا.
أصبح من الصعب تذكر كيف احتفلوا منذ فترة قصيرة بتعيين البروفيسور روني غمزو مسؤولاً عن كورونا، ذلك التعيين الذي تم بتأخير مدهش، وهي الفترة الزمنية الدقيقة التي مرت منذ اللحظة التي أراد فيها نتنياهو الحصول على الفضل في محاربة الوباء، وهي اللحظة التي حاول فيها التخلص منه، هو تعيين ظاهري فقط؛ لأن الحكومة تراجعت عن جميع توصيات غمزو. وأعلنت بعد ذلك، وكأنها متفاجئة، بأن لا خيار: لم نكن جميعاً كما يجب. والآن يجب فرض إغلاق شامل. الإغلاق الأول، رغم ثمنه الفظيع، استهدف إعطاء إسرائيل وقتاً للاستعداد. فاستغل نتنياهو هذا الوقت في الثرثرة عن رحلات الطيران إلى أومان، وفي قرارات تم نقضها من يوم لآخر، في محاولات لاسترداد الملايين من الضرائب، وفي تأجيل الميزانية كي يتمكن من حل الحكومة، وبالطبع إلقاء اللوم.
قائمة المتهمين المحدثة تشمل عضو الكنيست يفعات شاشا بيتون، والمتظاهرين في بلفور، والجمهور، وغمزو، والعرب، وأطفال إسرائيل، والقوات التي هاجمت “ألتلينا”. إدارة الدولة كبيرة على الحكومة، لكن أصبح لدى العلاقات العامة رقم كبير. الشخص المتهكم، جورج كيرلن، قال ذات مرة عن الخالق بأنه دائماً يحتاج إلى المال. هو يعرف كل شيء ويستطيع فعل كل شيء، لكن يصعب عليه إلى حد ما تدبر أمره مع المال. حكومة إسرائيل لا تختلف كثيراً عن ذلك. رئيس الحكومة عبقري ويستطيع فعل أي شيء. ولكن هناك شخص ما لا يسمح له بالحكم. هو موجود في الحكم 11 سنة ودائماً هناك من يضعوا أمامه قدم لعرقلته.
لم يكن بضعة آلاف من المتظاهرين في بلفور هم الذين تسببوا بالوضع الذي فيه إسرائيل الآن، بل نتنياهو هو الذي فعل ذلك. وهو مستعد لبيع حياتنا مقابل لحظة أخرى في الحكم، التي هي أيضاً لحظة أخرى خارج السجن. لذلك، لا يوجد ميزانية لإسرائيل. ولذلك، دخلت حكومة كاملة إلى إفراط في التنفس بشأن رحلات الطيران إلى أومان، لهذا لا يوجد ثقة للجمهور بقرارات قيادته. أجل، مراسم التوقيع في واشنطن على اتفاقات التطبيع تعدّ إرثاً نتنياهو، إرث القيصر نيرون الذي كان يعزف في وقت كانت فيه روما تحترق.