اثارت العملية الانتحارية التي نفذها احد المنتمين للفكر السلفي الداعشي تساؤلات عديدة لدى المتابعين لتطور الاوضاع في قطاع غزة على كافة المستويات الفكرية والاجتماعية والسياسية فيما يستشعر غالبية سكان القطاع الخطر الداهم القادم اليهم من بيوتهم ومن حاراتهم ومخيماتهم ليضعهم في مساواة مع ما يحدث في العالم العربي والاسلامي من حيث دموية الحدث وفقدان بوصلة المنفذ.
وكان من الممكن للحركات الاسلامية الفلسطينية ان تفخر دائما بان مركزية فلسطين قد تكون سببا رئيسا في عدم توجيه سلاح من ينتمون اليها الى بعضهم البعض او تفجير انفسهم اسوة بما يحدث في سوريا مثلا بين النصرة وداعش وغيرها من المجموعات التي تقاتل الانظمة العربية.
الكاتب والمحلل السياسي مصطفي إبراهيم، قال ان حادث التفجير الانتحاري شرق رفح متوقع وربما تأخر، كان ممكن ان يحدث في وقت سابق او في اي مكان آخر في قلب غزة وليس في مجموعة من كتائب القسام وسقوط شهيد منهم.
واكد إبراهيم فى تدوينه له كتبها على صفحته الشخصية بشبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك، "من فجر نفسه في الطريق لمصر لم يفرق بين فلسطيني ومصري. كثيرون شركاء في صناعة الإرهاب وثقافة الموت والقتل".
وأضاف "لا مكان للشماتة هنا للشماتة ، المعالجة القانونية والأمنية مهمة والاهم هو مشاركة الجميع في مواجهة هذه الظاهرة وطنيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا، العنف والتشدد والتطرف ينمون في بيئة من فقدان الثقة والامل والحصار والانقسام والفقر والبطالة والانغلاق الفكري والاحباط والتدهور الخطير في القيم وأمية الدين وبعض القائمين عليه وتوظيفه سياسيا واستغلاله واستخدامه حسب الحاجة".
وتساءل الكاتب عبد الحميد عبد العاطي في تدوينة كتبها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، " ما هي المهمة التى كانوا ينوي الثلاثة المتعصبين تنفيذها؟.. ومن هو المفتي؟....ماذا كان يحمل الثلاثة من وثائق ومعلومات سرية استدعت تفجير انفسهم..؟! هناك بالتأكيد بعض حلقات الرواية مخفية، وما ستتكشف عنه الساعات القادمة سيكون صادم.
من جهته قال الدكتور والضابط في وزارة الداخلية بغزة اسلام شهوان، المطلوب من الاجهزة الامنية الفلسطينية والمقاومة عدم اتخاذ العقوبات التنظيمية كوسيلة لعقاب المخالفين .
وطالب شهوان المسؤولين "بعدم طرد اي مخالف من التنظيم وتركه للفراغ والضياع بل احتوائه ومعالجته، وشدد على ضرورة العمل على معالجة كل فكرة داخل العمل المقاوم من خلال لجان حقيقية لمعالجتهم وعدم استخدام الكي كوسيلة علاج".
اما الناشط الشبابي احمد ابو رتيمة فقال في تدوينة له عبر مواقع التواصل الاجتماعي" هذا الصباح لم نخسر ضحية واحدة بل ضحيتين؛ كلاهما شباب محاصر أجهضت أحلامه ويعيش ظروفا اقتصادية وسياسية واجتماعية قاسية، بفرق أن الانتحاري كان ضحية لعامل إضافي وهو التعبئة الأيديولوجية العمياء ، لذلك علينا ألا ننسى في غمرة إدانتنا للتطرف أن المجرم الحقيقي هو كل من حرم شبابنا أن يعيشوا حياة طبيعية وساهم في إشاعة الإحباط فيهم وإفقادهم الأمل، كل من حاصرنا أو ظلمنا أو فشل في تقديم نموذج إيجابي للشباب في موقعه خارجيا أو داخليا فله من ضياع هؤلاء الشباب نصيب ".
الكاتب والمحلل السياسي ابراهيم المدهون، قال ان الاجرام والتطرف والافكار المنحرفة مستوردة ومتاثرة بعولمة الجريمة والانحراف واستغلال مخابرات الاحتلال لبعض المتأثرين بسبب تكنولوجيا الاتصال، مشددا على ان البيئة الفلسطينية والخطاب الداخلي لم يكن ليخرج يوما مجرما منحرفا مضطربا متطرفا.
واعتبر المدهون ان حادثة رفح هي أسوأ ما يبتلى فيه المجتمع الحداثي وهو التطرف والتعصب والتكفير ، " فمن يفجر نفسه بمسلمين مثله وصل مرحلة الانحراف التي لا تقل عن "عبد الرحمن بن ملجم" .
المواطن علي حمدان 33 عاما يقول "هذه المجموعات ليست غريبة عن واقعنا ومعظمهم اعضاء حركات اسلامية وباتوا غير مقتنعين بما يرونه وما كانوا يتعلمونه واصبح لديهم حالة انفصام قاتلة ومدمرة" موضحا "يجب تنقية مناهج الجامعات من الفكر التكفيري القاتل والذي نرى نهايته الان بهذا التفجير الانتحاري والذي يعتبر مقدمه لخراب كبير في حال عدم مواجهته بكل الوسائل".
وتقول السيدة الاء احمد 44 عاما ان عملية التكفير اصبحت نسبية وتتم بفتاوي سريعة وغير مدروسة " مشيرة الى ضرورة تنقية الفكر الديني والغاء مصطلح تكفير المسلم نهائيا من قاموسنا لان هناك من هو جاهز لكي يكفرنا ويفجر نفسه فينا لمجرد الاختلاف في السياسة وليس العقيدة".
ويطالب سعد رمضان 57 عاما بابعاد خطباء التطرف من على منابر المساجد وان تبدا وزارة التربية بخطة مدروسة لتعليم الاطفال التسامح والحب والاخلاق وان التكفير ليس من الاسلام في شئ".
ويعتبر محمود ابو علي 43 عاما بان ما حدث هو رسالة لنا جميعا بان ما يحدث في البلدان العربية ممكن ان يحدث هنا وان لا احد مستثنى من تلك الجماعات موضحا "اذا غابت حماس عن المشهد لاي سبب كان فمن المؤكد ان تلك الجماعات ستتحكم في مصيرنا وسنكون كما الرقة والموصل .
وفي أول رد للتنظيم عقب التفجير الانتحاري، قال تنظيم داعش - ولاية سيناء، ان حركة حماس تحصد ثمار قتلها ومطاردتها وتدميرها للمساجد في قطاع غزة.
وقال تنظيم داعش - ولاية سيناء وهو فرع من تنظيم الدولة الاسلامية يتخذ من سيناء محل نشاطه ، في بيان نعي خلاله أحد عناصره الذي نفذ العملية الانتحارية، ان العملية الانتحارية جاءت ردا على أعمال حماس ضد السلفيين الجهاديين وعناصر التنظيم في قطاع غزة.
وذكر داعش في بيانه أن هذه العملية جاءت رداً على أعمال حماس ضد السلفيين الجهاديين وعناصر التنظيم في قطاع غزة، وهدم مساجد تابعة للتنظيم، واعتقال عناصرها ومطاردتهم.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية والامن الوطني اياد البزم ان حدثا امنيا وقع في ساعة مبكرة من فجر اليوم الخميس في منطقة الحدود الجنوبية لقطاع غزة شرق معبر رفح اسفر عن مقتل شخص واصابة اخرين بينهم افراد من قوة امنية فلسطينية.
واكد البزم في تصريحات وصلت وكالة "سما" ان قوة أمنية اوقفت شخصين لدى اقترابهما من الحدود، فقام أحدهما بتفجير نفسه مما أدى لمقتله وإصابة الآخر، فيما أصيب عدد من أفراد القوة الأمنية احدهما بجروح خطيرة، وتم نقل الإصابات لمشفى أبو يوسف النجار لتلقي العلاج.
هذا ونعت كتائب الشهيد عز الدين القسام الشهيد القائد الميداني في قوة حماة الثغور نضال الجعفري الذي ارتقى إثر تفجير أحد عناصر الفكر المنحرف نفسه في القوة الأمنية على الحدود الفلسطينية المصرية.