القاهرة وكالاتقال البنك الدولى ان الدول النامية، التى تتبنى برامج دعم مثل مصر، لدى حكوماتها فرصة لإلغاء هذا الدعم دون الإضرار بمستهلكيها، بعد انخفاض سعر النفط العالمى، جاء ذلك فى تقرير «رؤية للاقتصاد العالمى»، الذى نشره على موقعه الإلكترونى امس الأول.
وشهد سعر النفط العالمى انخفاضا حادا فى الأشهر الأخيرة، وتراجع خام برنت بنسبة 48%، وهبط سعره إلى اقل من 50 دولارا لأول مرة منذ عام 2009 امس الأول.
وكانت الحكومة المصرية قد اعلنت عن برنامج لإلغاء دعم الطاقة تدريجيا، وعلى مدار من 3 سنوات إلى 5 سنوات، وبدأ فى يوليو الماضى. ويلتهم دعم الطاقة خمس المصروفات فى موازنة الدولة. وبلغ حجم دعم الطاقة فى العام المالى الماضى نحو 126 مليار جنيه، وخفضت مصر دعم الطاقة فى موازنة العام المالى الجارى 2014-2015 بنحو 26 مليار جنيه، واعلنت وزارة البترول فى بيان لها قبل اسبوع، ان انخفاض سعر البترول عالميا عند حدود 60 دولارا يوفر نحو 30 مليار جنيه من مخصصات الدعم فى العام الجارى.
«طبعا انخفاض الأسعار ليس فرصة لإلغاء الدعم مرة واحدة، ولكنه فرصة لمد فترة الغاء الدعم لحين تطبيق برامج اجتماعية تدعم الفقراء» بحسب هبة الليثى، استاذ الإحصاء بجامعة القاهرة، وقالت الليثى ان الحكومة المصرية قررت ان تبدأ برنامج إلغاء الدعم قبل ان تطبق برامج الحماية الاجتماعية اللازمة، ويعتبر شح الموارد واحدة من اهم اسباب عدم تطبيق برامج سريعة، لتحقيق هذا الهدف، وانخفاض سعر البترول، وتوفير مبالغ كبيرة من مخصصات دعمه، يمكن استغلالها بشكل جيد فى استثمارات فى الصحة والتعليم.
وكانت الليثى قد نشرت دراسة من قبل، اشارت فيها إلى ان عدد الفقراء سيرتفع فى مصر بأكثر من مليون شخص، فى حالة الغاء دعم الطاقة، قبل وضع برامج حماية اجتماعية. وقالت الليثى انه بدون تلك البرامج فإن ارتفاع اسعار السلع والخدمات سيدفع فئة عريضة من المصريين وهم يمثلون 22% من عدد السكان، ما فوق خط الفقر ولكنهم بالقرب منه «وأى ارتفاع فى الأسعار سيدفعهم اسفل خط الفقر». ووفقا لبيانات اخيرة للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإن من 26% من الشعب المصرى، يعيشون تحت خط الفقر.
«الحكومة بدأت فى برامج الحماية الاجتماعية ولكن لا يزال امامها الكثير، لذلك يجب ان تعتبر ان انخفاض اسعار النفط حاليا فرصة لإنجاز هذه المهام قبل ان يعاود الصعود» اضافت الليثى.
ووفقا لخبراء نفط، فإن سعر البترول العالمى حاليا ينخفض عن الأسعار التى يدفعها المواطن المصرى للبترول ومشتقاته فى السوق المحلية، ففى حين ان سعر بنزين 92 يصل سعره إلى 2.6 جنيه للتر، فإنه اذا تم التعامل وفقا للأسعار العالمية لن يدفع المواطن اكثر 2.1 جنيه للتر.
لكن الليثى تعتبر ان انخفاض سعر البترول حاليا سيكون مؤقتا، وترى انه يرجع إلى صراعات سياسية عالمية، تهدف إلى تركيع روسيا المستفيد الأكبر من ارتفاع سعر البترول، ولا تستبعد ان يعاود الصعود فى وقت لاحق، مما سيكون له اثر سلبى بالغ على الفقراء فى مصر اذا تم الغاء الدعم دفعة واحدة.
وقال تقرير البنك الدولى، ان دولا عديدة مثل مصر وماليزيا، بدأت اعادة هيكلة منظومة الدعم «المشوهة»، واتخذت خطوات جادة فى هذا الاتجاه «لديها الآن وقت مناسب جدا لعمل مزيد من الخطوات لإصلاح منظومة استيراد البترول» حسب ايان كوسيه، مدير بالبنك، ومعد التقرير، وفقا لصحيفة فاينانشال تايمز.


