يكرر رئيس الوزراء بين الفينة والاخرى دعوة الفلسطينيين "الى العودة الى مائدة التفاوض واجرائه من غير شروط مسبقة". لكن حينما يدعو بنيامين نتنياهو ولا يحدث أي شيء فان الامر في حاجة الى الفحص عنه. واليكم سؤالا ساذجا: لماذا تُسمع الدعوة الى العودة الى مائدة المفاوضات في وقت معين على الخصوص؟ هل الحديث عن خطبة رئيس الوزراء أمام مؤتمر منظمات يهودية/ مؤتمر الايباك/ اجتماع الجمعية العمومية للامم المتحدة/ قبل أو بعد انتخابات في الولايات المتحدة/ قبل أو بعد انتخابات في اسرائيل؟/ زيارة رئاسية للقدس؟ واليكم سؤالا ساذجا آخر: الى أية آذان يوجه الكلام؟ براك اوباما/ أنجيلا ميركل/ يئير لبيد/ نفتالي بينيت/ تسيبي لفني؟ جميع الأجوبة صحيحة. سُمعت هذه الدعوة مرة اخرى قبل بضعة ايام. وكان لها هذه المرة رنين علاج عشرات الآلاف: "إن أحد التحديات هو انشاء سلام قوي مع الفلسطينيين. تحدثت عن ذلك في خطبة بار ايلان وما زلت اؤمن بذلك..."، بعد ذلك عاد رئيس الوزراء الى بنية مشهد وطنه: "الاطار الذي تحدثت عنه هو دولة منزوعة السلاح تعترف بالدولة اليهودية. يجب ان نجري تفاوضا صادقا دون شروط مسبقة" (11/2/2013، لجنة الرؤساء للمنظمات اليهودية). إعترفوا بأن "السلام القوي" هو مركب جديد في البرنامج العام الذي تعرضه اسرائيل على الفلسطينيين. فقد جربنا (سلاما) عادلا، وجربنا (سلاما) ذا بقاء. لكن القوي أفضل. ضحك ضحك. إن الدعوة الى "العودة الى مائدة التفاوض دون شروط مسبقة" قد تحولت في السنين الاخيرة من ترنيمة أُطلقت في خطبة بار ايلان الى رد فعل متعلق بمؤتمر أو اجتماع أو مسيرة أو انتخابات، ثم تدهور الى عاهة لأن الجسم قد أصبح مشلول وما زال الفم يردد الكلام. وقد كُتب في السنوات الاربعة الاخيرة تأريخ اجراءات دفن للتفاوض مع الفلسطينيين. ويبدو انه في هذه الايام حقا وهي ايام التفاوض في تشكيل الحكومة الجديدة، قد كُتب فيه فصل آخر قد يكون هو الأخير لحقب طويلة. كان هذا متوقعا ومع ذلك كله من المخيب للآمال ان نعلم ان الموضوع الوحيد في التفاوض الائتلافي الى الآن على الأقل يتناول مسألة المساواة في عبء الخدمة وكأنه لا صلة بين وضع اسرائيل السياسي الامني والعبء المتحدث عنه. وكأنه من الممكن الابقاء زمنا طويلا على الوضع الذي يفضله نتنياهو وهو نقل الشرق الاوسط الى وضع هاديء أو وضع رجاج، وصيانة الصراع دون حله. بعد بضعة ايام بل أكثر بقليل، حينما سيستل الساحر صيغة مُعدلة أو يتلقى صيغة جديدة تُعرض عليه، ويُهديء خواطر الباحثين عن السياسة الجديدة، سيمنح لبيد وبينيت نتنياهو تغطية حينما ينزل الى الملجأ السياسي وهو إجلس ولا تفعل. وأين ستكون لفني آنذاك؟ سنرى. يميل غير قليل من الاسرائيليين الى اعتقاد ان مفتاح تحريك التفاوض مع الفلسطينيين في يد اوباما، وانه سيستعمله في ولايته الثانية وربما في زيارته القريبة للقدس. ويُخيل إلي انهم مخطئون. فلم يكن التزام الولايات المتحدة بأمن اسرائيل وليس هو بديلا عن سياسة اسرائيلية واوباما مثل رؤساء سبقوه لم يتطوع ولن يتطوع ليحل لاسرائيل مشكلات لا ترغب حكومتها في حلها أو تتجاهلها أو تجعلها في أسفل اهتماماتها. وتتوقع خيبة أمل لمن يأمل ان يسمع من اوباما قوله: "المفاتيح في الداخل، سيروا في سلام". كان يجب علينا ان نعرف منذ زمن انه لن يكون سلام في مكان لا يقصدون السلام فيه ولا يريدون صنع السلام. وربما كان يجب علينا ان نردد انه في المكان الذي لا يفكرون فيه فان التفكير خارج الصندوق لا يُجدي ايضا.