الاعلام العبري :الدبلوماسية الناعمة لا تقل خطرا عن المواجهة المسلحة ..منى ابو عمارة مثالاً..

الإثنين 15 ديسمبر 2025 06:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
الاعلام العبري :الدبلوماسية الناعمة لا تقل خطرا عن المواجهة المسلحة ..منى ابو عمارة مثالاً..



القدس المحتلة/سما/

لم يعد القلق الإسرائيلي محصورًا في القيادات السياسية الفلسطينية التقليدية، بل اتسع ليشمل وجوهًا دبلوماسية جديدة تعمل بهدوء في قلب العواصم الأوروبية.

هكذا تقدّم الصحفية الإسرائيلية آنا برسكي صورة السفيرة الفلسطينية لدى إيطاليا، منى أبو عمارة، باعتبارها أحد أخطر تجليات "الدبلوماسية الفلسطينية الناعمة" في المرحلة الراهنة.

وفق القراءة الإسرائيلية، فإن التقارب الأخير بين روما ورام الله، والذي تجلّى في لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني مع الرئيس محمود عباس، لا يُعد حدثًا بروتوكوليًا عابرًا، بل ثمرة عمل دبلوماسي طويل النفس تقوده أبو عمارة من خلف الكواليس. وتذهب برسكي إلى أن السفيرة الفلسطينية باتت تشكل محورًا مؤثرًا في إعادة صياغة المزاج السياسي الإيطالي تجاه القضية الفلسطينية.

ترى إسرائيل في منى أبو عمارة نموذجًا جديدًا من الدبلوماسيين الفلسطينيين: جيل لا يخوض المواجهة عبر البيانات الصدامية أو المنابر الثورية، بل عبر لغة أوروبية ناعمة، مشبعة بالرموز الثقافية، والخطاب الحقوقي، والتواصل المباشر مع النخب السياسية والإعلامية. هذا الأسلوب، بحسب التحليل الإسرائيلي، يجعلها أكثر خطورة من الدبلوماسية التقليدية.

وتلفت برسكي إلى أن الخلفية المقدسية للسفيرة- كما تُبرزها بنفسها عبر حضورها الإعلامي- تمنح نشاطها بعدًا رمزيًا بالغ الحساسية. فتمثيلها لفلسطين بوصفها "قادمة من القدس الشرقية" يُفسَّر في إسرائيل كمحاولة ممنهجة لتقويض الرواية الإسرائيلية حول السيادة الحصرية على المدينة، ونقل هذا التشكيك إلى مراكز صنع القرار الأوروبية.

في هذا السياق، لا تتعامل الأوساط الإسرائيلية مع أبو عمارة كسفيرة فحسب، بل كـ"أداة إدراكية" في معركة الشرعية الدولية. فالصراع، وفق الرؤية الإسرائيلية، لم يعد عسكريًا فقط، بل بات صراعًا على الوعي والرأي العام، حيث تلعب الشخصيات الدبلوماسية الهادئة دور رأس الحربة.

وتحذر برسكي من أن ما يجري في إيطاليا قد يتكرر في دول أوروبية أخرى، إذا ما استمر هذا النمط من الدبلوماسية الفلسطينية التي تتحرك بعيدًا عن الأضواء، لكنها تترك أثرًا تراكميًا عميقًا.

ومن هنا، تُدرج منى أبو عمارة في الخطاب الإسرائيلي ضمن قائمة "الفاعلين الخطرين" الذين يعملون على المدى الطويل، وبأدوات غير صدامية، لكن بنتائج استراتيجية.

هكذا، تكشف القراءة الإسرائيلية عن مفارقة لافتة: دبلوماسية ناعمة، بوجه نسائي هادئ، تتحول في نظر الاحتلال إلى تهديد سياسي حقيقي، لا يقل وزنًا- وربما يفوق- المواجهة المباشرة. وفي هذا التحول، تجد إسرائيل نفسها أمام معركة جديدة، عنوانها: الكلمة، والصورة، والتأثير، لا السلاح وحده.