يجب أن تكون مسألة تشغيل معبر رفح علي رأس المسائل التي تجب إعادة النظر فيها في إطار العلاقة المستقبلية بين مصر والفلسطينيين, فقد كانت السياسة المتخبطة والمتنافسة غالبا من عدة أجهزة سببا في إعطاء صورة سلبية للعالم عن مصر واظهارها وكأنها تشارك في حصار سكان قطاع غزة والحقيقة أن هذا الأمر لم ولن يكو ن حقيقيا. فلا يعقل أن أي مصري مهما كان موقعه أو موقفه يقبل أن يقف في صف اسرائيل في هذا الموضوع ولكن وكما قلت فان سبب تلك الصورة السلبية هو تولي أكثر من جهاز في وقت واحد ادارة الحركة علي المعبر والتي تعرف بأسم التنسيق ولذا يمكن القيام بما يلي:أولا: يجب الاعتراف علنا بان الأتفاقية متعددة الأطراف التي تحكم الحركة علي معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة قد سقطت بهروب المراقبين الدوليين وسيطرة حركة حماس علي فطاع غزة وبالتالي يجب أن يتم التعامل مع المعبر طبقا لمقتضيات الأمر الواقع وبما يخدم مصلحة الشعبين المصري والفلسطيني أولا, لأن التمسك بالاتفاقية وأن كان قانونيا من الناحية الاسمية إلا انه أضر كثيرا بصورة مصر والتي فشلت في تبرير تمسكها بها مما أظهرها وكأنها تشارك في حصار غزة, وثانيا لأننا يمكن أن نستخدم المعبر كورقة ضغط علي اسرائيل, وثالثا لأن إعادة النظر في أسلوب التعامل في المعبر سيخدم المصالح العليا لمصر من ناحية تحسين صورتها عربيا وعالميا ومن ناحية التقليل من حجم الأخطار الناجمة عن التشدد في تنفيذ اتفاقية تشغيل المعبر, وبناء عليه يجب فتح المعبر جميع ايام الأسبوع وتمديد ساعات العمل والاعلان عن ذلك وتحسين التعامل بداخله وتسهيل اجراءات الدخول والسماح بدخول كل أنواع المساعدات الانسانية بدون قيد أو شرط وابلاغ اسرائيل والولايات المتحدة والعالم أجمع بأنه اذا لم تقم اسرائيل بازالة كل العوائق أمام تبادل السلع بين الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال كل المعابر الأخري فان مصر ستفتح المعبر بدون قيد او شرط, فقد كانت مصر في الماضي تمنع دخول السلع والبضائع من معبر رفح خوفا من قيام اسرائيل باستغلال ذلك لإغلاق المعابر الأخري ولكنها لم تكن تضغط علي الاسرائيليين دوليا لإعادة فتح المعابر الأخري والتي تحافظ علي التواصل بين الضفة وغزة, أما الان فان علي الاسرائيليين أن يعلموا أنه في حالة إغلاق المعابر الخمسة الأخري( بيت حانون والمنطار والشجاعية وكرم أبوسالم وصوفا) فأننا سنفتح معبر رفح علي مصراعيه وبدون شروط. ثانيا: حصر عملية التنسيق سواء للأفراد أو الوفود من الجانب الفلسطيني إلي مصر والعكس في ادارة واحدة معلنة, ويمكن الوصول اليها بسهولة علي أن تعمل هذه الادارة بشكل علمي حديث من خلال شبكة كمبيوتر تتلقي طلبات التنسيق وتحدد الرد من خلال المعلومات المخزنة بها فورا وعند رفض أي شخص يتم ابلاغه بسبب رفضه حتي يستطيع توضيح موقفه حيث شهدت الفترة الماضية عمليات رفض واسعة النطاق وهو ماكان يعرف باسم المنع بناء علي معلومات كيدية أو اخطاء ناتجة عن تشابه في الأسماء, كما أن السرية في التنسيق وتعدد جهاته فتح الباب واسعا للفاسدين الذين اساءوا لمصر كلها, فكان هناك سماسرة فلسطينيون ومصريون للتنسيق وبأسعار لايمكن لمواطن فلسطيني عادي أن يتحملها ولكن أيضا يجب ملاحظة ضرورة ان يتم التعامل مع كل أبناء القطاع باحترام وآدمية حتي هؤلاء الذي يتم ترحيلهم لأنهم يشكلون خطرا ما أو يواجهون اتهاما ما وهذا شيء طبيعي لأن هناك قلة قد تشكل خطرا وهذا ليس مقصورا علي الفلسطينيين فقط ولكن علي المواطنين من كل دول العالم مع الأخذ في الاعتبار اننا في مصر ليس أماما من سبيل سوي التعامل مع هؤلاء لأنه لايوجد لهؤلاء منفذ للعالم الخارجي سوي عن طريق الأراضي والأجواء المصرية مع ضرورة التأكد بالفعل أن هؤلاء قد يشكلون خطرا وأن يكون نقلهم واقامتهم بالمطارات والمدن المصرية بشكل محترم وآدمي يليق بالمصريين وأن تتم مراجعة كشوف هؤلاء الممنوعين أولا بأول لتحديثها وحذف كل من يثبت تغير موقفه خاصة ممن كانوا ينتمون لما يسمي بفصائل السلفية الجهادية, فالكثيرون منهم تحسنت رؤيته لمصر بعد الثورة بالفعل واصبح لايضمر شرا لها. ثالثا: التعامل بوضوح مع الفصائل الفلسطينية فمن حق مصر أن تتعامل مع اي فصيل فلسطيني بالشكل الذي يخدم اولا المصلحة العليا للبلاد, فلا يعقل أن يتم فتح الباب لأي فصيل يثبت وبالدليل القاطع أنه لايريد خيرا بمصر لأي سبب كان, ولكن المطلوب في المرحلة المقبلة أن يكون هذا التعامل علنيا وله مايبرره, ففي كثير من الأحيان كان قرار منع مسئولي فصيل أو آخر من دخول مصر صائبا حيث يجب ألا نتخيل ان كل الفصائل يقودها ملائكة يريدون الخير للشعب الفلسطيني والشعوب الأخري ولكن أفة التعامل في المرحلة السابقة كانت السرية حيث كان عدم الإعلان بوضوح عن اسباب عدم التعامل مع هذا الفصيل أو ذاك يجعله يسارع بالادعاء بأن مصر تحارب الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية وهذا خطا يجب ألا يتكرر, فالفصل في التعامل بين مواطني غزة العاديين وقادة وممثلي الفصائل ضروري, وتبرير أي موقف ضد أي فصيل علنا أمر أكثر أهمية والحاحا. رابعا: حتي هذه اللحظة لم يخرج من مصر أي تصريح أو بيان رسمي يكشف حقيقة مايسمي بالجدار الفولاذي الذي يقال إن مصر تبنيه تحت الأرض علي الحدود مع غزة لايقاف عمل الأنفاق وكل مانعرفه عنه هو عبارة عن شائعات أوتسريبات غير موثوقة وبالتالي يجب أن يخرج المسئولون المصريون لإعلان الحقيقة واذا كان هذا المشروع موجودا بالفعل فالناس يريدون معرفة تفاصيله ومبرراته وإن كانت هذه المبررات ستسقط ولن تكون هناك حاجة للانفاق بين مصر وغزة أذا جري تسهيل حركة البضائع والأشخاص والسماح للتجار علي الجانبين المصري والفلسطيني بتبادل الصادرات خاصة التي يحتاجها الناس بغزة بسبب الحصار.