خبر : لتُرفع الأصوات عاليا ضد قوى وثقافة القتل والإرهاب .. بقلم : نافذ غنيم

الأربعاء 06 أبريل 2011 07:14 م / بتوقيت القدس +2GMT
لتُرفع الأصوات عاليا ضد قوى وثقافة القتل والإرهاب .. بقلم : نافذ غنيم



كثيرة هي المفاهيم والمسلكيات المشوهة التي باتت تغزو ثقافة شعبنا الوطنية، تلك الثقافة التي عمدتها قيم المحبة والتسامح والتآخي والتكافل، واحترام الرأي والرأي الأخر، وتصدرت عناوينها تحريم الدم الفلسطيني وتجريم سافحيه، ونبذ سياسة التخوين والتكفير والإرهاب والقمع والإقصاء، ثقافة طالما اعتززنا بأنها عنوان لنا نحن الفلسطينيون، وبان مجتمعنا اختار طريقا وسطا بعيدا عن التطرف ومظاهر التعصب الفكري بكافة ألوانه، فإلى جانب الأصول التراثية لهذه القيم النبيلة، فقد كان لصراعنا مع الاحتلال الإسرائيلي المجرم دافعا إضافيا للتمسك بهذه القيم من اجل التقدم بمسيرة التحرر الوطني قدما إلى الأمام، كما كان لقناعة غالبية أبناء شعبنا بان الديمقراطية والتعددية شرطا أساسيا من اجل الانتصار على سياسة الاحتلال العدوانية، سببا إضافيا لترسيخ هذه القيم الايجابية لتصبح عنوان للثقافة الفلسطينية، ولتمكننا من بناء مجتمع حضاري يكفل للجميع حق المواطنة، ويحقق ذوات الأفراد والجماعات أي كان انتمائهم .جرائم تتلوها أخرى، جوهرها واحد هو التعصب والحقد، وممارسة قناعات متطرفة جوهرها قمعي وإرهابي، وان كان مجتمعنا لم يخلو من هذه الممارسات الشاذة على مدار مراحل تطوره، إلا أن ارتفاع معدلات ذلك بات ملموسا في الآونة الأخيرة، ليعبر عن ذاته بالممارسة الفردية او الجماعية، وأحيانا بطريقة مؤسساتية، وأي كانت أدوات التنفيذ، فان كافة هذه القوى الرجعية والمتخلفة تجمعها ثقافة واحدة، هي ثقافة التعصب والحقد والإرهاب، ثقافة غير قادرة على التكامل والتواصل مع الأخر في إطار وحدة المجتمع القائم على التعددية السياسية والفكرية، ثقافة جبانة لا تمتلك جراءة المواجهة وإقناع الأخر، ومقابلة الحجة بالحجة .. ثقافة ذات منابع فكرية تخشى التطور والانفتاح والحرية والفن والإبداع .. تخشى الكلمة الحرة الجريئة والفكرة المنتقِدة، وترتعب من ابسط الأشياء حتى تلك النظرات المتمردة الرافضة لها ولتعبيراتها المدمرة. من انتهاكات بحق الإفراد وحرياتهم الشخصية، إلى منع وتعطيل للنشاطات السياسية بدوافع مختلفة، وضمن ذلك ممارسة الاعتقال السياسي بحق البعض، وكذلك التحرش بالعمل الصحفي والصحفيين، إلى ما هو اشد خطورة، حيث قمع المتظاهرين المطالبين بإنهاء حالة الانقسام الكارثي واستعادة الوحدة الوطنية، ولأخريات ينظمن مسيرة في يوم الأرض ليتم اعتقالهن وتمزيق العلم الفلسطيني من على أجسادهن، وصولا إلى نعتهن بأقذر الأوصاف .وان كانت تلك الممارسات وغيرها تجسد معاني هذه الثقافة السوداء ومضمونها الإجرامي، فان التمادي لاغتيال الإنسان الفلسطيني وسلبه حقه في الحياة، هو أبشع تعبيرات هذه الثقافة، وتأكيد على هشاشتها وانهزامها في ميدان الصراع بين الأفكار والاتجاهات المختلفة، وهي بالتأكيد على النقيض من الفكر الإنساني بكافة منطلقاته النبيلة المناصرة للإنسان وحقوقه، بما في ذلك الفكر الإسلامي المنفتح المنطلق من قاعدة " لا إكراه في الدين " ،  " وجادلهم بالتي هي أحسن "، " فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر " .في سياق هذه الجرائم النكراء، يأتي اغتيال الفنان الفلسطيني المبدع المناضل جوليانو خميس المقيم في مخيم الثورة والصمود "جنين"، قتلته رصاصات غدر حاقدة، رصاصات أي كان مطلقها، فهو أو هم  عديمي المشاعر والقيم، وتتحكم بسلوكهم أفكار سوداوية جبانة، وهم بالتأكيد عار على فلسطينيتنا، بينما جوليانو الذي انتصر للحرية في وجه الصهاينة، وانتمى للمخيم والفقر والألم الذي حاكاه في مسرحه ليجسد حلم الفلسطينيين، ولينتصر للحقوق الوطنية العادلة لشعبنا، هو بالتأكيد من نفخر بفلسطينيته وبإنسانيته، نعتز به وبأسرته المناضلة التي تسمو بتاريخها وكفاحها فوق كل الصغار، الذين يزرعون الموت في ثقافة وحياة أبناء شعبنا .جريمة جوليانو ناقوس خطر جديد، تضاف إلى كل الجرائم الأخرى التي استهدفت وتستهدف قيم وروح وانتماء وجسد كل إنسان فلسطيني ينتمي بحق لهذا الوطن المعذب، ولكل القيم التي تجسد حضارية شعبنا وقيمه الخالدة الأصيلة .. جريمة تستدعى من كل الأصوات والأقلام والفعاليات الحرة الشريفة، أن ترفع الصوت بقوة ضدها وضد مرتكبيها، وضد منبعها الفكري أي كان . أقول لكل ضحايا هذه الثقافة والفكر الأسود، بأنكم منتصرون بإرادتكم، منتصرون بصمودكم وبمواقفكم التي نفخر بها، فانتم صرخة مدوية في وجه الظلم، وشمعة تنير الطريق وسط ظلامنا الدامس .. ولجوليانو أقول، لقد انتصر دمك على السيف، وانتصرت بصوت شعبك الثائر على طلقات الغدر التي لن تقوى على إسكات صوتك الحر ورسالتك النبيلة، التي هي رسالة كل أبناء شعبنا الشرفاء الأحرار، المناضلين ضد الاحتلال وجرائمه، والمتمردين ضد الظلم والاضطهاد والقمع وكبت الحريات .                                                                                ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ• عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني     Nafez_gaza2000@yahoo.com