خبر : قراءة بموازنة السلطة الفلسطينية لعام 2011 م ...زياد جرغون

الإثنين 04 أبريل 2011 02:21 م / بتوقيت القدس +2GMT
قراءة بموازنة السلطة الفلسطينية لعام 2011 م ...زياد جرغون



لقد كان يحدونا الأمل أن تناقش موازنة السلطة الفلسطينية لعام 2011، من قبل ممثلين الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع بما فيها القدس، أي تحت قبة المجلس التشريعي، لكن هناك موازنتان قدمت وأيضاً للأسف الشديد المجلس التشريعي معطل منذ الحسم العسكري الذي نفذته حماس بقطاع غزة في 14/6/2007م. أي منذ ما يقارب 4 سنوات لم تعد تناقش ميزانية السلطة الفلسطينية من قبل المجلس التشريعي، لأنه وفق القانون الفلسطيني يعرض قانون الموازنة العامة المالية للسلطة على المجلس التشريعي في أول جلسة له لإقرارها بعد توقيع رئيس السلطة على هذا القانون، وبكل تأكيد يحق للمجلس التشريعي المصادقة على قانون الموازنة العامة المالية للسلطة، ويحق له رفضها وعدم المصادقة عليها.قبل أيام عرض الإخوة بالمجلس التشريعي بغزة ( نواب حماس ) موازنة السلطة الفلسطينية بغزة، وبغرض سريع لذلك والمقصود بها موازنة الحكومة المقالة وكانت كالتالي: 629 مليون دولار الموازنة العامة، منها حجم الإيرادات 117 مليون، ولا تدخل في الإيرادات المقاصة التي تستقطع على البضائع والضرائب التي تجبيها إسرائيل وتسلمها للسلطة، ويبقى مبلغ 512 مليون دولار، لا أحد يعرف مصدرها، هل هي تبرعات أم استثمارات للسلطة بغزة. لكن كل ذلك لا يمنع أن تكون موازنة الحكومة المقالة وحكومة السلطة الفلسطينية برام الله والتي تصرف على قطاع غزة والضفة الغربية موضع نقاش لجميع أبناء شعبنا الفلسطيني. لأن ما يهم المواطن الفلسطيني نسبة التنمية والبنية التحتية من هذه الموازنة، ويجب أن لا تصب الموازنات على الأجهزة الأمنية والشرطية، وتترك إعادة الإعمار والبنية التحتية والبطالة والخريجين دون بنود بالموازنة، أو حد أدنى دون معرفة من سيغطي هذه البنود والتي نعتبرها هي الأهم بالموازنة وبحاجة لعلاج.ثم بعد ذلك عرضت السلطة برام الله موازنتها بعد توقيع رئيس السلطة الفلسطينية عليها بالرغم من أنها لم تناقش بالمجلس التشريعي صاحب القرار الأخير بالبت بالموازنة، لكن لتعطل المجلس التشريعي وتغيبه عن الحالة السياسية، أقرت الموازنة دون العودة إلى ممثلي الشعب الحقيقيين.لكن بقراءة أولية لحجم الموازنة العامة للسنة المالية لعام 2011 للسلطة الفلسطينية التي بلغت 3732 مليون دولار. أي بزيادة 6 أضعاف عن موازنة حكومة حماس بغزة، لكننا نجد أن 46% من بنود الموازنة العامة للسنة المالية رواتب وأجور لجهاز السلطة من موظفين ومدنيين وعسكريين، ولا يوجد توضيح لحجم العاملين من هذه النسبة بقطاع غزة، وأيضاً لنسبة الأجهزة الأمنية سواء بغزة أو الضفة الغربية، بالرغم من أن قناعتنا أن نصيب الأجهزة الأمنية يتجاوز 50 % من إجمالي الرواتب والأجور والبالغة 1710 مليون دولار.وهنا الخلل الفادح بموازنة السلطة حيث تعتمد على أجهزة أمن مختلفة وتهمش باقي القطاعات والتي بحاجة إلى اهتمام ورعاية وخاصة الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية وأيضاً العمل.لقد بلغت النفقات التطويرية لموازنة السلطة 13.5% من إجمالي الموازنة العامة، وهذه نسبة محدودة تبرز الخلل والفشل في تحقيق تطوير للبنية التحتية والتطويرية للسلطة.أيضاً نسبة المساعدات المقدمة من الدول المانحة من موازنة السلطة الفلسطينية بلغت 40% في حين بلغت نسبة المساعدات الخارجية للحكومة المقالة بغزة 80% من إجمالي الموازنة بدون مبالغ المقاصة التي تأخذها السلطة برام الله من إسرائيل والتي تجبيها لصالح السلطة وفق اتفاق باريس الاقتصادي.فكلتى الحكومتين سواء حكومة السلطة الفلسطينية برئاسة سلام فياض أو الحكومة المقالة برئاسة إسماعيل هنية لم تستطيع الاعتماد على الذات بل تعتمد على المساعدات الخارجية سواء من جهات عربية وصديقة للشعب الفلسطيني أو جهات دولية ومانحة تدعم السلطة استناداً إلى التزامات دولية مبرمة مع السلطة منذ إنشائها عام 1994م.وإذا نظرنا إلى مقترحات الأحداث الوظيفية لعام 2011م، نجد التالي: 58% من الوظائف المقترحة هي للتعليم، و 18% من الوظائف المقترحة للموظفين العسكريين، و 8% من الوظائف المقترحة للصحة، و 4% من الوظائف المقترحة لوزارة الأوقاف، و 12% من الوظائف المقترحة لباقي الوزارات ومؤسسات السلطة، بمن فيها بعض مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا يعكس حجم الخلل والظلم في توجه السلطة الذي يلحق الضرر بالغالبية العظمى من أبناء شعبنا بالصحة والتعليم والوزارات الخدماتية التي تقدم خدمة للمواطنين، ويجري التركيز مرة أخرى على الوظائف العسكرية وزيادة حجم المؤسسة العسكرية والأمنية على حساب باقي المؤسسات ووزارات السلطة الخدماتية.وحسب الإحصائيات المختلفة، يبلغ عدد الخريجين سنوياً 10000 خريج يتخرجون من الجامعات والمعاهد الفلسطينية سواء بالضفة أو القطاع، وهؤلاء يدخلون سوق العمل الفلسطيني أكثر من نصفهم ينضمون إلى جيش العاطلين عن العمل وخصوصاً في قطاع غزة. فما هو مقترح من موازنة للتوظيف لا يلبي الحد الأدنى من متطلبات شعبنا، لا يلبي 43% من عدد الخريجين الذين يتخرجوا سنوياً، وأيضاً من ينضم من العمال سنوياً إلى سوق العمل الفلسطيني تقريباً 20000 عامل في الضفة والقطاع،نصيبهم من التوظيف لا يتجاوز 10%.ومن خلال العرض السابق، نجد أن موازنة السلطة الفلسطينية سواء موازنة الحكومة المقالة بغزة, أو موازنة الحكومة الفلسطينية برام الله لا تلبي الحد الأدنى من متطلبات شعبنا، وإذا دققنا أكثر إلى نسبة موازنة قطاع غزة من الموازنة الإجمالية لحكومة رام الله نجدها لا تتجاوز الـ 30% وهنا يقع الإجحاف بحق أبناء غزة، وخاصة إذا نظرنا إلى حجم التوظيف المقترح للحكومة الفلسطينية نجدة 100% من الضفة العربية ولا شئ يذكر في قطاع غزة منذ 4 سنوات، وحتى الآن تمارس هذه السياسة الاجحافية والاقصائية بحق قطاع غزة.ومن هنا فإننا نؤكد على ما طرح في اجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني بجلسته الأخيرة برام الله فيما يتعلق بقضايا قطاع غزة، وتحديداً تصحيح مظالم ضحايا الانقسام وإنصاف منتسبي الأجهزة الأمنية ( موظفي عام 2005-2006-2007 ) باتجاه تلقيهم رواتب كاملة أسوة بباقي موظفي السلطة مع صرف كامل مستحقاتهم المتأخرة، ووقف الفصل التعسفي والغير قانوني للموظفين بغزة، وفتح باب التوظيف بقطاع غزة، أسوة بما يجري بالضفة الغربية والعمل على مضاعفة المشاريع الإنتاجية و الاجتماعية ومخصصات البطالة وبرامج التشغيل، وخاصة في ظل الحصار الظالم الذي يتعرض له القطاع منذ 4 سنوات.من ينظر إلى الموازنة العامة للسنة المالية لعام 2011م، يتأكد له تماماً أن كل من روج إلى إنه يبنى اقتصاد الدولة الفلسطينية ومؤسساتها وهذا العام سيشهد هذه الولادة، يثبت عقم هذا الطرح وفشله تماماً، فلا يمكن بناء مؤسسات الدولة في ظل الاحتلال، لأن الاحتلال يتعمد إلى تدميرها وما شاهدناه بحرب غزة الأخيرة ،وما يجري بالضفة الغربية من تقطيع لاوصلالها سواء بجدار الفصل العنصري أو بناء المستوطنات خير شاهد على ذلك ، بل ما هو مطروح بالموازنة هي سياسة نيوليبرالية. لا تؤسس لاقتصاد فلسطيني مستقل بل اقتصاد يبقى تابع للمحتل ولن يتمكن بهذه السياسة من الوصول إلى مرحلة الاستقلال الاقتصادي والوطني.وعلى ضوء القراءة الأولية لموازنة السلطة لعام 2011م التي تزيدنا قناعة بعقم سياسة السلطة الاقتصادية وارتهانها إلى المساعدات الخارجية ولا تسعى إلى بناء اقتصاد وطني مستقل، فالأجدر بحكومتي رام الله وغزة أن تعمل على اتخاذ إجراءات ملموسة لمعالجة معضلات الفقر والبطالة، وتخفيف وطأة الغلاء من خلال إعادة النظر بالنظام الضريبي للتخفيف العبء الواقع على ذوي الدخل المحدود وخفض الضرائب على السلع والخدمات الأساسية، وتحديد الحد الأدنى للأجور وخاصة للعاملين بالقطاع الخاص، وربط الأجور بجدول غلاء المعيشة والعمل بقانون التأمينات الاجتماعية على طريق إنشاء نظام شامل للضمان الاجتماعي والصحي. ودعم صمود المناطق المنكوبة وأهلنا بالقدس والعمل على إعادة إعمار قطاع غزة. والعمل على تعزيز المقاطعة لمنتجات المستوطنات ومنع تسريبها إلى الأسواق الوطنية وتشجيع المنتجات الوطنية، والعمل على حماية المنتجات الزراعية والصناعية الوطنية باتجاه تطويرها في وجه المنافسة الحادة التي تتعرض لها وتؤدي إلى تراجعها.المطلوب إعادة النظر في سياسة توظيف الموارد المالية المتاحة، وأوجه الإنفاق في الموازنة العامة ورفع المساهمة في النفقات الاستثمارية وخاصة في القطاعات الإنتاجية فضلاً عن اعتبار قطاع غزة والمناطق الريفية المنكوبة بالاستيطان وجدار الفصل مناطق تطوير من الدرجة الأولى بكل ما يترتب على ذلك من تخصيص موازنات ومشاريع تعزيز صمود المواطنين للثبات في مناطقهم وحمايتهم من الاحتلال والاستيطان.كنا نطمح أن تقدم موازنة عامة مالية لعام 2011م موحدة في جميع أراضي الدولة الفلسطينية، لا أن تقدم حكومة السلطة برام الله موازنة وحكومة المقالة بغزة موازنة، ففي ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة العربية فهناك تحولات تاريخية عاصفة تجتاح منطقتنا بفعل ثورات الجماهير العربية الطامحة للتغيير الديمقراطي والحرية والعدالة الاجتماعية.إن استحقاق التجديد الديمقراطي في النظام السياسي الفلسطيني سواء على صعيد منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الفلسطينية، وتلبية هذا الاستحقاق، تتطلب وبصورة لا تقبل التأجيل أو التأخير إنهاء حالة الانقسام والانفصال بين الضفة وقطاع غزة، والتي باتت تضعف قدرة شعبنا على مواجهة الاحتلال.إن الطريق الجديد الذي ينبغي العمل من أجلة لإنهاء الانقسام يتم عبر مشاركة جميع ألوان الطيف السياسي الفلسطيني في إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية عبر انتخابات حرة نزيهة للرئاسة والمجلس التشريعي والمجلس الوطني وفق نظام التمثيل النسبي الكامل وهذا يتطلب العمل على إطلاق سراح جميع المعتقلين لأسباب سياسية أو أمنية سواء في غزة أو الضفة الغربية، والاتفاق على ترتيبات أمنية وعملية إجرائية في كلا المنطقتين تضمن حرية العمل السياسي، والعمل على إزالة العقبات التي تعوق تشكيل حكومة وحدة وطنية وإذا تعذر ذلك يعاد إلى تشكيل لجنة مشتركة تقوم بالمهمات التي اتفق عليها في جلسات الحوار الوطني الشامل ،وتشرف على تأمين الشروط السياسية الأمنية لضمان حرية ونزاهة الانتخابات وتضمن هذه الحكومة تقديم موازنة عامة موحدة للسلطة الفلسطينية في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين. * عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين