زأرت الجماهير فزلزلت الأرض من تحت أقدام المتخاصمين زلزلة زادت درجتها درجة زلزال اليابان المدمر ففزعوا وقفزوا من مواقعهم فدعا هنيه عباس واستجاب عباس لهنيه في خطوة نفست غضب الجماهير وأعطتهم الأمل بقرب الوحدة وبقرب إنهاء الانقسام ولكن المراقب والمتابع ينظر بمنظار أخر غير ذلك الذي تنظر به الجماهير، فهذه مبادرة زيارة لغزة وطرح هنية غير طرح عباس فهنية يريد فتح الملفات والتأسيس لمرحلة جديدة وفق رؤى وطنية يتفق عليها في حين عباس لم يأت بجديد منذ أيام الانقسام الأولى سوى استعداده لزيارة غزة ، فطرح حكومة تكنوقراط والتحضير لانتخابات جديدة هو جل أهدافه على مدار عمر الانقسام. لذلك نرى أن هذه الزيارة التي رحبنا بها في مقالنا السابق يجب أن تحمل في طياتها المرغوب والمحبوب شعبيا وجماهيريا و وألا تحمل المحذور الملعوب الفئوي الحزبي وبطبيعتنا المتفائلة دوما فإنني سأطرح المرغوب والمحذور والمأمول من باب عدم الوقوع بالمحذور و بهدف إنجاح الزيارة؟ أما المرغوب فهو توفير النوايا الحقيقية الصادقة لأنهاء الانقسام وفتح صفحة جديدة من العلاقات الفلسطينية الفلسطينية النابذة للانقسام والفرقة الواعدة بالتماسك والوحدة، وأن تأتي الزيارة وما يسبقها من ترتيبات سياسية لاستكمال ملفات الحوار من حيث انتهت واتفق عليها وحلها رزمة واحدة وبالتوازي والقفز عن نقاط الخلاف ما لم تمس الثوابت الفلسطينية وأن يضم وفد الرئيس وجوه ايجابية ومتفائلة وتوافقية كما يجب أن تأتي الزيارة في ظل أجواء ايجابية أهمها إعادة الحياة التشريعية ورفع الحذر عن رئيس وأعضاء المجلس التشريعي وجلسات المجلس ووقف حملات الاعتقالات السياسية وإطلاق سراح المعتقلين ووقف المناكفات السياسية وخاصة في الوزارات الخدماتية كالصحة والتعليم والاقتصاد لما لها من إشراف مباشر على المعابر الحدودية ورفع الحذر عن المؤسسات الاجتماعية والدينية والتعليمية، وأن تنقشع الغيمة السوداء عن الإعلام الحزبي ليبرز الإعلام الوطني المسؤول النابذ للانقسام والداعي للوحدة.وأما المحذور الذي نخشاه أن تكون هذه المبادرات ردات فعل وفقاعات إعلامية وقرارات ارتجالية غير مدروسة جاءت لامتصاص غضب ونقمة الجماهير وتساوقاً مع الحدث والآن تجرى إعادة ترتيب الأوراق وتقيم المواقف وكما يقولون "ذهبت السكرة وجاء الفكرة" فحماس هدفها الأكبر من إنهاء الانقسام (حسب زعمها) هو المشاركة في القرار الفلسطيني من خلال مؤسساته الرسمية وخاصة منظمة التحرير الفلسطينية لوقف الهرولة الاستسلامية التي تقودها فتح والتي فضحتها مجالس اللقاءات والمفاوضات التي عرضتها فضائية الجزيرة مؤخرا كما تريد حماس وضع حدا للحالة الفوضوية في الساحة الفلسطينية التي تبرز مع كل تغيير في الحياة السياسية الفلسطينية أما الرئيس عباس وحركة فتح فجل أهدافهم هو إعادة غزة للشرعية الفلسطينية (حسب زعمهم) بغض النظر عن الأسلوب والإجراءات ولقد عشنا محاولات بعيدة عن أخلاق شعبنا من اجل عودة غزة ولم يفتر الرئيس أو فتح في استخدام أساليب جديدة لإعادة غزة والذي احذر منه أن تكون هذه الزيارة احد الأساليب واشم ذلك في تصريحات نمر حماد المستشار السياسي لعباس الجمعة لـ’القدس العربي’ بأن الأخير كلف وفدا إداريا وفنيا بالتوجه لغزة للإعداد لتوجه للقطاع في إطار مساعيه لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية نافيا أن يكون الوفد من حركة فتح أو لتمثيل الحركة، وأكد ذلك عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح إن الوفد الذي شكله الرئيس عباس للتوجه لغزة سيكون ’وفدا فنيا أمنيا’ يضع ترتيبات فنية للزيارة ولا يضم سياسيين وأشار إلى أن الوفد يضم مسؤول جهاز الحرس الرئاسي، إضافة إلى مسؤول أمن الرئيس، مؤكدا إن مبادرة الرئيس ’لا تحتاج لعقد حوارات جديدة’، وقال ’نحن لسنا بحاجة إلى حوارات جديدة، لأن المبادرة مستندة إلى الحوارات السابقة التي أجريت مع حماس’ محذرا أي شخص سيقوم بإجراء الاتصالات سيكون عمله بشكل شخصي ناعتا أولئك بـ’مقاولي الحوارات’، وقال إنهم ’يتحركون في مثل هذه الحالات’، وأضاف ’نحن لسنا بحاجة إليهم’.أي أننا لسنا أمام نوايا حقيقية لإنهاء الانقسام فالوفد إداري وفني أي ليس له علاقة بالسياسية بينما قصرت السياسة على الحكومة والانتخابات فهي إذن مفرغة من محتواها وان الزيارة فاشلة (سوى إظهار الرئيس بالمخلص الذي سيرفع الحصار وسيبدأ البناء في تظاهرة مدروسة لتجديد الولاء والتبعية للرئيس) ولن تأتي بجديد كون جولات الحوار السابقة وصلت لطريق مسدود رغم كل التضمينات والتبشيرات التي رافقت الجولات الأخيرة في سوريا والأغرب أن جميع المسؤولين والإعلاميين مسلطين الضوء على الشكليات وليس على المضمون على استقبال البطل الهمام العائد إليها بعد انتظار ويطالبون أعلى الهرم إلى أدناه بالخروج للاستقبال ومنشغلين أين سيجلس الرئيس وأين سينام وماذا سيأكل ومن سيقابل وغيرها؟أما المأمول أن تكون الزيارة مفتاحا للحل وليس لزيادة الشرخ وتعميق الانقسام لذلك أدعو ألا نبالغ في عملية الاستقبال ولذلك للاعتبارات التالية:· حتى لا تكون أثار الفشل لا سمح الله صدمة قوية للجماهير تؤدي إلى كفر بالقضية وربانها · لتفويت الفرصة أمام إسرائيل التي أعلنت انتقادها العلني والمباشر للمصالحة وعلى لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو في تصريحات أدلى بها لمحطة سي ان ان ,كيف للسلطة الفلسطينية أن تبني سلاما مع إسرائيل وتسعى للسلام مع حماس التي تدعو إلى تدميرنا"؟ هذا قد يترجم عمليا على ارض غزة وبالتالي تكون إسرائيل قد قنصت أهدافها بعملية نوعية تذكرنا بعملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ونتائجها الخطيرة على الشعب اللبناني وخاصة أن الدوائر الإعلامية والسياسية الإسرائيلية تشن حملة على الرئيس عباس باتهامه اخطر من سلفه الرئيس ياسر عرفات.· قيام بعض الجهات الفلسطينية الناقمة على الطرفين بعملية ارتجالية ضد موكب الرئيس أثناء عملية الاستقبال تدخل المجتمع الفلسطيني في دوامة اكبر من دوامة الانقسام ذاته. ليكن الاستقبال طبيعيا ومتواضعا في أروقة المجلس التشريعي وقصر الرئاسة وبيت الرئيس وان تكون الوفود محدودة وعملية وداعمة لإنهاء الانقسام وخاصة أن الزيارة لم تأت بعد الاتفاق والتوقيع وسدل الستار عن صفحة الانقسام بل آذنة لحوار جديد بعد نشوز طويل، وان تفتح جميع الملفات حتى يتم الاتفاق عليها ولو بالخطوط العريضة وان تعذر الاتفاق فليكن اللقاء في بلد عربي يتم فيه الاتفاق النهائي ويعود الجميع معا إلى غزة وحينها تفرح الجماهير وتعلوا الزغاريد وتوزع الحلوى؟