إلى الرئيس محمود عباس المبادرات الجريئة لا تحتاج إلى ترتيبات كبيرة: زيارة غزة مطلب جماهيري واستحقاق وطني ورسالة قوية إلى العالم. زيارة غزة والالتقاء بكل أطياف العمل السياسي والمجتمعي وبممثلين عن الجماعات الشبابية خصوصاً، خطوة لا يقدر عليها إلا الزعماء الملهمين أو القادة الأفذاذ أو الرؤساء الذين يتحلون بالمسؤولية التاريخية، ولا أشك يا سيادة الرئيس أنك واحد من هؤلاء! إلى الأستاذ إسماعيل هنية إن كنا قد نختلف معك، غير أن أحداً لم يعد يختلف عليك، بوصفك المسئول الأول، أمام الله والناس، عن كل ما يدور ويجري في قطاعنا الحبيب، إلى أن يجتمع شملنا على كلمة سواء. واستجابتك السريعة لمطالب الشباب تنم عن حرصك الوطني ووعيك السياسي وإحساسك العالي بالمسؤولية. ولا يغربن عن ذهنك أن الرافضين للزيارة والممانعين للمصالحة كثر هنا وهناك، والتعجيل بالترتيبات والإصرار على الموقف وعدم تحميل الزيارة أكثر مما تحتمل، أفضل طريقة للرد على أولئك الراجفين من الحوار والراغبين في بقاء الحال. إلى حركتي "فتح" و"حماس" الشعب يريد إنهاء الانقسام حتى يتفرغ لإنهاء الاحتلال. الاستيطان يتوسع، والحصار يشتد، والثلاثي المجنون الحاكم في إسرائيل يتربص بنا الدوائر. هل من خيار آخر أمامنا لمواجهة هذا الوضع؟. يتفق الجميع أن الوحدة هي ملاذنا وهي منصة إطلاق رصاصاتنا أو حجارتنا في وجه العدو. حسناً، هناك خلافات سياسية كبيرة، وهذا وضع طبيعي، ولكن ألا توجد طريقة نوحد بها جهودنا ونحفظ تعددنا واختلافاتنا في ذات الوقت؟ خرج آلاف الشباب يدعونكم للوحدة وإنهاء الانقسام، فهل جزاؤهم الضرب والقمع والملاحقة! نحن نطالب بالوحدة، ونترك لكم طريقة تحقيقها: *إما أن تحكم فتح غزة فتوحدنا تحت رايتها *وإما أن تحكم حماس الضفة فنتوحد خلفها *وإما أن نذهب إلى انتخابات شاملة ومن يفز يتولى شأننا إلى رجال الأمن لستم في حاجة للتذكير بأنكم، طبقاً للقانون والأعراف السارية، في خدمة الشعب، تسهرون على راحته وأمنه، تزودون عن حوضه. أنتم الجهة الوحيدة التي يجوز لها استخدام القوة، نعم ولكن: دون إفراط، وثانياً طبقاً لأحكام القانون، ثالثاً لخدمة هدف وطني ومجتمعي عام، ورابعاً دون تجاوز أعرافنا وتقاليدنا وأخلاقنا وتعاليم ديننا. فهل شتم الفتيات بألفاظ نابية وبذيئة، ناهيك عن ضربهن، يقع ضمن ذلك؟ قد تكون إحدى الفتيات المعنفات، شتماً أو ضرباً، أختاً أو ابنة أخ أو عم أو خال أو جار؟ أولا يكفي أنها فلسطينية؟ أولا يكفي أنها فتاة فلا تضرب ولا تهان؟ أعلم أن معظمكم قد حمل السلاح ضد الاحتلال قبل أن تحملوا العصي والهراوات، وربما ستجدون أنفسكم مرة أخرى في مواجهة الاحتلال، فلا تسقطوا أخلاق المناضلين والمجاهدين وأنتم تسهرون على أمننا الداخلي، فلا شيء بيننا يبرر قسوة بعضنا على بعض، أو يستحق أن ننتهك قيمنا الحميدة التي تربينا عليها، واختلاف الرؤى السياسية يجب ألا يتحول إلى خصام شخصي أو اتهام سلوكي، والحفاظ على الأمن والنظام يقتضي بالضرورة الحفاظ على الضوابط والمحددات، كما لا يجوز الخلط بين وظيفة فرض النظام وفرض الرؤية. إلى شباب فلسطين هذه اللحظة هي فرصتكم لصوغ مستقبلنا ومستقبلكم، فلا تتركوها. واعلموا أنه في اليوم التالي لإنهاء الانقسام سيواجهكم السؤال الأهم: كيف تواصلون مسيرة الكفاح الوطني ضد الاحتلال، وفي ذات الوقت كيف ندير شؤوننا الاقتصادية والاجتماعية والأمنية بما يعزز من قدرتنا الكفاحية. قد تواجهون حملة شرسة وقد يتهمكم البعض بالعمل لحساب جهات خارجية، وقد يقلل آخرون من جدوى ما تفعلون، قد وقد،،،، فما هو قراركم؟ هل تواصلون المشوار أم تستسلمون للواقع؟ وفي كل الأحوال حافظوا على وحدة صفكم وبراءة سعيكم وإياكم والعنف والإضرار بالممتلكات أو سير الحياة العادية. إياكم والشعارات الطنانة والخطابات العنجهية والولاءات الفئوية. وشباب فلسطين ليسوا أولئك الذين خرجوا إلى الميادين والشوارع فحسب، بل وأولئك الذين يحملون العصي والهراوات، وأولئك القابعين في بيوتهم ينتظرون، هؤلاء وأولئك هم ثروة فلسطين الحقيقية فلا تضيعوها، يجب ألا ينقسم شباب فلسطين على أنفسهم، يمكن أن يختلفوا في الرؤية، وفي وجهة النظر وفي الانتماء الحزبي، لكنهم موحدون في نظام سياسي متعدد وفي معركة وطنية واحدة ضد الاحتلال. يتوزعون في المواقع والمناصب والمنافع، لكنهم لا ينسون أبداً أن فلسطين ومستقبل قضيتها أمانة في أعناقهم جميعا.