حلمت بالوحدة كغيري من مئات آلاف المواطنين، وعشت أياماً وليال طويلة أنتظر هذا اليوم، يوم الخامس عشر من آذار، كي نوحد الصف ونهتف ضد الانقسام والتشرذم وحالة اللامبالاة والتبلد التي أصابتنا على مدار سنوات طوال، لم نفلح خلالها من تحقيق سوى المزيد من الفرقة والتطرف والعصبية، واستجبت كالجميع لنداء الوطن ومبادرة شباب هويتهم وجنسيتهم وأحلامهم وطموحاتهم وشعاراتهم" فلسطين موحدة بلا انقسام" وأصررنا ألا نجهض هذا الجهد والعمل الدؤوب الذي واصلوه رغم المعيقات والصعوبات والتضييق ولكنهم حملوا الراية والرسالة التي وصلت لكل بيت فلسطيني ولكل زقاق وكل محل تجاري، كي يشاركوا في هذا العرس الوطني الفلسطيني ومساندة مبادرة الشباب البيضاء. ولكن كل هذه الآمال والأحلام التي نسجتها في خيالي طوال الأيام الماضية، كادت أن تجهض ويجهز عليها وأصبت بخيبة أمل وارتعدت كل مفاصلي حينما رأيت وأنا متوجهة إلى هذا العرس الفلسطيني في باحة الجندي المجهول، أن العلم الفلسطيني قد تم تشويهه بأعلام ورايات أخرى، كدت أن أصعق من هذا المشهد الذي لم يكن في الحسبان بعد أن تم الاتفاق على أدنى قاسم مشترك يجمعنا وهو العلم الفلسطيني الذي جمعنا على مدار عقود طويلة. ولكن يبدو أن هناك أطرافاً أخرى لم يعد يشرفها علم فلسطين الموحد وتطمح إلى تغيير لونه، أو استبداله بعلم آخر، هذه كانت القشة التي كادت أن تقسم ظهر البعير لولا الهبة الجماهيرية التي كانت أكثر وعياً وأكثر حكمة في استيعاب هذه الاستفزازات في محاولة للسيطرة واحتواء الهبة، فكانت هناك هبة أخرى، طالبت بإسقاط كل الشعارات الحزبية الفصائلية، وتوحيد الهتاف والشعار الذي تحول من "الشعب يريد إنهاء الانقسام" إلى الشعب يريد علم فلسطين فقط، ورفض كل المحاولات للالتفاف على هذه الهبة السلمية البيضاء، والتي رغم كل محاولات احتوائها استطاعت أن تصمد وأن توصل الرسالة واضحة للجميع بأن الشعب أضناه السكوت والانتظار ولا بديل عن الحوار. ولكن يبقى لدى تساؤل هل بالإمكان الاتفاق على معضلة إنهاء الانقسام والكثير من القضايا الجوهرية الأخرى في ظل عدم المقدرة على التوحد تحت مظلة علم واحد؟000 لا أريد أن استبق التطورات والأحداث و آثرت أن أكون أكثر تفاؤلاً سيما وأنه أصبح لدينا ما يبعث على الأمل في التغيير بعد الإيحاءات الايجابية التي تأثرنا بها من تجارب شباب الدول المجاورة والنجاح الهائل الذي يحسب لمواقع التواصل الاجتماعي التي ساهمت في هبوب رياح التغيير والتحرر من الأنظمة الاستبدادية، علها أيضاً تساهم رأب الصدع، وإعادة ترتيب بيتنا الفلسطيني الصغير الذي يجابه تحديات كبيرة على المستوىين الدولي والمحلي. كي لا يجهض حلم التوحد والوحدة علينا الالتفاف جميعاً حول مبادرة شباب الخامس من آذار ومواصلة العمل والتظاهر السلمي، حتى نصل لهذا الحلم الذي بات قريب المنال بعد هذا العرس الفلسطيني الذي لم نشهده منذ سنوات بهذه الصورة المشرقة على مستوى الوطن الواحد بغزته وضفته وقدسه. فعلينا أن نواصل الجهد ونستجمع قوانا ونشد من عزيمتنا حتى ننهي هذا الكابوس البغيض وإنهاءالانقسام وقبله وقبل كل شيء علينا أن نتوحد حول راية واحدة وعلم واحد بألوانه الأربعة وأن نعيد له قدسيته واعتباره ولا علم يعلو فوق علمك يا فلسطين الحبيبة عشت وعاش أحرارك.