لو كان الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز يترأس حزباً يسارياً خارج السلطة السياسية في بلاده، فهل سيكون موقفه من الثورة الليبية كما هو عليه الآن؟ ربما ! الأمر أسهل في حالة القوى والأحزاب حين تكون خارج النظام والدولة أو السلطة السياسية، فلماذا يخطأ تشافيز ، هو الذي حاز على إعجاب وتقدير الأمة العربية من المحيط إلى الخليج ، ويتسرع في مواقفه حيال الثورة في ليبيا . إذ بدل أن يعلن تأييده اللامشروط للشعب الليبي وثورته الباسلة، ودون تردد، يتقدم الرفيق تشافيز بمبادرة عبيطة ستضفي شرعية على نظام القذافي المعتل الذي يتداعي ويتآكل. وإذا كان الأمر " مفهموماً " في حالة موقف " فيديل " في كوبا، وهو رفيق وحليف تشافيز الأول، يتربع على سدة القرار السياسي في الجزيرة منذ ما قبل القذافي بعشر سنوات ، وقرر " فيديل " أن يقف مع " العقيد الثوري" فهذا شأنه هو، لكن تشافيز جاء للحكم وفق خيارات الشعب والانتخابات الديموقراطية، فلماذا يحلل الديموقراطية في بلده، ويحرّمها على الشعب الليبي، ويطلب من العرب أن يتصالحوا مع ديكتاتور مجنون يحتاج إلى علاج في مصحة نفسية أكثر من أي شئ آخر ! أوليس ألف باء التضامن الأممي والإنساني هو أن نقرأ واقع الصراع السياسي في بلد ما، وماذا تقول الحركة الوطنية في هذا البلد، ثم يصبح دور القوى الثورية هو دعم وإسناد الطبقات الشعبية المحرومة والدفاع عن مصالحها وعن حقها الطبيعي في السيادة والتحرر والاستقلال؟ لماذا لم يعتبر تشافيز الحركة الوطنية الليبية مرجعية لموقفه واختار أن ينتصر لدكتاتور صغير سينهار هذا الأسبوع أو الأسبوع الذي يليه؟ وهل يقبل هؤلاء الذين يدافعون عن القذافي في فانزويلا ونيكاراغوا وغيرها أن يعيشوا يوماً واحداً تحت قوانين وسياط نظام القذافي؟ هل يقبل الشعب في فانزويلا بنظام وجماهيرية الخوف التي صنعها العقيد لشعبه على هواه ووفق مزاجه المريض وخراريف كتابه الأخضر سئ الصيت؟ يظن البعض من العرب والعجم والأجانب أنهم احرص على شرف وسيادة ليبيا وحقوق شعبها أكثر من الشعب الليبي، ويحذروا من التدخل الأجنبي الاستعماري، كذريعة لإسناد النظام الليبي وإطالة عمره، لا حباً في الشعب الليبي وقراره الوطني وسيادته الحقيقية . إن الثورة ممثلة بالمجلس الوطني الانتقالي في البلاد أعلنت أكثر من مرة أنها ترفض كل أشكال التدخل الأجنبي باستثناء حصار النظام سياسيا وشل حركة طائراته التي تقوم بقصف البشر والحجر وتنقل جيش المرتزقة إلى داخل البلاد. أين الجريمة في ذلك؟ إن الثورة العربية التي تجري فصولها الآن بدأت تنقل مركز الحركة المناهضة للامبريالية وقوى الاستعمار الأجنبي إلى داخل الوطن العربي فالعرب اليوم هم الذين يتقدموا صفوف مقاومة الاستعمار الخارجي والداخلي، ومن مصلحة القوى الثورية وخاصة الاشتراكية والصديقة للعرب التي تناهض السياسية الأمريكية، كانت هذه القوى الصديقة في إيران أو في فانزويلا وغيرها، أن تساند الثورات والشعوب العربية والأفريقية لا أن تساند الحكام القتلة، خاصة إذا كانوا مجانين ومهلوسين، كالقذافي في ليبيا وموغابي ( الاشتراكي جدا) في زيمبابوي المفقرة جداً!