خبر : دولة نتنياهو ذات الحدود المؤقتة..د. سفيان ابو زايدة

السبت 05 مارس 2011 02:52 م / بتوقيت القدس +2GMT
دولة نتنياهو ذات الحدود المؤقتة..د. سفيان ابو زايدة



لا يوجد جدل في اسرائيل على ان الخطه السياسية التي سيقدمها نتنياهو خلال الاسابيع او الاشهر المقبلة و التي تستند في جوهرها على مبدأ الدولة ذات الحدود المؤقتة الهدف منها هو محاولة تخفيف الضغط الدولي المتزايد الذي يتهمه بتعطيل العملية السياسية أكثر منه محاولة جادة و حقيقيه للتوصل الى حل سياسي مع الفلسطينيين.لا يوجد وهم ايضا في اسرائيل على ان الموقف الفلسطيني الصريح و المعلن هو الرفض المطلق لأي مشروع سياسي يستند الى هذا المبدأ لاسباب واضحه اهمها ان ما هو مؤقت بالنسبة للاسرائيليين هو اكثر من دائم . لا يوجد وهم ايضا حتى لدى اكثر المتفائلين في اسرائيل على ان المجتمع الدولي سيقبل او سيرحب بهذه الخطوة، وان اختلفت الصياغات في ردود الافعال من قبل المنظومة الدولية التي تقف على راسها الولايات المتحدة ، جوهر الموقف سيكون عدم التعاطي بجدية مع طرح نتنياهو.اذا كان الامر كذلك، السؤال الذي يطرح نفسه لماذا يشغل نتنياهو حاله و يتقدم بمشروع سياسي هو يدرك مسبقا انه مرفوض فلسطينيا و عربيا و إقليميا و دوليا؟أولا: العامل الداخلي الاسرائيليهناك شعور في اسرائيل ان نتنياهو خسر معركته الداخلية التي هي بالنسبة له اهم من معركته مع الفلسطينيين او المجتمع الدولي. رئيس الوزراء في اسرائيل ربما يستطيع ان يحافظ على قوته اذا خسر ثقة المجتمع الدولي و لكنه لا يستطيع ان يحتفظ بقوته او منصبه اذا خسر ثقة الشارع الاسرائيلي.نتنياهو يدرك، وهذا ما ترجمته نتائج استطلاعات الرأي التي أجريت في اسرائيل مؤخرا، انه لم يعد زعيما لليمين، حيث استطاع ليبرمان ان يثبت نفسه في هذا الموقع، وهو بالتأكيد ليس زعيما للوسط لان تسيفي ليفني استطاعت ايضا ان تجلس بكل ثبات على هذا الكرسي . نتنياهو اذا بلا هوية سياسية رغم انه انتخب في اسرائيل على اعتباره زعيم لليمين الغير متطرف، حسب تصنيفهم بطبيعة الحال.ازمة نتنياهو الداخلية تجبره على اتخاذ خطوات محددة على أمل ان يستعيد ثقة الجمهور به. و لأنه لا يستطيع ان ينافس ليبرمان و المستوطنين في التطرف، حيث في هذه الحالة سيدخل اسرائيل في صدام مع المجتمع الدولي، وهو ايضا لا يستطيع ان يبدي مرونه بنفس الدرجة التي تبديها تسيفي ليبني التي تصنف اليوم على انها زعيمة الوسط مع الميل قليلا الى اليسار، لذلك يبحث نتنياهو عن خطوة تحفظ له مكانته كرجل دولة يجمع ما بين التمسك بالمبادئ التي انتخب من اجلها و بين المرونة السياسية التي تحمل بعض اللمسات من البرغماتية. على الرغم من ذلك، المشروع السياسي الذي يعتزم نتنياهو تقديمه في المستقبل القريب سيخلق حالة من الحراك الداخلي الاسرائيلي، حيث سينظر له على انه خطوة مكملة لخطاب بار ايلان الشهير و الذي نطق خلاله لأول مرة مصطلح " دولة فلسطينية" بعد ضغط و استجداء امريكي ودولي. على الرغم من ذلك، خطوة نتنياهو هذه اعتبرت تقدما كبيرا حيث لاول مرة يتحدث فيها رئيس وزراء يميني في اسرائيل عن استعداده بقبول دولة فلسطينية. في اسرائيل اعتبروا نتنياهو فرط في الثوابت التي يتمسك بها اليمين والتي اساسها ارض اسرائيل الكاملة، و التي يقابلها الطرح الفلسطيني بأرض فلسطين التاريخية.مشروع نتنياهو ، ومهما كان تافها من وجهة النظر الفلسطينية و الدولية سيعتبر في اسرائيل المسمار الاخير في فكر اليمين الاسرائيلي، و سيشرعن بالتالي اي تنازلات يقدمها اي زعيم يميني قادم.الأمر الأخر الذي أراده نتنياهو من مشروعه الذي لم يتبلور بعد، هو ان هناك قناعة لدي اوساط واسعة في المجتمع الاسرائيلي مقتنعة فعلا انه ليس بالإمكان التوصل الى حل نهائي مع الفلسطينيين حول قضايا القدس و الحدود و اللاجئين نظرا للعديد من الاسباب اهمها ان الجانب الفلسطيني غير جاهز لإبداء مرونة تكون كافية لجسر الهوة بين الطرفين، وعليه إيجاد صيغة لحل سياسي يؤجل حسم هذه القضايا هو امر مقبول، على الاقل افضل من استمرار الوضع الحالي. ثانيا: وضع اسرائيل الدوليهناك ادراك في اسرائيل ان الوضع الدولي قد تغير في غير صالحها، و ان استمرار الوضع الحالي هو في غير مصلحة اسرائيل، حيث هناك خسارة متصاعدة بالنقاط. لاول مرة تكون اسرائيل في حالة من الدفاع عن عنجهيتها و سلوكها المعادي دون ان تجد من يستمع الى مبرراتها و اتهامتها للطرف الفلسطيني. طوال العقود السابقة من الصراع نجحت اسرائيل في ان تثبت نفسها كضحية " للارهاب الفلسطيني" و رفض رغبتها في التوصل الى سلام. اليوم تعيش اسرائيل في وضع لم تعتاد عليه من قبل ، حيث الضغط و اللوم هو عليها اكثر منه على الفلسطينيين. حتى عندما استخدمت امريكا حق النقض الفيتو الاسبوع الماضي، و الذي يعتبر في ظرف عادي طبيعي جدا، في اسرائيل لم يكونوا سعداء كثيرا حيث انهم يدركون انه جاء بعد عناء شديد، و يدركون ايضا ان لهذا الاستخدام استحقاقات ستدفعها اسرائيل في المستقبل.لم تشهد اسرائيل حالة من الارباك السياسي كما تشهده اليوم. الرسائل التي يبعث بها السفراء الاسرائيليون في معظم دول العالم تحمل نفس الفحوى، وهو انهم يجدون صعوبة في الدفاع عن موقف الدولة، اهمها الرفض الاسرائيلي لتجميد الاستيطان و عربدة المستوطنين ضد الفلسطينيين. خطوة نتنياهو المرتقبة احد هدافها هو تخفيف الضغط عن هؤلاء الدبلوماسيين من ناحية ومحاولة نقل الكرة الى الملعب الفلسطيني من ناحية أخرى.ثالثا: التوجه الفلسطيني في ايلولربما نحن الفلسطينيين لا نعرف حتى الآن ما الذي يجب اتخاذه من قرارات اذا ما فشلت كل الجهود و تبخرت كل الوعود بإقامة الدولة و الاعتراف بها. ليس هناك فلسطيني واحد حسب اعتقادي ، ربما باستثناء الرئيس عباس، يعرف ما الذي يجب اتخاذه من قرارات ان لم تحدث تطورات دراماتيكية تقنع الفلسطينيين ان حلمهم في اقامة دولتهم المستقلة في حدود السابع من حزيران اصبحت قريبة. الغالبية العظمى من الفلسطينيين لديهم شعور انه لن يحدث شيء جدي على الصعيد الدولي، و بالتالي يجب ان تكون هناك خطوات فلسطينية قد تغير قواعد اللعبة التي كانت سائدة منذ التوقيع على اتفاقات اوسلو واقامة السلطة.في اسرائيل، و بالتحديد المؤسسة الامنية، بكافة اذرعها، يحاولون ان لا يعتمدوا على عامل الصدفة، و آخر ما يعتمدون علية هو حسن نوايا الطرف الفلسطيني، و بالتالي اسرائيل اضافة الى الخطوة الأستباقية التي سيقدم عليها نتنياهو من خلال تقديمه مشروع الدولة المؤقتة التي من المرتقب ان تكون خلطة بين مشروع ليبرمان الذي يدعو الى منح الفلسطينيين دولة على خمسة و اربعين بالمائة من اراضي الضفة مع تبادل سكان ، و بين مشروع موفاز الذي يدعو الى اقامة دولة فلسطينية على ستين بالمائة من اراضي الضفة و تأجيل البحث في قضايا الحل الدائم الى اجل محدد متفق عليه.اضافة لذلك اسرائيل تجهز نفسها الى كل الاحتمالات التي يمكن ان تخطر على البال. لذلك، تأخذ على محمل الجد الحديث عن احتمالية حل السلطة سواء كان بقرار او نتيجة تطورات سياسية و ميدانية معينة. التهديدات بإعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد . احتمالات انهيار الوضع الامني و اضطرار الجيش الاسرائيلي بإعادة الاحتلال الفعلي للضفة. و الأهم من كل ذلك، و هذا ما يستعد له الاسرائيليون هو ان تنفجر انتفاضة غير مسلحة متأثرة بروح انتفاضتي تونس و مصر ضد الجيش و المستوطنين.في كل الاحوال الشعور لدى نتنياهو ولدى الكثير من الاوساط السياسية و الامنية ان الشهور القادمة ستحمل معها رياح تغيير في قوانين اللعبة السياسية و قوانين التفاوض التي سادت على مدار العقدين الاخيرين وكذلك القوانين التي حكمت منظومة العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية على الصعيدين الامني و الميداني.szaida212@yahoo.com