خبر : ليبيا والأردن وملامح التغيير المكلف .. ايمن خالد

السبت 05 مارس 2011 02:17 م / بتوقيت القدس +2GMT
ليبيا والأردن وملامح التغيير المكلف .. ايمن خالد



المعادلة في تونس كانت تتميز بعامل المفاجأة، وأما مصر، فهي أكبر من الاحتمالات التي كانت تتخيلها الأجهزة الاستخبارية، غير أنها في ليبيا والأردن، تحمل ملامح معقدة، وأظن بداية ان التشابه في ملف ليبيا والأردن، هو رغبة الأجهزة الغربية بمد يدها والتدخل، في محاولة لإيقاف معادلة التغيير التي باتت تنطلق من دولة إلى أخرى.ففي ليبيا، هناك جغرافيا واسعة، تتخيل الأجهزة الغربية أن ذلك يتيح إمكانية حدوث انقسامات حادة، فهي تمنح الوقت للقذافي، وتبدو خطوة إجلاء الرعايا بهذه الكثافة، مؤشر على حالة دموية صعبة، فالأجهزة الغربية ستعمل كل ما بوسعها من اجل تأخير انتصار الثورة، وهذا بالطبع يعني أن ملامح التغيير في ليبيا ستكون مريرة ودموية.وللحديث عن ليبيا أولا، فالمعادلة بنظر الأمريكان، أن مصر لن تكون مصر مبارك، وأن حراك الشعب المصري، سوف يفرض على أي حكومة قادمة معادلة سياسية جديدة للمنطقة، وستبدأ هذه المعادلة من معاهدة السلام نفسها، التي سوف تستغلها القوى الواعية في مصر، وستفرض تعاملا منطقيا معها يناسب العرب وليس مصر، فمصر لن تحرس اسرائيل، ولن تخنق الفلسطينيين، ولن تكون علاقتها الاولى مع اسرائيل على حساب عمقها العربي، وهي ستطلب بوضوح، ان يكون لها دور في الملف الفلسطيني بشكل مختلف عن السابق.كما ستجد اسرائيل ان مصر تفكر بالسلام بالتوازي مع مصلحة سورية، وهذه لوحدها ستجعل مصر في مصاف تركيا، التي ارادت رعاية مفاوضات السلام مع سورية، ووصلت تركيا لقناعة تامة بان اسرائيل لا تريد السلام، ولكن هذه المرة، ستكون مصر مكان تركيا، ولمصر القادمة الخارجة من عمق ارادة الشعب، وبمعنى اخر، ان مصر لا تستطيع ان تكون غير عربية، واي زعيم، واي سياسي قادم الى مصر، مهما كان موقعه وتفكيره السياسي، سيكون في غرفة من زجاج، يراه الجميع، فنحن نعيش حقبة فريدة من نوعها، وهي ان الذي كان يدور وراء الابواب المغلقة ذهب مع اصحابها، وهو اهم انتصار سنراه خلال الايام القادمة، عندما تتبدل المعادلة، ففي الماضي كان الزعيم يضع ملايين الكاميرات لمراقبة الشعب، واليوم سيجد الزعيم نفسه في بيت من زجاج ينظر الجميع إليه.حتى لا يحدث هذا، ستفكر الاجهزة الغربية بأن تصنع من ليبيا (منطقة رخوة)، حتى لا تكون عمقا قويا يسند الجيش المصري، الذي يملك قدرات عسكرية وتسليحا وصناعة عسكرية، وفوق ذلك قدرة عالية على الانضباط، لم تتلفها سنوات مبارك.لذلك ان الفكرة الغربية في ليبيا قد تكون نحو تمزيق ليبيا ردحا من الزمن، حتى تتضح لديهم صورة مصر القادمة، ولا ننسى مليونا ونصف المليون انسان مصري يعملون في ليبيا، والامر مرشح لازديادهم في حالة تغيير نظام القذافي، وبالتالي نحن نتحدث عن عمق حقيقي، اقتصادي وسياسي وغيره، ولذلك لا اظن ان الغرب يفكر بانهاء القذافي خلال الاشهر القادمة، لأنه سيرى ذلك انتصارا لمصر نفسها.أما الأردن فهو عمق من نوع اخر، واي تغيير فيها، سيعني تطويق اسرائيل، ولذلك امريكا حريصة جدا على ان لا يشارك الشعب بتغيير النظام، لان الشعب سيكون شريكا في صناعة القرار، ولهذا فهناك خطوات واضحة لاستغلال القوى الموجودة واستدراجها للفخ، تحت بند ووعود وهمية، سوف تتيح للكثير من البرلمانيين بالصراخ والظهور على الفضائيات ومحاكمة وزير هنا ووزير هناك، وإقالة ضابط او غيره، ولكن كل هذا لا علاقة له بالتغيير الحقيقي، لان هذه القوى ستكون كلها تحت معادلة النظام نفسه التي تقوم على شعار (الله.. الوطن.. الملك) وهذا الشعار بالطبع أهم ما فيه، أنه لا يوجد للشعب فيه أي مكان أبدا.التغيير الذي يجب ان يتم في الأردن له عنوان واحد فقط لا غير، وهو ان تكون للشعب كلمة، فالإسلام لم يقل لنا أن هناك أشرافا وعبيدا، ولا تقوم أي قاعدة دينية على هذا الأساس، والشعب ليس صحيحا أنه هو عبد لسيده الملك، كما يقول الكثير من السياسيين، وما ورد في رسالة شبيلات يكفي للكثير من التساؤلات، وهنا أشير الى مسألة خطيرة، أن بعض الاسماء في الاردن، تروج لمقولة خرافية، أن الملك الحالي هو والد المهدي المنتظر، وأن الملك سينجب ولدا يسميه محمد، ويكون هو المهدي، ولن أعلق أكثر من هذا .التغيير الحقيقي هو أن ينتهي دور الأردن الأمني، ومن تابع الوثائق التي كشفها الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل تكفيه، ومن تابع ويتابع الأنشطة الاستخبارية للأردن في الخارج يدرك ان هذا البلد يصنع معاناة وموتاً للشعوب الأخرى، من أفغانستان والعراق الى غيرهما مما لا مجال لذكره الآن وهو مكشوف ومعروف.المطلوب من المعارضة الأردنية أن تدرك أنها وسيلة لإطالة عمر هذا النظام الذي يصدر الموت للشعوب الفقيرة من خلال المخابرات.