خبر : مبادرة فياض.. المصالحة خطوة خطوة!!.. هاني حبيب

الأحد 27 فبراير 2011 03:49 م / بتوقيت القدس +2GMT
مبادرة فياض.. المصالحة خطوة خطوة!!.. هاني حبيب



مع أن الإدارة الأميركية منشغلة بأحداث المنطقة العربية، نتيجة لهذا الحراك الشعبي الواسع المنادي بالديمقراطية والإطاحة بالاستبداد، هذه الإدارة التي تهتم كبير الاهتمام بطبيعة الخارطة السياسية المستجدة لهذه المنطقة بالغة الأهمية لمصالحها الاستراتيجية، الا ان هذا الانشغال لم يشغلها عن الاستمرار في التعامي عن العوائق الاسرائيلية أمام العملية التفاوضية على الملف الفلسطيني – الاسرائيلي، وقامت باستخدام "الفيتو" ضد مشروع القرار العربي – الفلسطيني المتعلق بإدانة الاستيطان الاسرائيلي بعدما قامت بالتأثير على شركائها في اللجنة العربية لاستصدار بيان باهت غير متوازن يتجنب إدانة واضحة للاستيطان الاسرائيلي ولا يحمل حكومة نتنياهو مسؤولية فشل العملية التفاوضية.هذا الموقف الاميركي، ليس مرده تلك اللحمة الاستراتيجية الرابطة بين واشنطن وتل ابيب، فحسب، بل وأيضاً كونها ترى في السلطة الوطنية الفلسطينية كياناً ضعيفاً منقسماً على ذاته، الامر الذي لا يجعله قادراً على الإيفاء باستحقاقات اي اتفاق ناجم عن العملية التفاوضية، وبعدما اصبح شهر أيلول القادم، موعداً متعارفاً عليه لإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة، فإن واشنطن تعلم ان هذا الامر لن يتحقق، حتى لو تم هناك إنجاز حقيقي في اطار العملية التفاوضية، ويعود هذا الاعتقاد الى ان الانقسام الفلسطيني يشكل العقبة الفلسطينية الاساسية، في وجه اي اتفاق محتمل.ورغم كل المبادرات، والاوراق والأبحاث والدعوات والصولات والجولات واللجان والفعاليات، بهدف إنقاذ الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام، رغم كل ذلك، لم تتقدم عملية المصالحة خطوة واحدة، بل على العكس من ذلك، فإن مجالات تعزيز الانقسام تزايدت وتعززت مع مرور الوقت، ووصلت الحال الى "تطبيع" واقعي مع الامر الواقع من ناحية، وأصيب المواطن الفلسطيني باليأس من إنقاذ الوحدة الوطنية من خطر الانقسام وتداعياته على الاصعدة الداخلية والخارجية.الدعوة لانتخابات محلية في تموز المقبل، كما الدعوة الى عقد الانتخابات التشريعية والرئاسية، وتشكيل حكومة جديدة، كلها عناصر من المنتظر ان تخدم مشروع اعلان الدولة، الا انها على اهميتها لا توفر الشرط الاكثر اهمية للرد على التشكيك الاسرائيلي الاميركي، باستحقاق الشعب الفلسطيني في مناطق السلطة الوطنية لإقامة دولته المستقلة، نتيجة للانقسام الداخلي الذي باءت كل المحاولات الجدية منها والشكلية في إنهائه، من هنا يمكن فهم مبادرة رئيس الحكومة فياض الاخيرة الخاصة بمشاركة حركة حماس في التشكيل الوزاري الجديد.تنطلق هذه المبادرة من رؤية غير مسبوقة لاحتواء الانقسام الفلسطيني والتعامل معه ومع عناصره المختلفة عنصراً عنصراً، من خلال استبعاد لعناصر الخلاف، والتعامل مع عناصر الاتفاق، وبحيث يتم التوصل الى توافق نهائي خطوة خطوة، بالنقاط، وليس بالضربة القاضية للانقسام. رؤية قد يرى فيها البعض تعبيراً عن حراك فلسطيني غير واقعي، بينما قد يعتبرها البعض الآخر، شكلاً من أشكال التعامل مع الوضع الداخلي المتأزم لحركة فتح، لكني أرى فيها تعبيراً عن المسؤولية الوطنية وإدراكاً لتفاعلات الحاضر، عربياً وفلسطينياً ووسيلة لتشجيع حركة حماس على الدخول الفعلي في عملية المصالحة من خلال إقصاء ملف التوتر الاساسي المتعلق بالأمن، والذي ظل الخلاف من حوله السبب المعلن لإفشال جولات ومبادرات المصالحة السابقة.بإزالة هذا العائق الى حين التوصل الى توافقات اضافية، ومن خلال المشاركة الفاعلة لحركة حماس في حكومة الوحدة الوطنية، تزال ايضاً المبررات التي يسوقها المجتمع الدولي، خاصة اميركا وعلى الأخص اسرائيل، لكي لا تحدث ضغوطاً باتجاه اختراق فعلي وحقيقي على العملية التفاوضية، وحتى لا تبقى الكرة في الملعب الفلسطيني، وتنكشف حقيقة هذه الجهود التي يمكن ان تتخذها الاطراف المعنية من أجل التوصل الى نهاية للعملية التفاوضية بقيام الدولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران على كافة الاراضي المحتلة بما فيها القدس الشرقية، عاصمة هذه الدولة.واذا كان من الصحيح ان مفهوم الوحدة الوطنية الشاملة، اوسع بكثير من مفهوم المصالحة، الا ان هذه الاخيرة، تعتبر الحجر الأساس، في الوضع الراهن، لصياغة وحدة وطنية فلسطينية، ومفتاحاً لا بد منه للوقوف على كافة عناصر هذا المفهوم، خاصة فيما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها في الداخل والخارج، وكذلك، اقامة التحالفات على الصعد العربية والاقليمية والاجنبية، والتوجه بخطاب فلسطيني موحد لكل من يهمه الامر، وهذه الخطوات لا بد منها لنزع فتيل الانقسام العائد بالدرجة الاولى لانعدام الثقة بين أطرافه، وهذا إذ يتطلب توافقات نهائية على عناصر التوافق من ناحية، ووضع ملفات الخلاف، والحديث هنا عن ملف "الأمن"، جانباً، الى حين تعاد صياغة الثقة ليس من خلال الوعود بل من خلال التجربة العملية في اطار حكومة الوحدة التي من المفترض ان تحدث انتقالة ايجابية تبعث الامل وتعدل من المزاج الشعبي بما يفتح المجال أمام تحقيق خطوات ايجابية اضافية يمكن معها، تناول الملف الأمني عن الرف، واعادة صياغته بما يكفل الوصول به الى توافقات نهائية، توحد ما بين شقي الوطن على كافة المجالات والملفات.والإبقاء على ملف الأمن، مستقلاً عن باقي الملفات من ناحية، ومستقلاً في كل من الضفة وقطاع غزة من ناحية ثانية، يتيح المجال الى اتباع سياسة أمنية جديدة، صحيح انها مستقلة في كل من الضفة وغزة، لكنها تلتقي عند انتفاء الاسباب وراء اجراءات أمنية ما تزال قائمة على الاعتقال والتحقيق والمطاردة والانتقام والثأر، إذ ليس هناك من سبب يدعو الى مثل هذه الاجراءات في ظل أجواء المصالحة العملية من ناحية، والى ان الجانبين المتخاصمين، في الضفة وغزة، فتح وحماس تحديداً، لا يجد كل منهما في الطرف الآخر، خصماً أمنياً ينبعث منه القلق والتخوف والحذر من ناحية ثانية.إنها من دون شك مبادرة تحمل قدراً كبيراً من المسؤولية والجرأة، لكنها بحاجة الى جهد جدي من أجل تفعيلها ودعمها والوقوف الى جانبها، بل والمشاركة فيها من قبل كل الاطراف والشخصيات القادرة على التأثير، لضمان نجاحها ووضعها على سكة السلامة الوطنية، ولعل في توقيت اطلاقها مع التحرك الشعبي المنتظر في منتصف آذار القادم الذي يقوده شباب فلسطين في كل انحاء المعمورة، ما يجعل من هذه المبادرة اكثر واقعية رغماً عن كل الاعتراضات والانتقادات!.www.hanihabib.net – hanihabib272@hotmail.com هاني حبيب