خبر : ناصر ثان بل تصحيح لثورة ناصر الاول .. ماجد عزام

الخميس 10 فبراير 2011 11:36 م / بتوقيت القدس +2GMT
ناصر ثان بل تصحيح لثورة ناصر الاول  .. ماجد عزام



 كتبت فى مقالى الاول مواكبة للانتفاضة الثورة فى مصر اننى مصرى الهوى وناصرى  كما كثيرين من العرب لا اعتقد ان ثمة من يرفض المفاهيم والمبادىء التى طرحها ناصر عن مجتمع الكفاية والعدل والمساواة ورفض الهيمنة والتبعية للخارج سياسيا او امنيا او اقتصاديا وحتى ثقافيا غير ان المشكلة هي ان هذه المفاهيم والمبادىء السامية تحتاج الى برامج تفصيلية وتنفيذية لها وليس ذلك فقط بل الذهاب بتلك التفاصيل والبرامج لا المبادىء والشعارات العامة الى امتحان المرجعية العليا اى الشعب للحصول على تاييده وثقته ليس لمرة واحدة وانما بشكل منتظم ومتواصل عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وعادلة على المستوى الرئاسى كما البرلمانى ايضا .احد الاراء المؤيدة والداعمة للانتفاضة الثورة فى مصر طالبت بناصر ثان من اجل قيادة هذه الانتفاضة والوصول بها الى بر الامان  اختلف جذريا مع هذا الراى كونى افهم ما يجرى بصفته تصحيحا لثورة ناصر الاول ولكن للاسف بعد مدة زمنية طويلة وبعد ثمن باهظ دفعناه جميعا مصريين وفلسطينيين وعربا كنتيجة طبيعية لما فعله او بالاحرى لما لم يفعله احد ابرز القادة العرب فى القرن العشرين وربما على امتداد التاريخ ايضا .لابد من الاشارة الى ان المهرج الكبير انور السادات وصف  انقلابه فى ايار مايو 1971 بثورة التصحيح كونه استوعب ان لابد من تصحيح ما للثورة الناصرية غير ان ما فعله لم يكن فى الحقيقة سوى انحراف عن الثورة ومبادئها وتكريس لهيمنة الفرد والزعيم على حساب الدستور والمؤسسات وحقائق التاريخ وطبائع الامور كما يحلو للاستاذ هيكل ان يقول .وطالما اننا بصدد الحديث عن السادات و بالتاكيد فى السياق العام للمقال يمكن مراجعة كتبه التى  تم سحبها من السوق بعدما وصل الى سدة الرئاسة او ملخص لها فى كتاب الاستاذ –خريف الغضب- حيث نجد انفسنا امام مهرج او ممثل مسرحى من العيار الخفيف تقدم  فعلا الى فرقة بديعة مصابنى المسرحية الذائعة الصيت فى الاربعينات  ويبدو انه رفض لقدراته المتواضعة رجل يفتقد الى الحد الادنى من قدرات القيادة والزعامة وحسب هيكل فانه رفض  ان تقدم له التقارير المكثفة اليومية والشاملة التى كانت تقدم لناصر- تريدون ان تقتلونى بهذه الاوراق كما قتلتم ناصر- قال ذات مرة  والسؤال المر هو كيف وصل مهرج وممثل من العيار الخفيف الى السلطة واذا كان لا يصلح للرئاسة فهل كان يصلح اصلا كنائب للرئيس لا يمكن باى حال من الاحوال التصرف كالنعام واخفاء الرؤوس فى الرمال ناصر مسؤول عن وصول  شخص كهذا لا يفهم حقائق التاريخ وطبائع الامور الى سدة الحكم- جهز حجة غياب ليلة ثورة يوليو حسب زعم هيكل- وبالتالى هو مسؤول بشكل غير مباشر عن وصول شخص مثل مبارك يفتقد للقدرات السياسية والقيادية نحن امام شخص باع البلد واخر دمرها وفى الحالتين فان ناصر مسؤول للاسف بشكل مباشر او غير مباشر .عندما وصل ناصر للسلطة كانت مصر تملك دستورا معقولا الى حد كبير-دستور 23- كان يحتاج الى تحديث فقط وهو ما تم فعلا فى العام 1954  عوضا عن ذلك كان فى مصر حراك سياسى واجتماعى وثقافى وكانت التيارات الاربعة الرئيسية موجودة انذاك عبر الاخوان والوفد والقوميين والشيوعيين كما كانت هناك حركة نقابية نشطة واعلام حر الى حد ما ونواة لمنظمات مجتمع مدنى ناشطة كان الامر يحتاج الى لمسات فى بعض الاحيان وتغيير جذرى فى احيان اخرى كما حصل مع الملكية والاقطاع  عندما ترجل الفارس عن صهوة جواده كان كل ذلك للاسف هباء منثورا كان بامكان ناصر ان يشكل حزبا وفق ارائه ومعتقداته ومفاهيمه السامية وكان بامكان الحزب ان يكتسح اى انتخابات ديموقراطية وحرة ونزيهة وهذا ما لم يحدث طبعا وتم تاسيس نظام الحزب الواحد والزعيم القائد لدرجة ان مهرجاً مثل السادات وساذجاً وعديم القدرات مثل مبارك جلسا على نفس المقعد الذى جلس عليه ناصر وتمتعا بنفس الصلاحيات الدستورية  الواسعة وغير المحدودة وسمعا او انتشيا بهتاف بالروح بالدم نفديك  وببساطة من  ردد هذا الشعار لناصر اضطر لتكراره او حتى سماعه لاشخاص لا يستحقونه مثل انور وحسنى.  المعطيات السابقة تجلت جميعها فى النكبة الثانية فى حزيران يونيو 67 ومن الصعب تصور حصولها فى ظل اعلام حر وحياة نيابية وسياسية شفافة ونزيهة يجلس فيها القائد للمحاسبة والمساءلة امام شعبه وممثليه قال احد مناصرى الانتفاضة الثورة  ان دستور مصر يحول اى رئيس الى فرعون  والحقيقة ان ليس الدستور وحده من يفعل هذا وانما النظام الرئاسى نفسه الذى وضعت اسسه فى عهد ناصر .العالم احمد زويل قال محقا منذ اسابيع لو أن ناصر ارسى نظاما ديموقراطيا فى مصر   لانتشر الامر فى طول العالم العربى وعرضه وهو امر صحيح حيث يذهب العرب عادة حيثما تذهب مصر حدث هذا مع ناصر ومع السادات وحتى مع مبارك حيث انهار العالم العربى عندما انهارت مصر فى عهده ببساطة لو تبنى ناصر مقاربة ديموقراطية مختلفة لما وصل اشخاص  مثل هوارى وصدام وعلى اليمن ونميرى الى مناصبهم ولما تم استنساخ نظم عربية على طريقة النظام الاحادى الفرعونى المصرى ولما جلس النظراء العرب لانور وحسنى محل  نظراء ناصر ولاهتزت الانظمة الملكية بدلا من ان يحدث العكس بعدما تحولت الانظمة الجمهورية الثورية او كادت الى انظمة ملكية وراثية .لا احكم على ناصر بمقياس الزمن الحالى واذا  تجاهلنا ما فعله الجنرال ديغول وهو صعد سياسيا زمن ناصر فيمكن التمعن جيدا فى مسيرة حليفيه الاخرين نهرو وتيتو واللذين قادا  معا العالم الثالث و حركة عدم الانحياز ولننظر اين هى الهند الان واين مصر ويوغسلافيا لندرك اهمية الديموقراطية  والحرية والشفافية والمؤسسات الدستورية الراسخة فى مواجهة التحديات وصنع الانتصارات والانجازات .الانتفاضة الثورة فى مصر لا تبحث عن ناصر اخر انها ثورة بحاجة الى قادة وليس قائد بحاجة الى زعماء وليس زعيماً انها ثورة تريد اسقاط النظام الاحادى البريوقراطى والاستبدادى والبوليسى الذى وضعت اسسه  زمن ناصر الاول  انها ثورة تريد ارجاع السلطة والحكم للشعب بصفته مصدر السلطات والمرجعية العليا واى حزب ينجح فى تجسيد مبادىء ناصر وتحديثها فى برامج سياسية واقتصادية واجتماعية جدية وصائبة سينال حتما ثقة الشعب  ودعمه ليس عبر امتحان واحد فقط وانما عبر امتحانات منتظمة ومتواصلة تضمن ان تظل الجذوة مشتعلة وان لا يقع اى انحراف عن المصالح العليا للوطن وفق اهواء زعيم ما او حزب ما اياً كان هذا الزعيم أوهذا الحزب.                                                    مدير مركز شرق المتوسط للاعلام.