خبر : ماذا بعد تخوين القيادة الفلسطينية ؟..عماد عبد الحميد الفالوجي

الإثنين 31 يناير 2011 01:52 م / بتوقيت القدس +2GMT
ماذا بعد تخوين القيادة الفلسطينية ؟..عماد عبد الحميد الفالوجي



انتهت زوبعة قناة الجزيرة وبرنامج " كشف المستور " ولا أنكر إبداعها فى الأداء على كافة المستويات سواء فى طريقة العرض التشويقي أو فى طبيعة الضيوف والمعلقين وفى قدرتها على جذب المشاهد العربي واللعب على وتر العواطف الوطنية والأحاسيس العربية , وكان واضحا وبدون لبس الهدف من نشر كل تلك الوثائق وكشف المستور منها وهو بالتأكيد ليس نشر حقائق أو معلومات بهدف مناقشتها بهدوء والخروج بحالة ثقافية أو موقف سياسي راسخ يخدم مجريات القضية الفلسطينية وتقديم النصيحة للمفاوض الفلسطيني وتصحيح مسار المفاوضات وإصلاح الاعوجاج الذي قد يصيب أداء بعض المفاوضين , ولكن الهدف كان مغايرا تماما ومعلنا بشكل أكثر من صريح وهو التشكيك بمصداقية ووطنية القيادة الفلسطينية وإظهارها أمام شعبها والأمة العربية بمظهر الضعيف المشكوك فيه والغير مؤهل لتمثيل الشعب الفلسطيني ووصل الحد الى التشكيك بقدراته وبشرعية وجوده , وتم فتح المجال واسعا للنيل من مكانة القيادة الفلسطينية , والآن بعد أن انتهت الزوبعة وانشغال القناة – كعادتها – فى الاهتمام بحدث آخر جديد يمس الوضع الداخلي فى مصر , يبقى السؤال ماذا بعد هذا التخوين وإثارة الشعب على قيادته ؟ وماذا لو سقطت القيادة الفلسطينية كيف سيكون شكل السلطة والشعب الفلسطيني ؟ وما تأثير ذلك على الأوضاع الداخلية الفلسطينية فى الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس والشتات الفلسطيني ؟ إن أول نتائج هذا العرض التلفزيوني الكبير الذي قامت به قناة الجزيرة هو ضرب وحدة الشعب الفلسطيني الذي يعاني أساسا من الانقسام والتشرذم , وضرب كل جهود المصالحة الوطنية وتأجيل الحديث عن تحقيق المصالحة الى أجل غير مسمى بسبب نجاح البرنامج بشكل كبير فى زيادة الهوة بين الإخوة الأعداء , وعودة التراشق الإعلامي بين شقي السلطة وتبادل الاتهامات والتشهير والتشكيك بشكل يسيء لصورة شعبنا ونضاله , وهذا أهم انجازات هذا البرنامج . نجح هذا البرنامج فى منح الكيان الإسرائيلي مزيدا من القوة واستغلال الوضع العام الفلسطيني , وهي حالة عكسية فإن أي ضعف يصيب الجسم الفلسطيني يعني بكل تأكيد قوة للجانب الإسرائيلي , وبدلا أن ينشغل الإعلام العربي والدولي فى كشف المستور للسياسة الإسرائيلية على الأرض وما تقوم به ضد مقدساتنا وأهلنا فى القدس واستمرار مصادرة أراضينا فى الضفة الغربية والاهتمام بالمعركة الدبلوماسية المضادة للسياسة الإسرائيلية نجحت قناة الجزيرة فى حرف الأنظار عن كل ذلك والتركيز على قضايا تفصيلية للقيادة الفلسطينية وعلى قضايا لا تخفى على كل مراقب لطبيعة المفاوضات , وكان بالإمكان معالجة تلك التفاصيل – لو صدقت – بدون كل تلك الضجة , وكان يمكن من خلال برنامج حواري هادئ والخروج منه بتوصيات تساعد المفاوض الفلسطيني وتعمل على تقويته أو توصية الرئيس الفلسطيني بإصلاح الأداء التفاوضي بشكل عام , ولكن لم يكن الهدف الإصلاح بقدر لعب دور الفاضح وحبك لعبة التشهير لخدمة أطراف معينة . وكل من يدقق فى توقيت البرنامج سيجده أيضا ليس بريئا , فالتوقيت جاء خلال معركة مرتقبة فى مجلس الأمن ضد الممارسات الاستيطانية وهدفها إضعاف الموقف الفلسطيني فى هذه المعركة , وجاء التوقيت بعد أحداث تونس الشعبية , وهنا اعتقد مفكري البرنامج ان الشعب الفلسطيني وخاصة فى الضفة الغربية معبأ ثوريا وسيحمل لواء التغيير وأن الفرصة سانحة لثورة هناك للإطاحة بالقيادة الفلسطينية , ولكن لم يخطر على بال هؤلاء المخططين أن هناك هموما للشعب الفلسطيني أكبر بكثير مما يظن هؤلاء , لأن الهم الأكبر لدى الشعب الفلسطيني هو الاحتلال وممارساته وليس القيادة الفلسطينية وبعض أخطائها , ونسي مفكرو البرنامج والقناة أن الدولة الفلسطينية لم تقم بعد حتى يفكر الشعب الفلسطيني فى الثورة على الرئيس أو النظام . ولكن بالرغم من كل ما سبق , ماذا لو نجحت قناة الجزيرة فى أهدافها وانتفض الشعب فى الضفة الغربية ضد القيادة الفلسطينية ؟ وماذا لو سقطت القيادة وأعلنت استقالتها على أثر الغضب الجماهيري ضدها ؟ ما هي الصورة المثلى لمن يقف وراء هذا المخطط لشعبنا وقضيتنا ؟ أليست الفوضى العامة هي البديل ؟ و أليس هذا لصالح الكيان الإسرائيلي بامتياز؟ وهل الوضع الفلسطيني الداخلي يحتمل فى هذا الوقت الحملة المسعورة ضد القيادة الفلسطينية ؟ وهل دعم استمرار الانقسام الداخلي وتغذيته بكل ما يحتاج من مواقف ووثائق لصالح القضية الفلسطينية ؟ وهل قادة الأحزاب الفلسطينية جميعا على مختلف ألوانهم ومشاربهم الفكرية والسياسية لا يعلمون كل ما بثته قناة الجزيرة من وثائق ؟ وأين الجديد فيها ؟ الجديد فعلا هو القدرة على اللعب على وتر العواطف لدى شريحة واسعة لا تعلم حقيقة المواقف فى أروقة المفاوضات ولدى شريحة واسعة من مثقفي عالمنا العربي الذين أيضا ليس لديهم إطلاع كاف لمعرفة تلك الدوائر التفاوضية , هؤلاء لا شك أصابهم بعض المفاجأة مما سمعوا وبعضهم انساق وراء الخبر ولكن البعض الآخر راح يسأل عن الحقيقة , وإذا أردنا أن نضع ضوءا خافتا خلف كل ما بثته قناة الجزيرة فهو كشف المستور فعلا فى رؤية حقيقة لعب بعض الأطراف الخارجية – سواء عربية أو غير عربية - فى الوضع الداخلي الفلسطيني وكان من المفترض أن يقف المعارضون قبل المؤيدون للقيادة الفلسطينية وأن يرفعوا أصواتهم عاليا لكل هؤلاء " لا تصطادوا فى الماء العكر ليس أمامنا سوى عدو واحد هو الاحتلال وممارساته على الأرض فى هذه المرحلة " .