خبر : المفاوضات الموازية ..د.ناجى شراب

الأربعاء 12 يناير 2011 02:29 م / بتوقيت القدس +2GMT
 المفاوضات الموازية  ..د.ناجى شراب



                                هل نصدق نتانياهو عندما صرح أن أدارة الرئيس أوباما قد رفضت تجميد ألأستيطان لمدة ثلاث أشهر؟ وإذا ما سلمنا جدلا بصحة ما قاله ، فمعنى ذلك أن الولايات المتحده باتت تفضل المفاوضات الموازية عن بعد على تجميد ألأستيطان لفترة زمنية مؤقته ، وقد يعزى ذلك ألى أكثر من سبب ، أولا أدراكها عدم القدرة على تحقيق أى تقدم خلال هذه الفترة المقترحة ، وبالتالى ستظهر الولايات المتحده بعجز كبير ، وفشل فى عدم قدرتها على أحدث أختراق فى المفاوضات . وثانيا ادراكها أن أسرائيل ستعود وتستأنف الأستيطان أقوى من ذى قبل .  وثالثا أن ألجانب الفلسطينى سيعودالى نفس الموقف المتشدد فى الأصرار على تجميد الأستيطان ، وبدلا من ذلك لجات الولايات المتحده الى هذا الشكل من المفاوضات الموازية وهو الذى يتم بعيدا عن الطرفين الرئيسيين ، وبدلا من الزيارات المكوكية لميتشل، فهى تفضل حضور الفلسطينيين وألأسرائيليين ألى الولايات المتحده ، وهذا أمر ليس بالصعب ، وتتفاوض مع كل طرف وقتما تشاء ـ وتستدعيه حسب الحاجة ألى ذلك . وهكذا تحقق المفاوضات الهدف منها ، وتنتفى اى قيود على الولايات المتحده وتحركها ، وتبعد عن نفسها اى حرج أو الظهور بالدور العاجز عن تحقيق تقدم ، ووفقا لهذا الشكل من المفاوضات ، تستطيع الولايات المتحده أن تنتزع بعض التنازلات من هذا الطرف او ذاك ، وقد تبنى على ذلك تصورات أو رؤية معينه قد تكون مقبوله ، وبهذا النهج تكون الولايات المتحده قد حلت عقدة ألأستيطان ، وبدلا أن تضع نفسها تحت أبتزاز سياسيى لنتانياهو ودفع ثمن سياسيى كبير للتجميد المؤقت للأستيطان غير المجدى ، تقوى الولايات المتحده من موقفها التفاوضى فى مواجهة الحكومة ألأسرائيلية ، وفى الوقت ذاته تحدد مسبقا حدودا معينه لأى أستيطان أسرائيلى ، من خلال وضع تصور مسبق للحدود ، والترتيبات ألأمنية ، وبهذا هى تنزع ورقة ألأستيطان من يد أسرائيل ، وتتركها وهى تدرك أن أى مستوطنات دخل أى ترتيبات حدود متفق عليها سيتم أخلائها . وفى الوقت ذاته حافظت الولايات المتحده على موقف المفاوض الفلسطينى ، وحفظت له ماء وجه بالعدول عن طلبه بتجميد ألأستيطان ، وبدا وكأنه لم يتنازل عن هذا الموق ف، الذى يمكن أيضا ان توظفه بالتفاوض والمساومة مع أسرائيل ، وبالنسبة لأسرائيل بدت الحكومة ألأسرائيلية عند موقفها ، ولكن هذا الموق فكشف عكسه نتانياهو بقوله برفض ألولايات المتحده التجميد المؤقت . وبهذا تكون الولايات المتحده قد حققت الهدف الرئيس لها وهو أستمرار المفاوضات بموافقة وتأييد الطرفين المتفاوضين الفلسطينى وألأسرائيلى ، وبالتالى لم تخسر شيئا ، فإذا ما حققت أى تقدم ملموس عندها يمكن التحول من هذه المفاوضات الموازية الى مفاوضات مباشرة حتى شكلا أكثر وضوحا ، وعندها تقترب الولايات المتحده من التصور لمسألة الحدود والترتيبات ألمنية . وما قد يدعم هذا التوجه وهذه ورقة قويه فى يد الولايات المتحده ، وهى ورقة اعتراف الدول بالدولة الفلسطينية ، وأنها قد تقنع اسرائيل انها قد لا تستطيع وقف مسيرة هذا الأعتراف ، وانها قد تجد نفسها إذا ما عرضت القضية على مجلس ألأمن ألأمتناع عن التصويت ، وبالتالى تصبح الدولة الفلسطينية حقيقة قانونية دولية ، وان اسرائيل سلطة أحتلال ، وعليها انهاء أحتلالها لدولة عضو فى الأمم المتحده ،وإلا ستتعرض لأحتمال فرض عقوبات عليها من قبل مجلس ألأمن ن لذلك الخيار ألأفض لأسرائيل هو الأتفاق على الترتيبات ألأمنية والحدود حتى تقوم الدولة الفلسطينية كثمرة أتفاق ، وبما لا يتعارض مع مصالح أسرائيل ألأمنية . وبالنسبة للمفاوض الفلسطينى تحاول الولايات المتحده أقناعه أن اقصى ما يمكن الحصول عليه هو دولة فلسطينية لها عضوية كاملة فى ألأمم المتحده ، وبالتالى يتحقق الوعد الذى وعد به ألرئيس أوباما بأن تصبح فلسطين العضو الجديد فى ألمم المتحده ن ولكن عبر التفاوض .  وكل هذا التقدم وأحتمالاته مرتبط بهذا العام الذى وصفه الرئيس عباس بعام ألأستحقاقات الفلسطينية ، بالسنة ألأخيرة التى يعطى فيها الرئيس ألأمريكى وقتا لهذه المفاوضات ، قبل أن يدخل عام الحسم ألأنتخابى الذى يكون فيه الرئيس مشغولا بقضية ألأنتخابات الرئاسية ، وتطلعه للفوز لفترة رئاسية ثانية شانه شأن أى رئيس أمريكى سبقه  ، ألآ إذا كان الرئيس أوباما لا يريد ان يرشح نفسه ثانية وهذا مجرد حلم . ويتوقف ألأمر كذلك على أستمرار الحكومة ألأسرائيلية الحالية ، وعدم الذهاب الى أنتخابات مبكرة ، أو أفتعال أزمة كحرب أقليمة فى المنطقة ، وأسرائيل تجيد فن أفتعال ألأزمات . ويبقى على المفاوض الفلسطينى أن ينتظر هذه ألأحتمالات كما أنتظر طويلا. أستاذ العلوم السياسية /غزهdrnagish@gmail.com