لم يبق إلا تحديد مكان الوضوء..!!إذا كانت الظروف في الماضي قد فرضت علينا القبول بهذا الإذلال اللعين فمن غير المعقول أن يستمر القبول به الآن، كما لايمكن القبول بسعي اسرائيل على تغييب جيل الشباب عن القدس ومسحها من ذاكرتهم، نقول هذا بمناسبة الحديث عن قرب البدء بمفاوضات مباشرة أو غير مباشرة وعن اجراءات حسن نوايا، لا سيما وأن تصاريح صلاة الجمعة وتصاريح الأعياد المسيحية هذه أصبحت وسيلة عقاب لمن يحرم منها أو لمن يحصل عليها، عقاب وتجاه من..؟؟ تجاه الشريحة والفئة العمرية الأكثر تقديرا واحتراما في جميع أنحاء العالم وهي فئة المسنين من مسلمين ومسيحيين، ما عدا في فلسطين المحتلة وعلى يد دعاة الديموقراطية قادة اسرائيل، أما فئة الشباب من الجنسين فهي محرومة من هذه التصاريح الا من رحم ربي، لذلك فان تسميتها تصاريح مجافية للحقيقة لأنها عنصر قهر وعذاب، بدءا من الحصول عليها وانتهاء بامكانية وكيفية استخدامها، حيث لا يعرف أحد كيف ومتى تعطى هذه التصاريح، فإن طلبتها لهذه الجمعة او لهذا الأحد اوذلك العيد تعطى لك بعكس ما تطلب، وربما يصدر التصريح لك بموعد لم تطلبه ولاتعرف أنهم أصدروه لك ، وإذا طلبت تصريحا لك ولزوجتك من أجل الصلاة أيضا فيصدر التصريح لأحدكما، وإذا صدر لكما معا فإحمد ربك ان لم يفرضوا الإغلاق في ذلك اليوم بسبب الأعياد اليهودية وما أكثرها، او لأي سبب من الأسباب كوجود جسم مشبوه وضعوه قرب المعبر، وعندها تنتهي صلاحية التصريح وتحرم من استغلاله، بمعنى آخر كل ثلاث تصاريح بزبط واحد، وإذا قدر لك وحصلت على التصريح ولم يكن هناك إغلاق، فاستعد لرحلة العذاب التي تبدأ من وصولك للمعبر (الحدودي) حيث يعمدون الى إغلاق البوابات (الزرايب) الحديدية ومنع المرور لفترة من الزمن حتى يتجمهر الناس ويتكدسون فوق بعضهم وإجبارهم على التدافع ليظهروا الجانب السلبي عندهم وهي ما قال فيها موشيه دايان " يهزمنا العرب عندما يصطفون في الطابور" من جانب آخر يعلمون جيدا ان الكثيرين من المسنين لا يستطيعون تحمل الوقوف طويلا في الطوابير فيغادرون عائدون لبيوتهم دون صلاة او احتفال بالعيد ، ومنهم من يفقد وعيه وينقل للمستشفى للعلاج بدلا من المسجد أو الكنيسة، لكن جنود وضباط الاحتلال يتلذذون بهذه العذابات ويحققون مبتغاهم بمنع الناس من ممارسة طقوسهم الدينية والاجتماعية. لغز توقيت التصريح..؟؟ هذا التوقيت المدروس بعناية وتشتم منه رائحة الحقد والكراهية والتعصب الديني، فما معنى ان يكون توقيت التصريح ليوم الجمعة على سبيل المثال والذي يسمونه تصريح صلاة ولا أدري كيف غابت عنهم ولم يسموه تصريح لصلاة واحدة فقط، ومن خلاله مسموح لك دخول القدس من الساعة الخامسة صباحا حتى الرابعة بعد الظهر(0500 ص- 1600 م)، هذا على الورق أما على الأرض فهم أصحاب الخيار والقرار والرفض أو القبول، ألا يعني هذا التوقيت أنه غير مسموح لك ان تصلي الفجر في المسجد الأقصى لأن صلاة الفجر عند الساعة 0414 ص، وسريان التصريح عند الخامسة، وعليك المغادرة قبل صلاة العصر التي تحين عند الساعة 1616م ، وإن غامرت وتأخرت لها فتوقع القبض عليك واقتيادك لأقرب سجن من قبل رجال الدوريات التي تنتشر خصيصا لهذا الغرض وتحفظ هذه المقاصد عن ظهر قلب، وإن لم يكن عليك تعهد سابق بدفع غرامة 5000 شيكل كحالي وحال معظم الناس سيجبروك على توقيع تعهد بهذه القيمة ويضعوك على قائمة أصحاب سوابق الصلاة وتصبح معرض لدفع الغرامة المالية في أي وقت وإن لم تدفعها تسجن بسببها. وبعد تأخيرفي حده الأدنى ساعة تفتح الزرايب الحديدية ويهرع الجميع للداخل وهم يخلعون أو يتخلصون من كل ما من شأنه أن يتسبب بقرع جرس إنذار جهاز التفتيش، حتى أن أحدهم قال: منذ سنوات طويلة وأنا محروم من لبس ساعة اليد وأرتدي البنطال بدون حزام، وما أن تطأ قدمك منطقة التفتيش الحدودية حتى تشاهد بعينيك الأجهزة الضخمة والى جانبها الإعلانات التحذيرية وعبارات التخويف مثل: "ضع جميع أغراضك على الشريط المتنقل، أعبر من البوابة وانتظر" و"ممنوع ادخال الأيدي الى جهاز الفحص بالأشعة" و" الأولاد في المعبر على مسؤولية الأهالي أو مرافق بالغ" ثم تسمع صراخ المجندات على الناس خاصة المسنين الذين يعانون من ضعف السمع أو غير المعتادين على تسلسل الاجراءات العقابية المهينة وكلمة "إرجع" هي السائدة، ويطلبن من هؤلاء المسنين الالتزام بالتعليمات الدائمة التغيير غير المفهومة لأنها باللغة العبرية، وهنا تجدها المجندة فرصة لمزيد من الإعاقة والتأخير والمعذبون يقولون" العصفور بتفلى والصياد بتقلى" ومنهم من يقول: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، وآخرين يدعون الله بتخليصهم من الإحتلال وعذاباته، وبعد طول انتظار يأتي الفرج وتقطع الحدود. القدس حزينة وابناؤها مقهورون..!! بلهفة المشتاق تتوجه لمدينة الحب والسلام التي خصها الله بأنها مدينة الرسالات والأنبياء ومهد الديانات السماوية والحضارة الانسانية والتاريخية وفيها يجد الإنسان كل الراحة النفسية، ثم تتوجه لمصافحة بعض الأصدقاء فتجدهم غارقون في التفكير مهمومين لأن محلاتهم التجارية التي يظنها البعض بوابة تدر الأموال واذ بها مصدر همومهم لارتفاع حجم الضرائب المفروضة عليهم، فأحدهم قال لنا:"ليأخذوا مني هذا المتجر ويخلصوني، وحينما سألناه عن السبب قال: يطالبونني بضريبة تقدرأضعاف دخلي فمن أين آتي بها ويحسب على الآلة امكانيتة المادية ويكرر ذلك مرارا لعله يجد نفسه قادرا على الدفع ويتأفأف ويقول بمرارة: "لن نحقق رغباتهم بهجرة هذه الديارمهما صار"، ومنهم من هو قلق على وجوده في القدس رغم أنه محروم من مشاهدة أبناؤه في الخارج لسنوات طويلة بسبب عدم قدرته على العودة في حال سفره، لأنهم يعتبروه مقيما وليس مواطنا على الرغم من حصوله على الهوية المقدسية لحيازته الجنسية الأمريكية ومغادرته في السابق لمدة أطول من المسموح بها، وثالث يقول حينما نستجمع إمكانياتنا ومدخراتنا لتعزيز بقاؤنا وعدم ترك أي فراغ دون بناء يمكن لهم استغلاله، ونهم بالبناء يفرضون علينا ما يسمونها ضريبة تحسين ...تحسين ماذا.؟؟ لاشيء..!! وهي خارج نطاق الضرائب المتعارف عليها وهي فوق طاقتنا حيث تصل من 800000 - مليون شيكل لعمارة سكنية مؤلفة من 10 شقق صغيرة الحجم بواقع 100 ألف للشقة الواحدة، وإذا دفعت المبلغ فعليك الإنتظار، والله وحده أعلم متى تصدر لك رخص البناء، وعليك أن لا تتذكر ما سمعته عن موافقتهم على إصدار 18 رخصة فقط من مئات الرخص المطلوبة للبناء في شرقي القدس العام الماضي، لكنه يستطرد ويقول لابأس يريدون إبعادنا عن قدسنا، يريدون تدمير اقتصادنا والعمل على افلاسنا ويستحضر في حديثه أزمة اليونان الاقتصادية ويستدرك ويقول إنها ضريبة الالتصاق بالأرض وحمايتها، وواجبنا أن نضحي ونصبر ونصمد. أهل فلسطين عموما وأهل القدس خصوصا يعون جيدا مخاطر تفريغها من أهلها وسكانها ومصليها مسلمين ومسيحيين، وأبناء القدس يعون جيدا مخططات اسرائيل لتهجيرهم من داخلها للعيش في محيطها وبالقرب منها والاحتفاظ بهم كدروع يحتمون فيها من الحروب المستقبلية، وهم بأمس الحاجة لمن يقف معهم بشكل جدي ماديا ومعنويا ويعينهم على الخلاص من هذه الإجراءات القهرية وهي خطوة ضرورية لتثبيتهم غلى أرضهم وهي المقدمة لمعرفة النوايا الاسرائيلية الحقيقية تجاه القدس والمفاوضات حولها، وهي الأساس للحفاظ عليها ودحر الإحتلال عنها. سيقول نتنياهو ومن هو على شاكلته عن أهل القدس كما قال ابولهب"كلما زدناهم عذابا ازدادوا قوة"، ويقول أهل القدس لنتنياهو الذي شيد أضخم محطة قطارات في شعفاط – القدس الشرقية: أيها السجان، لن تنال منا ومن عزيمتنا مهما شيدت وبنيت ومهما سرقت وزورت، فالقدس روحنا وهي حياتنا ولن نتراجع عن عهدنا ووعدنا : قسما يا قدس لن نركع ما دام فينا طفل يرضع. خبير ومحلل عسكريwaseferiqat@hotmail.com