خبر : مفاوضات الجدار المثقوب...!د..هاني العقاد

الأحد 09 مايو 2010 12:54 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مفاوضات الجدار المثقوب...!د..هاني العقاد



 منذ أكثر من عام و نصف و الإدارة الأمريكية تحاول إحداث و أيجاد فرصة مناسبة لإطلاق المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعدما توقفت نتيجة للحرب المجرمة على الشعب الفلسطينيين بغزة , نجحت الإدارة الأمريكية اليوم بإحداث ثقب في الجدار المنيع بين الفلسطينيين والإسرائيليين للتفاوض من خلاله . في الوقت الذي ستنطلق فيه المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ,في الوقت الذي يتفق فيه أكثر من طرف أنها مفاوضات فرصة أخيرة على الأقل لمعسكر اليمين المتطرف قبل إغلاق باب الحل السلمي و إبقاء المفتاح بداخله إلي حين إن تسمحالظروف السياسية في كل إسرائيل وأمريكا على حد سواء بتوافر نية أكيدة لحل الصراع نهائيا وليس كالواقع الحالي . المفاوضات الغير مباشرة تذكرنا إلى حد قريب بحديث الجدار المثقوب بين طرفين لا يرغبان بإغلاق الثقب ولا يرغبان في توسيعه ولا يرغبان في أن يصبح بينها فضاء اكبر للالتقاء وجها لوجه والمصافحة بعد انجاز حقيقي على صعيد كافة ملفات الحل النهائي . بعد الغطاء القانوني والعربي الممنوح للفلسطينيين , ستنطلق المفاوضات بين الطرفين بتنسيق السيناتور جورج ميتشل وكان دورة بان يقف على حافة الجدار المثقوب و ينقل حديث كل طرف للأخر, إلا إن هذاالنوع من المفاوضات قد يحدث تقدم ما وخاصة بمحاولة المنسق الأمريكي تطوير الحوار بين الطرفين و إغلاق بعض الملفات التي لا يحبذ فتحها خلال المرحلة الحالية دون إن تكون مدرجة على برنامج المفاوضات ,و في نفس الوقت الحفاظ على جدول المفاوضات و التدخل بذاتية الراعي الحقيقي للسلام , وإذا لم يكن دور الراعي الأمريكي اكبر من ذلك فان المفاوضات بالتأكيد لن تستمر طويلا و لن تأتي بثمار لان الطرف المعطل للسلام لا يأبه بتحقيق سلام في الوقت الراهن . لن يقف الفلسطينيين طويلا عند الجدار هذه المرة ينتظروا الإسرائيليين مع أن المتضرر من الاحتلال هم أنفسهم و يعنيهم أي وقف لحركات التهويد و الاستيطان سواء بالقدس أو أي شبر من الأراضي الفلسطينية و لم يكن موافقة اللجنتين المركزية و التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ولا موافقة وزراء لجنة المتابعة العربية للسماح ببدء المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها عبر ثقب الجدار , إلا من منطلق وقف للاستيطان في الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية , إن لم يخلق الأمريكان أجواء دافعة للاستمرار للمفاوضات وإحداث اختراق حقيقي على عدة قضايافان هذه المحاولة مصيرها الفشل وفشلها يعني إخفاق الراعي الأمريكي وعدم قدرته على لعب دور المؤثر والميسر بين الطرفين .  لهذا فإننا نتوقع ازدياد حركات مواجهة هذه المفاوضات والهجوم على شخص الرئيس أبو مازن وترك الباب مفتوحا للمستوطنين وغيرهم للإغلاق ثقب الجدار وأنزار المتفاوضين بالرحيل بل وإجبارهم على الرحيل دون إحراز أي تقدم نحو سلام عادل بين الطرفين . إن نجاح المفاوضات الحالية التي تجري بتنسيق أمريكي تصبح مسؤولية الأمريكان أنفسهم , لذا فان أمر نجاح المفاوضات أصبح يعني الأمريكان و الفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين لان نجاح المفاوضات والوصول إلى سلام يعني نجاح الدور الرئيس في المنطقة للبيت الأبيض ونجاح الدور الأمريكي في صنع السلام سيعزز الثقة بالأمريكان لدي العرب و بالتالي تبقي أمريكا مستفيدة من بقاء مصالحها مصانة عربيا , هذا إلى جانب تخفيف حدة المواجه بين الأمريكان و الأصوليين في كل من العراق و أفغانستان . بالفعل يرغب الأمريكان بحدوث سلام برضا الطرفين دون بذل دور اكبر من قبل الإدارة الأمريكية لان الأمريكان فقدوا دور الضاغط على إسرائيل و كان الإدارة الأمريكية أصبحت في حالة عدم توافق مع حكومة إسرائيل الحالية و لولا لهجة التهديد الأخيرة بين اوباما و نتنياهو لما اقتنع الأخير بالتفاوض مكرها , و هنا نؤكد أن حكومة نتنياهو لا ترغب في حدوث سلام ولا ترغب بسياسة التعقل نحو السلام و قد ظهر هذا خلال شجب هذه الحكومة لنداء التعقل نحو السلام الذي أطلقه يهود ينتمون إلى اليسار الأوروبي , انتقدوا فيه بشدة سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية لعدم سعيها لتحقيق اختراق فعلى في جدار السلام مع الفلسطينيين , و يبدوا هذا واضحا من خلال اتهام رئيس شعبة الأبحاث في الاستخبارات الصهيونية أمام لجنة الخارجية و الأمن الصهيونية حول تقدير الاستخبارات الإسرائيلية للمفاوضات بين الطرفين , بان الرئيس محمود عباس سوف يفشل المفاوضات التي ستنطلق لأنه سيأتي بنفس المواقف السابقة و المتشددة و يبدوا هذا واضحا من خلال الحملة التحريضية الواسعة التي يشنها التلفزيون الصهيوني ضد الرئيس أبو مازن .  إذا كانت المفاوضات الغير مباشرة و مفاوضات الجدار المثقوب و مفاوضات الإكراه تواجه كل هذا التحدي الإسرائيلي الرسمي فأنه بالتأكيد سيتم إفشالها عبر إطلاق يد المستوطنين هنا و هناك ليعيثوا فسادا و تقتيلا وتذبيحا للفلسطينيين في المدن والقرى الفلسطينية بتنسيق و تسهيل و حماية الجيش الصهيوني ,أ ما إذا كانت الإدارة الأمريكية معنية بنجاح المفاوضات عمليا فعليها الذهاب إلى ابعد من دور المنسق و الميسر للتفاوض عن طريق توفير حماية دولية للفلسطينيين علي الأرض عبر نشر مراقبين دوليين على كافة مناطق الاحتكاك مع التجمعات الفلسطينية إلى حينالوصول إلى التوافق علي حدود الدولة الفلسطينية الدائمة , و بهذا تكون الإدارة الأمريكية قد فتحت بابا في الجدار الطويل بين الطرفين و وفرت الظروف المناسبة لهم للنجاح في صنع السلام ,و بعثت برسالة للتطرف الإسرائيلي أن أمر السلام ليس بأيديهم وحدهم و إنما الأمريكان أنفسهم شركاء فعليين في المسيرة السلمية بالشرق الأوسط .  Akkad_price@yahoo.com