خبر : خياراتنا ليست بين قرقشة الفول أو أكل اللحمة:فراس ياغي

السبت 08 مايو 2010 09:43 م / بتوقيت القدس +2GMT
خياراتنا ليست بين قرقشة الفول أو أكل اللحمة:فراس ياغي



التبعية والتزلف للسلطان جزء من ثقافة متوارثة وعبر قرون من الزمان، والحكيات والامثلة الشعبية مليئة بالكثير منها، فمن "اللي ما بيجي معك تعال معه"، إلى "إطعم التم بتستحي العين"..الخ، التزلف إرتبط قديما بالتقرب للوزير او صاحب الشرطة او مؤسسة القصر، ومع تعقد الامور الحياتية وتعدد الاحتياجات، أصبحت هذه القيمة جزء من حياة المجتمعات العشائرية التي تشكلت فيما بعد كدول، يُسيطر فيها مفهوم التقسيمه العشائرية والمناطقية والجغرافية الطائفية والمذهبية أكثر من كونها مؤسسات قائمة وفق قانون ونظام محدد أصبح متعارف عليه، فكل ما بنته المؤسسة سيطير في لحظة تعارضه مع نظرة القبيلة والعشيرة أو، حتى في لغة الملوك والرؤساء تجد لفظ "العشيرة" وارد باستمرار حتى لو كان القصد منه الشعب ككل، ولكن المصطلح نفسه يوحي بأن الزعيم يريد ان يقول لشعبه أنا "شيخ العشيرة"..أنا حاميها وصاحب القرار فيها..كل مؤسساتكم هي صناعتي ويجب أن تعمل لخدمتي، وفي حالة التفكير بغير ذلك فسوف أهمشها، فالمال والامن والاعلام بيدي، وبغيرها لا وجود لكم...الحرية والديمقراطية في كل شيء ولكن لها حدودها، فأنا ديمقراطي امام الجميع وكنت مسئولا عن أعظم ديمقراطية حدثت في الشرق، لكن لا تعني الديمقراطية مخالفة آرائي ومواقفي، وهي موجهة لكم وليست لي، فأنا تربيت وترعرت وتغذيت وشربت من حليب الديمقراطية والحرية...المؤسسة قائمة لكي تبرر كل قرار يَصدر عني...وحين لا تقوم بذلك فيجب وقف دورها او تأجيله لحين ترويضها بطريقة أو بأخرى..تكوينة المجلس التشريعي الفلسطيني الناتجه عن الانتخابات السابقة مثال واضح، ومؤسسات المنظمة أمثلة أخرى. أليست " الحرية سوى حقك في ان تكون مختلفا" كما يقال..إختلاف وفق نظام وقانون ومستند لدستور، والاختلاف لا يُفسد للقضية ودا..ما حدث أن مفهوم الديمقراطية تم التعامل به وفق مفهوم قصور عقلي نابع من عقلية وموروث التبعية والتزلف..البعض يقول في ذاته، أنا السيد وانتم مجرد أتباع..أنا من أخرجكم من "قرقشة الفول" لصالح "أكل اللحمة"، والديمقراطية التي ستمنعنا عن "اللحمة" وترغمنا على شد الاحزمة فلا نريدها، ديمقراطيتنا تتبع الذي مَوّلها وراقبها وعَمِلَ ورشات عمل طويلة عريضة في "شرم الشيخ" لتشريع قانون إنتخابات عصري لها، وأي نتيجة بغير صالح ذلك المُمَوّل، فهي ليست منا ولا نحن منها..الجانب الآخر يرى بأن فوزه يؤهلة لاجراء تغيير جذري شامل يؤسس لمجتمع أيديولجي التفكير، ف "تغييره وإصلاحه" يعني عزل السابقين واتهامهم بأقبح الاتهامات، فهم الفاسدين، ونحن أيادينا نظيفه، ومُمَوّلَنا لا يضع شروط علينا سوى إستمرار المقاومة..التعميم ليس له علاقة بمفهوم الحرية والديمقراطية، والاتهام مكانه المحكمة ولا يُصبح نافذا بدون قرار بهذا الخصوص، يُسمح بالحديث ولكن لا يُسمح بالتجريح، يُسمح بالانتقاد ولكن لا يُسمح بالتخوين، ف "الكلمات الجميلة سريعة العطب ولذا لا يمكن لفظها كيفا اتفق" كما قالت الكاتبه "أحلام مستغانمي"..نحن نعيش في عصر القصور العقلي، عصر الاوصياء والتبعية، ولا سبيل لنا سوى الخروج للتنوير واعلان صرخة الفيلسوف الفرنسي "امانويل كانت" " إعملوا عقولكم أيها البشر، لتكن لكم الجرأة على إستخدام عقولكم، فلا تتواكلوا بعد اليوم ولا تستسلموا للكسل، تحركوا وانشطوا وانخرطوا في الحياة بشكل ايجابي متبصر..فالله زودكم بعقول ينبغي أن تستخدموها"، المُقدر والمكتوب ليس في وجود الحاكم ولا في نظرياته، إنها مسائل مرتبطه بوضع الشخص وحاله او بما يحدث في الطبيعة من ظواهر صعبة التفسير وليس للبشر يَدٌ فيها..النظام هو صنيعتنا إما إنتخابا او بفرض أمر الواقع، والاثنان معا او بشكلٍ منفرد لنا يَدٌ أساسية فيها، فاذا كنا شجعانا واستخدمنا عقولنا..نظرنا لأنفسنا وليس لجيوبنا..سنتجاوز حتما عصر ظَلامنا وظُلمَنا. استوقفتني بعض الاحاديث يوم "حرية الصحافة" أثناء الحفلة التي اقامتها مشكورة شبكة "أمين للاعلام"، فقد حضر بشكل مفاجيء الدكتور "سلام فياض" رئيس الوزراء ، وكان هناك لقاء حميم بينه وبين مختلف الصحفيين، وقد تحدى أن يكون هناك إعتقالات بسبب مواقف صحفية او بسبب مقالات نشرت، وأن أي إعتقال جرى أو يجري يكون لأسباب أمنية جنائية مخالفة للقانون، وهذا شيء جميل، وعلى جميع الصحفيين التحقق منه بشكل جدي، فالمشكلة التي تعاني منها الصحافة الفلسطينية ليست في المقالات ولا فيما يُنشر، وانما لا يوجد تحقيقات صحفية حقيقية يتم نشرها، وصحافتنا لا تزال قاصر على أن تكشف شيء او تُشكل ما يعرف بالسلطة الرابعة، وهناك رقابة ذاتية يمارسها كل صحفي على نفسه، بل كما يبدو تَعَوّد عليها منذ الاحتلال المستمر لغاية الآن..بدون تحقيقات صحفية مهنية وعميقه قادرة على كشف المستور في المجتمع والمؤسسة، ستبقى الصحافة عاجزة عن تشكيل يَدٍ طولى في أركان النظام والمؤسسة، ولن تستطيع تشكيل تراث حقيقي يؤسس لشفافية وتطوير للقيم ومحاربة لكل المظاهر التي تُغرق صالوناتنا حديثا وهمسا..وجود الاحتلال ليس سببا لعدم الكشف عن الامراض النفسية والاجتماعية التي نعاني منها، بل عدم كشفها يؤسس لبقاء الاحتلال لفترة أطول وتُعطيه المجال لاستغلالها فرديا ومجتمعيا..على الصحافة أن تكشف كل شيء بموضوعية ووفقا للقانون، وعلى مؤسسات المجتمع المدني ان تتحول لمفهوم المؤسسة التي تُنذر وتُعلن عن الامراض، وتشكيل لوبي من الطرفين ضاغط بهذا الاتجاه وفي ظل رئيس وزراء مستعد لتقبل ذلك، لا بدَّ من القيام به وبشكل سريع، خاصة في ظل تغييب قَسّري للمجلس التشريعي، وغياب طوعي للنخب المثقفه، وتوهان لليسار الديمقراطي، والعيش في الاوهام والاحلام للمؤسسة السياسية. لا المفاوضات ولا الممانعة والمقاومة قادرة على فعل شيء لصالح الانسان الفلسطيني أينما وجد بدون فعل موحد..بدون الاتفاق على مرجعية واحدة، في ظل نظام وقانون وبرنامج يُجمع عليه الجميع...وثيقة "الاستقلال" عام 1988، ووثيقة الوفاق والاتفاق "وثيقة الاسرى"، واتفاق "القاهرة" عام 2005، وما توصلت له القوى في "القاهرة" عام 2009، كلها قادرة على ان تُشكل بمجموعها أسس عملية ونظرية لتشكيل نظام سياسي فلسطيني جديد قادر على مواجهة مختلف التحديات، وبدون ذلك فكل ما نفعله هو طحن في الهواء، وسنخسر ليس المفاوضات والمقاومة، بل سنخسر الامكانية القائمة والممكنة دوليا واقليميا في قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران كحد أدنى، وسيستمر الصراع القائم بين "قرقشة الفول" و "أكل اللحمة"، و"إم وليد" الذي هدم الاحتلال بيتها أربع مرات وهو في "غزة" على الارض وفي خارجها من الجو عندما إنسحب وحاصرها وأعادت بناءه، وفقا لِ "ربعي المدهون" في روايته الرائعة "السيدة من تل ابيب"، سوف تعيد بناء بيتها للمرة الخامسة إذا ما استمر الحال، فهل هناك مُستجيب؟!! وهل على هذه الارض من هو قادر على الصراخ ويكون شجاعا ويستخدم عقله، فالاشياء التي انتظرناها طويلا أخذت قيمتها ونحن بحاجة لمن يعيدنا اليها، ام سيبقى الذي هنا خائف من الذي هناك والعكس صحيح...حينها سيضيع الذي هنا والذي هناك، وتذكروا قصة مجاري "جباليا" و"بيت لاهيا" التي ذكرها الكاتب الفلسطيني "ربعي المدهون" في قصته أعلاه، فقد رفضت السلطة بيع مية المجاري لليهود لانها مجاري وطنية، أرادت هي تكريرها مثل الدول الكبرى، وبعد ذلك ماذا حدث، راحت السلطة من غزة وبقى أل.. .