خبر : فلسطين...بين المقاومة المسلحة ....والمقاومة الناعمة..!! .. بقلم: عماد عفانه

السبت 24 أبريل 2010 11:35 ص / بتوقيت القدس +2GMT
فلسطين...بين المقاومة المسلحة ....والمقاومة الناعمة..!! .. بقلم: عماد عفانه



 لا يكاد يختلف اثنان على أن فلسطين اغتصبت بقوة السلاح وبنجاح اليهود في وضع خطة محكمة ومتدرجة جندت لتنفيذها كل ما يلزم من إمكانات مادية وبشرية ذاتية وخارجية، وشراء ذمم ملوك ورؤساء وخداع شعوب واغتيال وإزالة كافة العقبات البشرية والمادية. كما بات المثل القائل "أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة"  شعار لكثير من أبناء شعبنا وقواه كما لكثير من أحرار العالم. رغم ذلك فان فياض رئيس حكومة المال الغربي في الضفة المحتلة شق لنفسه طريقا آخر غير الطريقين اللذين اشتقتهما عدد من الفصائل. فحركة فتح ومعها بعد الفصائل الصغيرة اشتقت لنفسها منذ ستينيات القرن الماضي طريق الثورة والكفاح المسلح استمرارا لانتفاضات شعبنا وثوراته منذ ثلاثينيات القرن الماضي. إلا أن حركة فتح ومعها بعض الفصائل الصغيرة ارتضت لنفسها في أوسلو طريقا آخر وهو طريق السلام الاستراتيجي مع المحتل، وخيار المفاوضات كنهج حياة لتحصيل الحقوق والتعايش مع المحتل. فيما بقي فريق آخر من الفصائل متمسكا بخيار المقاومة المسلحة طريقا استراتيجيا لتحصيل الحقوق، عملا بالنتيجة التي خلص إليها الكثير من مفكري وعقلاء العالم والذين كان آخرهم "محمد البرادعي" الذي قال " أن إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة". ومع تصادم الخيارين، خيار السلام الاستراتيجي والحياة مفاوضات، مع خيار المقاومة المسلحة وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، برز طريق ثالث برز على رأسه في الانتخابات التشريعية الأخيرة 2006م سلام فياض الذي كان من اسمه لطريقه نصيب. وقد بنا فياض طريقه الثالث على مبدأ من كل بستان زهرة، فمن بستان خيار المقاومة قطف فياض زهرة المقاومة، ومن بستان خيار السلام الاستراتيجي قطف فياض زهرة السلام، وعقد بينهما زواج عرفي بلا شهود فأنجبا مولودا مشوها مسخا سماه المقاومة السلمية. وبينما نسجت القوة الصهيونية وجرافاتها وبلدوزراتها في أرضنا ثوبا مطرزا بالمغتصبات والأنفاق والطرق الالتفافية وطوقته بالجدار العنصري. فان المقاومة السلمية لفياض تنجب لنا أرقاما قياسية للمسخن والحمص ، كما تنجب لنا آخر إصدار من الفلسطيني الجديد إنتاج مصانع ديتون- والمناسبة ديتون الملك غير المتوج للتعاون الأمني مع المحتل هو الذي يعمل لدى فياض وليس فياض المرهون بتزكية ديتون لاستمرار تدفق حنفية المال الملعون- تماما كما كان كلوب باشا يعمل لدى الملك الراحل حسين بن طلال، فجلب للجيوش العربية النصر في حرب تحرير فلسطين..!! قال لنا أجدادنا" اللي بجرب المجرب عقله مخرب"، وقد جرب شعبنا والعرب خيار السلام والمقاومة السلمية عشرات السنوات، فهل أزالت لنا حاجزا، أو منعت بناء مغتصبة، أو حررت لنا شبرا من ارض يصلح لإقامة دولة...!! فماذا نقول إذا عن الذين يضعون كل بيضهم الفاسد في سلة المقاومة السلمية أو المقاومة الشعبية، أو المقاومة الناعمة...! ماذا نقول عن  الذين يعتقدون أن رفع الرايات في وجه جنود الاحتلال ستصيبهم بالهلع ويهربون من ميدان المواجهة خوفا من قصف الرايات. ماذا نقول عن  الذين يتوهمون أن تقدم بعض المخنثين من الأجانب للمسيرات الشعبية ستشكل درعا واقيا لنا من رصاص يهود وغازاتهم السامة، وستجعلهم يرفعون الرايات البيضاء في الأمم المتحدة والانصياع للقرارات الدولية، وكأنهم لا يرون كيف سحقت جرافات المحتل راشيل كوري.!! ماذا نقول عن  الذين يتخيلون أن ترديد الشعارات في المسيرات السلمية أمام الجدار أو بعض حواجز الاحتلال ستصيب جنود الاحتلال بالصمم المؤدي لإخلاء مواقعهم وتسليمها طوعا وحبا للفلسطينيين خوفا من أن تسحقهم أصواتنا..!! يا هؤلاء إذا كان بقي في رؤوسكم بعض من عقول ألا ترون أن كيان العدو الذي يتسلح بأعتى الأسلحة الفتاكة ويوزع تهديداته شرقا وغربا يمضي بكل عزيمة وإصرار في خطته الممنهجة للاستيلاء على ما تبقى من فلسطيننا، وأنه لا يعبأ بكم ولا بسلامكم. يا هؤلاء نتوسل إليكم كفوا عن توفير مزيد من دخان المقاومة السلمية للعدو بينما يستمر هو في مخططاته على حساب حقنا وأرضنا وعرضنا ومقدساتنا. يا هؤلاء إن مقاومتكم السلمية ما هي في الحقيقة إلا مقاومة سلبية بل مقاومة مجرمة إذا كانت تعني: -          استمرار عصابات ديتون في اختطاف المقاومين وزجهم في زنازين المقاطعة. -          وإذا كانت تعني انتظار الأسرى الذين ينهون يفرج عنهم المحتل على الحواجز لزجهم مرة أخرى في الزنازين، ولكنها زنازين المقاطعة الظلامية هذه المرة. -         وإذا كانت تعني تجريم المقاومة المسلحة وادانة أي عملية تقوم بها ضد المحتل ومغتصباته في أرضنا. ولكي نكون واضحين نحن مع مقاومة شعبية بالحجر والمولوتوف والمقليعة، مقاومة تساند وتعضد وتعزز المقاومة المسلحة وليس بديلا عنها. شعبنا المجاهد الحر يا سادة مع المقاومة الشاملة كل حسب دوره وإمكاناته، فالمقاومة المسلحة لها دورها وجبهاتها وطرقها الخاصة، ويجب أن يكون للمقاومة الشعبية دورها المساند والمعضد وأن تسهم في إعطاء كل شرائح شعبنا دورها الوطني الواجب عليها حيال العدو المحتل. فالمقاومة يا سادة في النهاية ثقافة وسلوك ومنهج حياة، وهذا ما نريده. لكن ما لا نريده هو المقاومة السلمية السلبية المجرمة التي توفر للعدو غطاء لممارسة جرائمه بحقنا. رحمك الله يا أبا عمار فقد كنت ممن يجيدون الإمساك بكل الخيوط في آن واحد، فعرفات وان وقع على أوسلو بكل التزاماتها الأمنية المخجلة، إلا أنه تخلى عن خيار المفاوضات وعن التعاون الأمني مع المحتل عندما شعر بحجم الخديعة التي وقع فيها، وذهب نحو خيار المقاومة الشعبية تارة وخيار المقاومة المسلحة تارة أخرى.  وهذا يا سادة السر في إصرار المحتل على القضاء على عرفات لصالح فريق آخر – فريق عباس وفتح بعد بيت لحم- الذي ارتضى لنفسه الذهاب في خيار المفاوضات والتعاون الأمني مع المحتل حتى النهاية، وأن البديل عن خيار المفاوضات هو دولة فياض التي تسقط حق العودة والقدس عاصمة وتتعايش مع المحتل ومغتصباته والواقع الذي يفرضه في الضفة.  ومع ذلك نبشرهم أنهم لم يحصدوا أي نتيجة لا للمفاوضات ولا للسراب الذي يسميه فياض بالدولة، لأن المشهد العام في هذه المنطقة يسير باتجاه المواجه  الشاملة وليس باتجاه الحلول المؤقتة أو التخديرية. لذلك نتوجه إلى الجميع بأن يكونوا وتدا مزروعا في عمق الأرض كي لا تقتلعها الأعاصير التي تهدد باجتياح المنطقة بأكملها.