لا تحتاج الطرق الملتوية لذرائع أو غطاء عربي لتسويغها أو إضفاء طابع الشرعية المزيفة عليها، وهكذا هي عودة المفاوضات مع العدو الإسرائيلي دون ضمانات أو وقف الاستيطان. والحال أن لجنة المتابعة العربية المنبثقة عن الجامعة العربية اتخذت قراراً بالموافقة على عودة المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل لمدة أربعة شهور، وقد عارضته سورية بقوة، وقال وليد المعلم وزير الخارجية السوري أنه ليس من صلاحيات اللجنة بينما رحبت إسرائيل بالقرار . قبل عدة أسابيع أخذ المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية قراراً يدعم توجه الرئيس محمود عباس لوقف المفوضات مع العدو طالما استمر الاستيطان وتهويد القدس ورفض أي مرجعية شرعية للمفاوضات، وقد حظي الموقف الجديد بتأييد الشارع الفلسطيني وكافة الفصائل الوطنية ومنظمات المجتمع المدني رغم تشكيك الكثيرين في مبدأية موقف السلطة في رام الله تجاه قضية من أهم القضايا المطروحة للنقاش في أوساط الشعب الفلسطيني وقواه الحية، واعتبر القرار مهماً لعودة الوحدة الوطنية والمصالحة الداخلية بين فتح وحماس. وفي رأي الكتاب والمفكرين الفلسطينيين وفصائل المقاومة أن العودة المباشرة أو غير المباشرة للمفاوضات تشكل بالنسبة لإسرائيل ومؤازريها غطاءً لمواقف وسياسات خطيرة تفقدنا المزيد من الأوراق والمصداقية، خاصة وأن الدعوة للمفاوضات تأتي من أمريكا بناءً على طلب إسرائيل. إن القيادة الفلسطينية ترتكب خطأ فادحاً بحصولها على قرار من الجامعة العربية بالعودة لهذه المفاوضات من حيث المبدأ ذلك أن قضية الأرض والاستيطان لا اجتهاد فيها وتمثل شأناً فلسطينياً خالصاً، ولا إمكانية لعملية سلام لا يلتزم فيها أحد الأطراف بمرجعيتها، أو تقديم أي دليل على رغبته في السلام، ويمارس على الأرض كل ما من شأنه تدمير السلام، ويبتلع الأرض التي سيتم التفاوض بشأنها. إن موقف رفض المفاوضات ليس مجرد شعارات ترفع أو تكتيك يمارس في هذه الحالة بل موقف لايمكن بناء أية أسس سياسية ناظمة لمسيرتنا النضالية من دونه، والتجربة دللت على ذلك، كما أنه يمثل مقدمة ضرورية للاتفاق على برنامج وطني تستعاد بموجبه الأراضي التي احتلت عام 67 بالحد الأدنى. الموقف العربي في لجنة المتابعة متوقع ومفهوم، لأن هؤلاء لا يملكون القدرة على رفض الطلبات الأمريكية إن لم نقل الأوامر، كما لا يملكون بدائل جدية للوقوف بجانب أشقائهم، ولأن أغلبية العرب يوافقون على ما يعتبروه رغبة فلسطينية، وبعضهم يزعم أنه لا يريد وضع عراقيل في طريق اختاره الفلسطينيون وحاله يقول أنني عاجز فاذهبوا لتدبر أمركم. كان الأفضل للسلطة الفلسطينية اللجوء لأشقائها داخل منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل المقاومة ومنها حماس والجهاد لحماية نفسها من الضغوط الأمريكية الإسرائيلية بدل هكذا قرار يقدم للعدو كل مبررات تعنته واستمراره في الاستيطان وتهويد القدس وإبقاء الحصار على شعبنا، وبدل موافقة عربية في غير مكانها ولا زمانها. السلطة الفلسطينية في رام الله وضعت نفسها بين قوسي المفاوضات أو إعلان الفشل فاختارت المفاوضات، والشعب الفلسطيني سيدفع ثمناً باهظاً لها في المستقبل المنظور. لقد ضيعت السلطة الفلسطينية فرصة ثمينة لإعادة الوحدة الوطنية وتعديل ميزان القوى مع العدو لفرض رؤية فلسطينية موزونة لمسيرة السلام والمفاوضات، ولفتح خيارات أخرى أمام الشعب الفلسطيني والعربي تجاه صلف العدو وعنجهيته. يزعم بعضهم من العرب وغيرهم أن الفلسطينيين يضيعون باستمرار فرص السلام وعروضه "الطيبة"، و السلطة الفلسطينية تضيع اليوم فرصة الفلسطينيين في تعديل مسار طويل من العبث والفشل لاستعادة وحدتهم وحيويتهم على كل الأصعدة...... فوا أسفاه. Zead51@hotmail.com