خبر : حتى لا يتم اسر الخيار الديمقراطي لشعبنا ... بقلم : محسن أبو رمضان

الثلاثاء 23 فبراير 2010 02:59 م / بتوقيت القدس +2GMT
حتى لا يتم اسر الخيار الديمقراطي لشعبنا ... بقلم : محسن أبو رمضان



  حالة الاحتقان والتوتر والاقتتال ثم الانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني عمق من التدهور السياسي والحقوقي والاجتماعي بالمجتمع الفلسطيني ، فقد اصحبنا أمام كيانين وسلطتين في ظل استمرارية سيطرة الاحتلال و تغذيته لحالة الانقسام والتشاحن بهدف الاستفراد في غزة عبر الحصار وأعمال التوغل والاغتيال والعدوان المستمر، وبالضفة عبر الاستيطان وتهويد القدس وضم المقدسات كما تم مؤخراً بالخليل واستكمال بناء الجدار بهدف إقامة نظام متكامل من الاستعمار الكولنيالي المترابط مع آليات منهجية من التمييز العنصري .لقد أدى الانقسام إلى نتائج كارثية على المسيرة الوطنية الفلسطينية وأضعف من مكانة القضية الوطنية عربياً ودولياً وبرز شعبنا بأنه لا يستحق الجدارة في تقرير المصير وفي إدارة شؤون الحكم وأبدعت القوتين الرئيسيتين المتنافستين في كيل الاتهامات المتبادلة وفي التضييق على مساحة الحرية الأمر الذي انعكس بالسلب على حالة حقوق الإنسان في بلادنا عبر الاعتقالات      السياسية وإغلاق الجمعيات الأهلية والقيود على الحق بالتجمع السلمي ومنع حرية النشر والتعبير، حيث يجرى ذلك بين حكومتي رام الله وغزة في تنافس حاد قاعدته السيطرة والنفوذ في ظل غياب الرؤية الوطنية الموحدة وفي إطار إمعان الاحتلال بمخططاته وممارساته التي ترتقي إلى مصاف جرائم الحرب كما يوضح ذلك تقرير غولدستون .وبالوقت الذي اثر الانقسام على حالة الحريات العامة وأوضاع حقوق الإنسان فقد اتخذ كذريعة لتجميد ملف إعادة الاعمار، رغم الوعود التي أطلقها مؤتمر شرم الشيخ في فبراير/2009 والذي حدد به المانحون مبلغ 4.5 مليار دولار لم يصل منها دولاراً واحداً إلى الآن تحت مبرر غياب المرجعية الحكومية أو المهنية المعترف بها من قبل المجتمع الدولي في ظل شروطاً مجحفة تشكل استهتار بدماء شعنا وتعدياً صارخاً على القانون الدولي .تبدأ أزمة أي شعب عندما يقدم المصالح الفئوية السياسية والعشائرية على المصلحة الوطنية وعندما تحدث حالة الانقسام والتشرذم وعندما يتم تقديم الخصم السياسي الداخلي باعتباره العدو المركزي ، وعندما تمارس السلطة بحق المواطنين أدوات من الإكراه والسيطرة بدلاً من حماية أمن المواطن وتمكينه وتعزيز مقومات صموده في مواجهة العدوان الممارس من قبل الاحتلال ، حيث أن عناصر الأزمة بتفاصيلها تنطبق على الحالة الفلسطينية بامتياز .إن العديد من القضايا المصيرية معلقة برسم المصالحة التي أصبحت تبتعد شيئاً فشيئاً عن الإمكانية الواقعية بسبب التدخلات الخارجية وضعف تأثير العوامل المحلية وزيادة تأثير العوامل الخارجية سواءً الإقليمية أو الدولية ، الأمر الذي اضعف من استقلالية القرار بدد من طبيعة البوصلة الوطنية والمستندة إلى حقوق شعبنا ومصالحه وليس لأية مصالح أخرى .أعتقد انه آن الأوان لزيادة ثقل التحركات الشعبية وذلك عبر حشد كافة القوى والفاعليات السياسية والاجتماعية المتضررة من حالة الانقسام وأثره المدمر على وحدة النسيج الاجتماعي كما هو على المسار الديمقراطي والمسيرة الوطنية لشعبنا .كما بات من الضروري قيام منظمات المجتمع المدني بصياغة خطة عمل قابلة للتنفيذ بهدف التأثير بالرأي العام وبصناع القرار بهدف إنهاء ملف الانقسام والعمل الفوري على استعادة الوحدة الوطنية .وإذا كان من المبرر إرجاء إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني في ظل حالة الانقسام وغياب التوافق الوطني فعلينا التفكير بحلول ومقترحات خلاقة تساعد على وحدة الموقف الفلسطيني وعبر آليات الفعل الديمقراطي، حيث أن إطلاق حملة تدعو لانتخابات شاملة لمؤسسات السلطة والمنظمة بات ضروري وملح وذلك بهدف إعادة الاعتبار لرأي المواطن الذي يتعرض لمصادرة حقوقه عبر استمرارية المؤسسات الرسمية المختلفة بالعمل في إطار يتجاوز الشرعية الشعبية والولاية الزمنية المحددة دستورياً .على القوى الفاعلة من منظمات أهلية وحقوقية وسياسية الشروع بتعبئة الرأي العام بأهمية الانتخابات بوصفها مصدراً للشرعية وأداة للمشاركة ووسيلة للمسائلة والمحاسبة وذلك من أجل إعادة بناء المؤسسة الوطنية الفلسطينية الجامعة بالوطن وليس بجزء منه على أسس وطنية وديمقراطية .وإذا كان مقبولاً تأجيل موعد الانتخابات مرة واحدة تحت مبررات الإجماع الوطني ، فليس معقولاُ ان يتم اسر الخيار الديمقراطي إلى الأبد، بل بالعكس من ذلك فإن تفعيل الخيار الديمقراطي والانتخابي ربما يشكل رافعة لإعادة بناء المؤسسة الوطنية الفلسطينية على قاعدة ديمقراطية وفق آلية المشاركة وبالرجوع إلى إرادة المواطنين الحرة .لقد حددت ورقة المصالحة المصرية يوم 28/6/2010 موعداً لإجراء الانتخابات وبالتالي فإن الحملة المطلوب تفعليها من قبل منظمات المجتمع المدني والقوى السياسية يمكن ان تختار هذا الموعد والذي يحظى على شبه إجماع وطني كيوم لإجراء الانتخابات العامة سواءً التشريعية أو الرئاسية أو للمجلس الوطني .وإذا اختلف طرفي التنافس الفلسطيني بالعديد من القضايا فيمكن الاتفاق على العودة إلى صندوق الاقتراع وذلك تحت إشراف دولي وعربي، ومحلي يضمن شفافية ونزاهة الانتخابات كما يضمن مبدأ احترام نتائجها وآلية تحقيق التداول السلمي للسلطة ،ما دون ذلك فسنبقى في دائرة الفعل ورد الفعل وستستمر حالة الاستنزاف الداخلي .